العدد 28 - نوفمبر/تشرين الثاني 2025

49 |

تمهيد حد ََّد النظام الاقتصادي الدولي الذي أعقب الحرب العالمية الثانية، والذي انبثق عن ، هدفه الأســاس في تحقيق اســتقرار النظام المالي 1944 اتفاقيــة بريتن وودز، عام العالمــي وتشــجيع إنماء التجارة الدولية. لهذا اتجهــت كل المنظمات والاتفاقيات الدوليــة التي انبثقت عن هذا النظام، ســواء النقديــة أو التجارية، في جوهرها، نحو تخفيف القيود على حركة رؤوس الأموال والتجارة الدولية. أي إن الأصل في النظام الاقتصادي الدولي بعد الحرب العالمية الثانية، الذي أسهمت الولايات المتحدة في إنشــائه، هو الحرية الاقتصادية، حتى أصبح من الشائع اعتبار كل السياسات المقيِِّدة أو المعيقة للتدفقات المالية أو السلعية سياسات متعارضة مع جوهر وآلية هذا النظام. وقد يكون لظروف الحرب الباردة وانقســام العالم إلى معســكر اشــتراكي ومعسكر ليبرالي مبررات لنشــوء بيئة تبيح الممارســات المقيِِّدة لحركة رأس المال والتجارة الدولية، واســتخدام أدوات السياســة التجارية المؤثرة في تدفقات التجارة الدولية. إلا أن تجاوز مرحلة الحرب الباردة والتحول إلى القطبية الأحادية عزز من دعوات الحرية التجارية، وأعطى دفعة قوية لمنظمة التجارة العالمية لممارسة دورها الدولي في تعزيز حرية تدفق السلع والخدمات على المستوى الدولي، حتى وصل الأمر إلى أن تسابق الكثير من الدول النامية إلى الانضمام إلى هذه المنظمة وتبني الدعوة إلى حرية التجارة، وإن لم تكن هذه الحرية في الغالب موافقة لظروف تلك البلدان، سواء من حيث مســتوى الطاقة الإنتاجية أو القدرة على التنافس في ظل الحرية الواســعة للتجارة الدولية. على العموم، في تقديرنا أن المحافظة على جوهر النظام الاقتصادي الدولي، والمتمثل في حرية حركة الســلع ورؤوس الأموال، كانت الســبب الرئيس في تجنب أزمات اقتصادية عالمية حادة كان يمكن أن تهدد السلم والاستقرار العالميين؛ منطلقين في اعتقادنا هذا من قناعتنا الراســخة بوجود علاقة وثيقة بين القيود والحروب التجارية وبين الأزمات الاقتصادية الدولية. اليوم، يقف العالم على مشــارف تحد اقتصادي كبير يهدد الأســس الأصيلة للنظام الاقتصادي العالمي، يتمثل فيما أعلنته الولايات المتحدة الأميركية من فرض رسوم

Made with FlippingBook Online newsletter