.. النخلـة ٍٍالخالدة في اللسان خلودها في الذاكرة النخلة في اللسان الإماراتي: مفردات ومعان
ثراء مفرداتي وقد غدا للنخلة في دولة الإمارات العربية المتحدة ما يمثل معاجم للإلمام بعوالمها وثراء مفرداتها من مراحل نمو، وتعدد أنواع، واختلاف مسميات وألقاب ثمار، وأمراض، ومكانة في النفس، وأدوار تُُؤدى في حياة الإماراتي في غذائه وفي سكنه وفي صنع بعض حاجياته وأشيائه، وعلاقات خاصة بالحياة قديما وحديثاًً، لإعطائها حقها من الكتابة والحفظ تاريخا وحداثة، فهي في موروثنا الديني «العم ََّة»، إذ هي من طينة آدم عليه السلام، فلها حقها من التكريم اللائق بها وبمكانتها لدى إنسان الإمارات خاصة والخليج عامة. ولو أوجزنا بعضا من تقاليد زراعة النخلة لوقفنا على ثراء عوالمها ومفرداتها، فالنخلة الكبيرة تسمى «عوانة»، وينبت في عروقها مجموعة فسائل صغيرة، تسمى واحدتها «صرمة» أو «قطيعة»، وفي اللغة ص ََرََم الشيء بمعنى قطعه، فتقطع الصرمة من أمها «العوانة» المثمرة وتربط بـ «الليف» بعد قص قمة سعفها لتزرع في مكان آخر، ويحافظ على سقايتها المقننة بوعاء يسمى «المرقب» أربعين يوماًً، فإذا نشطت ونمت رفعوا عنها اللفة، بانتظارثمارها بعد ما يزيد على سنتين
خالد صالح ملكاوي الله - سبحانه وتعالى - شجرة النخل بفضائل كثيرة، حبا حيث كانت مصدر خير وبركة، ورد ذكرها في معظم الكتب السماوية المقدسة، وقد رافقت العرب في دارهم وفي البلاد التي فتحوها فكانت لهم خير نعمة، وتبوأت مكانة كبيرة في حضارتنا العربية والإسلامية. وفي دولة الإمارات العربية المتحدة ارتبطت بتراث إنسانها وتاريخه منذ آلاف السنين، لما لها من أهمية غذائية واقتصادية وحضارية وبيئية وجمالية، فسكنت وجدانه، وشغلت حي از كبي ار من ذاكرته الجمعية، لتبقى حاضرة في تعامله اليومي، كحضورها في الطبيعة، كي ينسج من حكايات علاقته بها مفردات تعتز جذورها بأصالة عروبتها، وتشمخ معانيها بالوشائج التي ما زال الإماراتي يتمسك بها، ويعيشها صوار متنوعة من الرعاية والاهتمام بهذا الرفيق الوفي ّّ. فللنخلة مع أهل الإمارات علاقة لا تنفصم عراها ولا تضعف وشائجها، إذ تمثل النخلة لهم رماز وطنيا ثقافياًً، كما هي لأهل الخليج العربي، فلولاها لما تمكّّنوا من التكيّّـف مع بيئتهم الصحراوية على مدى آلاف السنين، حيث أمدََّتهم ًًا بالغذاء وسبل الحياة وربطتهم بالأرض. وقد شغلت حي از كبير من ذاكرتهم الجمعية المشتركة، كرمز ديني، ورمز اجتماعي واقتصادي وجمالي، فهي حاضرة في التعامل اليومي مع مفردات الحياة، وهي حاضرة في الأدب والفن، كحضورها في الطبيعة، فتغز ََّل بها شعراؤهم، وصوروها بأبهى الصور الفنية، وتناولتها الأمثال الشعبية، واهتمت بها الفنون الحديثة والمعاصرة، نحتا وعمارة، كموضوعات لأعمال فنية وإنسانية، واسُتُلهم من شكلها أبرز أيقونات دبي المعمارية، مثل نخلة جبل علي،
ونخلة جميرا. وزيادة في اهتمام دولة الإمارات العربية المتحدة بالشجرة المباركة، عُُنيت الحكومة، ومختلف مؤسسات الدولة ذات الصلة، والمؤسسات العلمية والتراثية والتنموية بهذه الشجرة، فخ ُُصصت لها أكبر المعارض والجوائز رفيعة المستوى، وتقام المهرجانات الخاصة بالتمر سنويا وأهمها «مهرجان ليوا للرطب»، والذي له شقائق في غيرإمارة ومدينة. وخصصت للنخيل المؤتمرات والملتقيات، وأصدرت عنه الكثير من المؤلفات العلمية والفنية والأدبية، وكذلك اللغوية التي عنيت بمفردات الشجرة لتعزيزاستخدامها وصون الهوية اللغوية الشعبية المرتبطه بهذا الموروث الثقافي الأصيل.
وتُُحرث الأرض بـ «الهيس»، كما تسمد بالسماد الطبيعي من روث المواشي، أو السمك الصغير المسمى «القاشع». ولا بد من تلقيح النخل ليثمر، ويسمى «التنبيت»، فيؤخذ من طلع ذكر النخيل «الفحل» ويوضع على طلع الأنثى. وتبدأ مراحل نمو الثمر بالطلع، فإذا نما صار «خ ََالًلاً»، ثم يصير «بََلََحاًً»، اْْرًً»، فإذا زاد نضجه وكثُُرت حلاوته سمي فإذا نضج صار «بُُس «رُُط ََباًً»، فإذا ص ُُرِِم بما يعرف بـ «اليداد» وجف يسمى «تم ارًً». ويسمى المزارع الذي يقوم بالعناية بالنخيل «البيدار»، ويقوم بـ «الخراف»، أي قطف ثمار النخيل الناضجة عند الحاجة، ويضعها في وعاء يسمى «مخرافة»، وينقل في «المزماة» الرطب من المزرعة إلى البيت. أما التمرالذي يأتي بعد الرطب، فيجفف فوق فراش من سعف النخيل، وينقل في أوعية من السعف تسمى «الخصافة» لحفظه لأيام الشتاء مخزََّنا في «الجفير». ويسمى التمر الجاف «حسيلاًً» أو «خملاًً»، وقد يطبخ «البسر» قبل أن يصبح رطباًً، ويجفف بعد طهيه ويسمى «بسالاًً». أما الحبات الفاسدة التي تتكون في العناقيد فتسمى «خشاشاًً»، وهي لا فائدة منها. وقد يتكون من «البسر» نوع يسمى «الحشف» ويُُستعمل علفا للماشية. وأغصان النخلة هي «السعف»، والأوراق تسمى «الخوص»، فإذا ما جرد الخوص عن السعف يسمى «جريد النخل». وفي رعايته بالنخلة والعناية بها، يقوم «البيدار» بقص السعف السفلي الزائد بآلة حديدية تشبه المنشار تسمى «الداس»، فيما يقص الكرب بـ «المخلب» وهو أشبه بالداس إلا أن رأسه معكوف. وتستعمل «الكرب» وقودا للنار، وتحتها يتخزن
11 2025 يونيو 308 / العدد
10 النخلـة.. الخالدة في اللسان خلودها في الذاكرة
Made with FlippingBook. PDF to flipbook with ease