العدد 28 - نوفمبر/تشرين الثاني 2025

| 34

يكون في قوله مبالغة؛ فالشــيخ جاســم لم يمنع العثمانيين من بناء ســلطة فعالة في ا تكون تلك الســلطة على حســاب استقلال قراره الداخلي. قطر، وإنما أصر على أل َّا ولا تناقض في ذلك، فالعرف السياســي الســائد في تعامل الدولة العثمانية مع بعض أطرافهــا بســماحة ومرونة لا ينافي بالضرورة قوة الــولاء للدولة، أو عدم حضورها الفعال، وإنما يعني أحيانًًا أن العلاقة بين المركز والأطراف علاقة مشــاركة لا تبعية. وهو أمر شــائع في تاريخ الإمبراطوريات الفســيحة الأرجاء، وفي الدول الفيدرالية المعاصرة. وليست علاقة الشيخ جاسم بالعثمانيين استثناء من ذلك. فلم يكن ســوء التفاهم الخطير التي انتهى بمعركة الوجبة بســبب منع الشيخ جاسم للعثمانيين من بســط ســلطتهم على قطر، وهي السلطة التي استدعاها بنفسه ورح ََّب بها، بل كان بسبب اليد الثقيلة التي تعامل بها الوالي العثماني على البصرة مع قطر ، وما تلاها من مفاوضات سياسية 1893 والقطريين. وقد أوضحت معركة الوجبة، عام أِأن يصله للمحافظة على الحكم الذاتي واستقلال أي مدى كان الشيخ جاسم مستعد ًًّا ل القرار داخل قطر. لكنها برهنت أيض ًًا على أن ولاءه للخلافة العثمانية لم يتزعزع قط، رغم الخلافات مع واليها في البصرة التي وصلت حد الاقتتال. وقد أوضح الشيخ جاسم في مراسلاته مع الباب العالي أن قتاله للجنود العثمانيين لم ا للولاء إلى أعدائها البريطانيين، يكــن خروج ًًا على طاعة الدولة العثمانية، أو تحويلًا ). واقتنع 58 بــل كان دفاعًًا عن النفس والأهل ضد تعســف والي البصــرة العثماني( الســلطان عبــد الحميد بهذا التفســير للأمور، وتعامل مع الأزمــة بإنصاف وحكمة )، وتحميل مسؤولية ما 59 وذكاء إســتراتيجي، فقرر إبقاء الشيخ جاســم في منصبه( حدث لوالي البصرة وعزله. وكانت هذه هي المرة الثانية التي يعزل فيها العثمانيون ا لهم مراعاة لعلاقاتهم مع الشــيخ جاسم، فقبل معركة الوجبة وعزل الوالي مســؤول ًا ، متصرِِّف نجد بعد خلاف بينه 1885 حافظ باشــا بســنوات، عزل العثمانيون، عام ). وبقي الشيخ جاسم على ولائه للدولة العثمانية إلى نهاية حياته، 60 والشيخ جاسم( .) 61 ( " يظل الجنود العثمانيون في قطر " وضمََّن وصيته أن العلاقات مع العثمانيين تصدََّعت فقط حينما أصبح واضح ًًا " وقد زعم فرومهيرز أن للشــيخ جاسم أن العثمانيين مهتمون بمنع ســيطرة البريطانيين [على قطر] أكثر من ). وهذه نظرة تبســيطية لعلاقة الشــيخ جاســم 62 ( " اهتمامهم بتأمين مصالح آل ثاني

Made with FlippingBook Online newsletter