العدد 28 - نوفمبر/تشرين الثاني 2025

| 66

6 . إعادة رســم الخارطة الاســتثمارية: لتقليل ضغوط الآثار غير المباشــرة للرسوم الجمركية، يتعين إعادة رســم اتجاهات الخارطة الاســتثمارية عبر المواءمة بين المصالح المالية والسياســية. فعلى الرغم من توســع اســتثمارات دول مجلس التعــاون في الولايــات المتحدة، خصوصًا في مجــالات المصافي والألومنيوم والذكاء الاصطناعي، تُظهِر المؤشرات أن الذكاء الاصطناعي يشكِّل مجال تركيز رئيســيًّا في دول المجلس، مع شراكات واستثمارات كبيرة مع شركات أميركية. وقد أعلنت مجموعة داماك، التي تتخذ من دبي مقرًّا لها، عن استثمار مخطَّط لا مليار دولار لبناء مراكز بيانات جديدة في الولايات المتحدة، بهدف 20 يقل عن توفير بنية تحتية أفضل لدعم الموجة التالية من التوســع في الحوســبة السحابية والذكاء الاصطناعي. وفي تقديرنا، فإن الاســتمرار في هذه التوجهات من شــأنه أن يعزِّز فرص دول مجلس التعاون في تقليص الآثار السلبية للرسوم الجمركية الأميركية. خاتمة تُُظهر هذه الدراسة أن سياسة الإدارة الأميركية القائمة على فرض الرسوم الجمركية لمعالجــة العجز التجاري أهملت جانب ميزان الخدمات الذي يشــك ِِّل فائض ًًا مهم ًّّا للولايــات المتحــدة، وهو فائض مهــد ََّد بالانكماش في حال تعــرُُّض الاقتصادات الأخرى لاضطرابات ناجمة عن هذه السياســة. كما يتضح أن المبررات الاقتصادية التي تســوقها واشــنطن لا تكفي لتبرير خطواتها؛ إذ لم تأخذ في الاعتبار المخاطر البديلة، ولاســيما فرض رســوم مضادة من قبل الشــركاء التجاريين الرئيسيين مثل الصين، وهو ما يعرِِّض الاقتصاد الأميركي ذاته لضغوط متزايدة. أما على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، فيتضح أن القدرة على إدارة الآثار المباشرة للرسوم الجمركية لا تعني الحصانة من التداعيات غير المباشرة، خصوص ًًا فيمــا يتعلــق بصادرات الطاقة؛ ذلك أن اســتخدام الولايات المتحدة للرســوم أداة للاســتحواذ على حصص ســوقية في أوروبا وآسيا من شأنه أن يفرض منافسة أشد على صادرات المنطقة. وفي هذا الســياق، تُُعد التكتلات الاقتصادية وتعزيز التعاون الإقليمي أدوات ضرورية لمواجهة الحماية التجارية، وهو ما يستدعي إعادة النظر في إستراتيجيات التعاون المشترك وآليات التكامل الاقتصادي.

Made with FlippingBook Online newsletter