Shawati' Issue 71

المجلس

71 شواطئ

61

60

Shawati’ 71

Al Majlis - Forums of Exchange

بتلويــن أطــراف الأصابــع فقــط، كزخرفــة دقيقــة وناعمــة. أمّــا نقــش التيلــة، فيضــع نقطـة واحـدة فـي منتصـف اليـد، فـي حيـن يجسّــد نقــش الكــزوة شــكل حبّــة الكــزوة المنحنيــة، ليضفــي لمســة مســتوحاة مــن الطبيعــة إلــى البشــرة. بيــن كثافــة اللّــون ورقّــة التفصيــل، تتنــوّع رســومات الحنّــاء لتصبــح فنّــا قائمــا بحــد ذاتــه، لكنّهــا تظــل بجميـع أشـكالها، تعبيـرا خالـدا عـن التـراث الإماراتــي والخليجــيّ، وجــزءا مــن لغــة الجمــال فــي المنطقــة. فــي السّــعودية وســلطنة عُمــان، يُفضّــل نقـش القبضـة، فيمـا يزيّــن تصميـم الصّقعـة أيــادي النّســاء فــي الكويــت والبحريــن وقطـر. وفـي الجزائـر، يظـل نقـش القرصـة علامــة فارقــة ورمــزا للهويّــة، بينمــا فــي تونــس والمغــرب والجزائــر وموريتانيــا، تتحــوّل الأكــف والوجــوه إلــى صحائــف منمنمــة، تتزاحــم فيهــا الزّخــارف الدقيقــة حـول راحـات اليـد وحتـى محيـط العينيـن. وفــي مصــر والعــراق والأردن وفلســطين والســودان، تســود الأشــكال النباتيّــة والهندســيّة، تتخلّلهــا زخــارف مســتوحاة مــن الــورود. وفــي السّــعودية، تحمــل زخــارف الزّهــور المتقاطعــة مــع النقــوش الإســلاميّة مكانــة خاصّــة ومعنــى عميقــاً. إضافـــة إلـــى مـــا ســـبق، غالبـــا مـــا تتميّـــز نقـــوش حنّـــاء العـــروس فـــي المغـــرب بزخـــارف هندســـيّة كالأشـــكال الماســـيّة، أو النجـــوم الخماســـيّة، أو “الخمســـة” (يـــد فاطمـــة) التـــي تُســـتخدم لصـــد الشـــر وجلـــب البـــركات. وحتـــى فـــي المناســـبات العاديّــة، تحمــل النّقــوش البســيطة دلالات خاصّـــة؛ فقـــد ترســـم الصديقـــة علـــى يـــدك وردة “للفـــرح” أو دائـــرة “للحمايـــة” مـــع

الوفــرة والبهجــة والفخامــة، يبشّــر بأفــراح مقبلـة. إنهـا تذكيـر بـأن الحنّــاء، حتـى فـي الأدب الملــيء بالعجائــب، هــي أكثــر مــن مجــرّد صبغــة؛ إنّهــا جــزء لا يتجــزّأ مــن تــراث المجتمعــات وطقوســها العريقــة. وعبـر العالـم العربـيّ، لـم تكـن الحنّــاء يومـا مجــرّد زينــة، بــل لغــة حيّــة مــن الرمــوز، والألــوان، والنّقــوش. فهــي تُعــد شــجرة مباركــة ترمــز إلــى النقــاء، والخصوبــة، والصحّــة، والجمـال، ويمتـد تأثيرهـا حتـى فـي طقـوس الـوداع والمثـوى الأخيـر. ففي تونــس والجزائــر وموريتانيــا والسّــودان، تُســتخدم الحنّــاء لتزييــن أيــدي الرّاحليــن، خصوصــا صغــار الســنّ، كبركــة ودعــاء بفــرح أبــدي لا ينقطــع. فــي قطــر، تشــتهر كل منطقــة بنقوشــها المميّــزة، وزخارفهــا المتعانقــة، وتفاصيــل الزّهــور المتفتّحــة، حتــى إن فــن الحنّــاء بلــغ منزلــة شــعريّة هنـاك؛ مـع كتابـة أبيـات مـن الشّــعر بالحنّــاء فــي بعــض الأحيــان. فــــــي الإمـــــــــــارات والسعوديّـــــــــة وعُمــــــان والكويـت، تتألّــق الأيـدي بنقـوش تقليديّــة متوارثــة، تعبّــر عــن الهويّــة الثقافيّــة لــكل مــكان، وتعكــس رمزيّــة عميقــة وجمــالا متأصّــلا فــي الذاكــرة الشــعبيّة مثــل: الغمْســة، والقصّــة، والتيلــة، والرّوايــب. ففــي الإمــارات، علــى ســبيل المثــال، تُعــد بعـض نقـوش الحنّــاء الأكثـر شـهرةً، رمـوزا بقـدر مـا هـي تعابيـر عـن الجمـال. فــالغَمسة تغمـر اليـد كاملـةً، ظاهرهـا وباطنهـا، بطبقـة كثيفــة مــن الحنّــاء، لتتــرك لونــا قويّــا متجانســاً. أمّــا القصّــة فتُزيّــن الأصابــع ونصــف أو كامــل راحــة اليــد، فــي حيــن يشــكّل الشّــراع تصميمــا بســيطا وأنيقــا علـى شـكل مثلّــث. نقـش الرّوايـب يكتفـي

[T-B] Lawsonia inermis, also known as the henna tree, is a flowering plant and the sole species of the genus Lawsonia. It is the source of the dye henna used to dye skin, hair and fingernails, as well as fabrics including silk, wool and leather.

Henna designs have become an integral part of wedding ceremonies as a symbol of health and prosperity in the Middle East. © Aletihad Newspaper

كزهــرة مجفّفــة بيــن دفّتــي كتــاب، رقيقــة فــي حضورهــا، لكنّهــا ثابتــة فــي عطائهــا، تحمـل بيـن بتلاتهـا عبـق القـرون الماضيـة. ففــي حكايــة “الحمّــال والبنــات الثــلاث”، يمــر ذكــر الحنّــاء عابــراً، ولكنّــه عابــق بالمعنــى، منســوج فــي نســيج غنــي مــن التّفاصيـل التـي تحاكـي الحـواسّ. إذ تقـود امـرأة غامضـة الحمّــال عبـر أسـواق بغـداد، فتمــأ ســلتَّه بكنــوز مــن مختلــف أرجــاء العالــم العربــيّ: تفّــاح شــاميّ، وزنابــق دمشــقيّة، وليمــون مصــريّ، وياســمين وبينهــا، “أغصــان مــن شــجرة … وبنفســج الحنّــاء.” إن هــذه الإشــارة العابــرة للحنّــاء، ليســت عابــرة فــي دلالتهــا. فــأن يَــرِد ذكــر الحنّــاء مـع تلـك الفواكـه الغريبـة والأزهـار العطـرة، إنّمـا يعنـي أنّهـا جـزء أصيـل مـن لغـة التّــرف والجمــال. فحضورهــا لا يُوحــي بالزّينــة فحســب، بــل بطقــس مــن طقــوس الرقــي والأناقــة. ومثــل هــذه التّفاصيــل نــادرا مــا تأتــي مصادفــةً؛ فالحنّــاء هنــا هــي أشــبه بخيــط ينســاب فــي نســيج متــرف مــن

العصريــن الأمــوي والعبّاســيّ. ومــن أجمــل الروايـات التـي وصلتنـا قصّــة قطـر النّــدى، ابنــة الســلطان وحاكــم مصــر خمارويــه بــن أحمــد بــن طولــون. عُرفـــت قطـــر النّـــدى بذكائهـــا المتّقـــد، وجمالهـــا الجـــذّاب، وأخلاقهـــا الرّفيعـــة. للهجـــرة، تزوّجـــت مـــن 281 وفـــي عـــام الخليفـــة العبّاســـي المعتضـــد، فـــي حفـــل زفـــاف ضخـــم. يُـــروى أن زفافهـــا كان مـــن العظمــــــــــة بمـــكان، حتـــى صـــار مثـــالا يُضـــرب، وأن أســـواق مدينـــة القطائـــع أُفرغـــت كلّهـــا مـــن الحنّـــاء، ثـــم وُزّعـــت وبِيعَـــت علـــى مـــدى أربعيـــن ليلـــة متتاليـــة للعـذارى مـن نسـاء المدينـة. هـذا السّــخاء، ومـــا صاحبـــه مـــن فـــرح وغبطـــة، ألهـــم أغنيـــة شـــعبيّة ذاعـــت وانتشـــرت فـــي حينهـــا، وكانـــت كلماتهـــا كالتالـــي: “حِنَّة يا حِنَّة يا قطر النّدى يا شبّاك حبيبي، جلاّب الهوى.” وتطــل الحنّــاء أيضــا مــن صفحــات الحكايـات الشـيّقة فـي “ألـف ليلـة وليلـة”،

language of flowers, mignonette - reference to the hen- na plant - symbolises “moral and mental beauty.” The poem, penned by Mrs H. J. Woodman, is pure lyricism, unfurling like a fragrant bloom. It ties superbly to hen- na because it carries a beauty that goes beyond appear- ance, as it is valued not just for how it looks, but for the

Tulun. Celebrated for her intellect, beauty, and refined manners, she wed the Abbasid Caliph al-Mu‘tadid in 281 AH. Her wedding to the Abbasid Caliph Mu’tadid was so magnificent that a single, grand gesture became a part of folklore. For her wedding, every trader’s store in the city of Al-Qata’i was emptied of henna, which was then distributed and sold for forty consecutive nights to unmarried women across the city. This act of generosity and festivity inspired a famous song, which beautifully captured the moment: “Henna Oh Henna of Qatar Al-Nadi, the window of my darling, the bringer of love.” Henna rests within the pages of the ornamental tales of “One Thousand and One Nights” like a pressed flower, delicate yet enduring, holding the fragrance of ages past. In “The Story of the Porter and the La- dies of Baghdad”, henna makes a brief yet fragrant appearance, woven into a lushness of sensory detail. As a mysterious woman leads the porter through the markets, she fills his crate with treasures from across the Arab World - Syrian apples, Damascus water-lilies, Egyptian limes, jasmine, violets - and among them, “sprigs of the henna-tree”.

meaning and emotion it carries: “Beauty consists not in the sparkling eye, The damask cheek and lip, or forehead high; Not in the graceful form, or glistening hair, Or melody of voice! ah no! not there. But in the soul, which every glance displays, Basking forever in affection’s rays – Speaking in love’s soft tones, with sunlit smile, Which can an aching heart from wo beguile! It dwelleth there in majesty serene, Sweeter than music’s voice, or seraph’s dream.

Henna flourished in the Islamic era, gracing both the Umayyad and Abbasid periods, as reflected in storied accounts such as that of Qatar Al-Nadi, daughter of the Sultan and ruler of Egypt, Khamarawaih ibn Ahmad ibn

Henna artist Dr Azra Khamissa has become an Instagram sensation for her non-traditional spin on the ancient tradition of Henna. © Cheb Moha

Made with FlippingBook Digital Proposal Creator