| 76
نطــاق التعريف، للتأكيد على أن الإقليمية لا تقتصر على البعد الجغرافي فحســب، ). ورغم أن التجاور 16 بــل تشــمل أيض ًًا عوامل أخرى تعزز من مدلولهــا الحقيقي( الجغرافــي يُُعــد عنصــرًًا مهم ًّّا في تكوين المنظمــات الإقليمية، فإنــه ليس العامل الوحيد، حيث تتطلب هذه الرابطة توافر روابط ثقافية وتاريخية مشــتركة بين الدول المجاورة؛ مما يمنحها دافعًًا واضح ًًا لتشــكيل منظمة دولية إقليمية تعكس مصالحها .) 17 المشتركة( غير أن هذا التفســير للإقليمية واجه تحديات؛ إذ رأى بعضهم أن الجوار الجغرافي والروابط الثقافية والتاريخية ليست كافية لتعريف الإقليمية في الإطار التنظيمي الدولي. ا ، تجاور إيران الدول العربية وترتبط بثقافة عربية-فارســية وتســتخدم الأبجدية فمثل ًا )، وينطبق 18 العربية، وهي دولة إسلامية، لكنها ليست جزءًًا من جامعة الدول العربية( الأمر ذاته على تركيا. كما أن تشاد، التي تقع بين ليبيا والسودان وتعد اللغة العربية إحــدى لغاتها الرســمية، لم تصبح جزءًًا من هذا التكتل. بهــذا، فإن الاعتماد على الجــوار الجغرافي والروابط الثقافية وحدها لا يمثــل معيارًًا كافيًًا لتعريف الإقليمية .) 19 في سياق المنظمات الدولية( في محاولة للخروج من هذا الجدل خلال مؤتمر ســان فرانسيســكو، جرى اقتراح ا في منطقــة جغرافية محددة، تعريــف للإقليميــة باعتبارها هيئــات دائمة تضم دولًا تجمع بينها روابط الجوار الجغرافي والمصالح المشتركة والتقارب الثقافي واللغوي والتاريخي والديني، وتعمل معًًا لحل النزاعات التي قد تنشــأ بينها؛ مما يســهم في ). غير 20 حفــظ الأمن والســلم الإقليمي وتعزيــز التنمية الاقتصاديــة والاجتماعية( أن هــذا التعريــف لم يحظ بقبول اللجنة المكلفة بصياغــة الفصل الثامن من ميثاق الأمم المتحدة، إذ اعتُُبر غير كاف لتغطية جميع الأشــكال التنظيمية التي قد تنشــأ في المســتقبل بين الدول. ونتيجة لذلك، ســعت اللجنة إلى توسيع المفهوم ليشمل كل التنظيمات التي تجمع بين الدول وفقًًا لمصالح خاصة، سواء كانت سياسية، أو اقتصادية، أو أمنية، أو أيديولوجية. من هذا المنطلق، يرى بعض الباحثين أن الإقليمية لا ينبغي أن تُُفهم باعتبارها مجرد انعكاس للجغرافيا أو الثقافة، بل بوصفها تعبيرًًا عن واقع سياســي تفرضه التطورات )، فالمنظمات الإقليمية لا تنشــأ بالضرورة بســبب التقارب الجغرافي أو 21 الدولية(
Made with FlippingBook Online newsletter