العدد 28 - نوفمبر/تشرين الثاني 2025

31 |

لترســيخ سلطته، وضمان اســتقلال قطر عن غيرها من الكيانات السياسية المجاورة (الســعودية والبحريــن وأبو ظبي) وعن الهيمنة البريطانيــة التي تخيم على المنطقة. كان حليفًًا للدولة " وقد وصف المؤرخ، محمود بهجت ســنان، الشــيخ جاســم بأنه العثمانية، بخلاف والده الذي تحالف مع بريطانيا بموجب المعاهدة الموقََّعة من قِِبََله شـ ُِّق الأول من هذا القول المتعلق بتحالف الشــيخ جاسم مع � ). وال 53 ( " م 1868 عام تحالفًًا من الشيخ 1868 العثمانيين توصيف دقيق، أما الشق الثاني الذي عد اتفاقية عام محمد مع بريطانيا ففيه مبالغة؛ إذ غاية تلك المعاهدة -كما أوضحنا سلفًًا- كانت حل خلاف الشيخ محمد بن ثاني مع أمراء البحرين، والتزامه بعدم التدخل في صراعاتهم الداخلية، ولم يتضمن نص المعاهدة تحالفًًا -بمعنى الكلمة- مع البريطانيين. امتحان الوجبة العسير سـِر الأمور في علاقة الشــيخ جاســم بالعثمانيين على ما يرام دائمًًا. فقد كان � لم ت العرف السياســي السائد في الدولة العثمانية هو التعامل مع أطراف الدولة بكثير من المرونــة، ومنْْحها قدرًًا كبيرًًا من الاســتقلالية الذاتيــة، ما دامت تلك الأطراف مقر ََّة بالولاء العام للعثمانيين. والتزم العثمانيون بهذا النهج بشكل أشد مع المناطق النائية ا ًا التي لا يملكون الموارد للإنفاق عليها من ميزانية الدولة. وكان الشيخ جاسم رجل ثريًًّا بمعايير عصره، وقد منح العثمانيين ولاءه السياســي دون أن يطالبهم براتب أو أعطيات باعتبار منصبه كقائمقام عثماني، رغم أن قطر في فترة حكمه لم تكن تملك موارد اقتصادية تُُذكر. كانت قطر من المناطق " فمن بين مناطق الدولة العثمانية على ساحل الخليج آنذاك ). ولذلك أعفاها العثمانيون من جميع الضرائب، باســتثناء الزكاة، 54 ( " ا الأقل دخلًا بوصفها واجبًًا دينيًًّا لا مناص منه. ولم تكن الدولة العثمانية نفســها في وضع مالي جيد آنذاك، ولا كانت تملك القدرة أو الإرادة لإنفاق أموال في قطر، فكان الشــيخ جاسم يتولى منصب القائمقامية العثمانية تطوعًًا، وينفق من ماله الخاص على نفسه وعلى شؤون أهل قطر، دون تكليف الخزينة العثمانية شيئًًا. وقــد جرى العــرف في علاقة قطر بالعثمانيين أن تكون للعثمانيين حامية عســكرية ومستشــار لحاكم قطر، دون تدخل مباشر منهم في الشأن الداخلي القطري. ويمكن

Made with FlippingBook Online newsletter