حوار خاص
ساخر ولاذع، حيث يمكن أن يعبّّر الرسامون الكاريكاتيريون عن آرائهم وانتقاداتهم بطريقة فكاهية ومبتكرة، هذا النوع من الفن يسمح بتقديم وجهات نظر مختلفة وغالبا ما يشجع على النقاش والتفكيرالنقدي لدى الجمهور. كما أنه يسهم في تسليط الضوء على وقائع تاريخية مهمة، مما يعززالوعي العام ويشجع على مناقشة هذه القضايا بطريقة مبتكرة وفكاهية، لأنه يعكس غالبا آراء الجمهورويعب ّّـرعن مشاعرهم وانتقاداتهم تجاه وقائع تاريخية معينة، مما يعزز حرية التعبير ويسهم في ًًا إيجاد حوار حول هذه القضايا. وقد يلعب الكاريكاتير دور فعالا في تشكيل الرأي العام والضغط لإحداث تغييرات في المجتمع من خلال توجيه الانتقادات بشكل ساخر ومثير للتفكير، وبهذه الطريقة، يمكن أن يكون الكاريكاتير وسيلة فنية فعالة للتعبير عن الرأي والانتقاد بشكل مبتكر ولاذع تجاه وقائع تاريخية مهمة. لذلك تظل الرسوم الكاريكاتيرية أداة قوية للسخرية والنقد، حيث تعكس القضايا التاريخية والاجتماعية بشكل فني جذاب. هل ترى أن النقد الذي يمارسه رسام الكاريكاتير يمكن أن يكون أقوى أو أكثرتأثي ار من النقد الذي يقوم به الكاتب أو الصحفي، على سبيل المثال؟ في دراسة علم المنظور، جميع الخطوط المرسومة، تلتقي في نقطة واحدة على خط الأفق، وأنا أرى أن فن الكاريكاتير، هو
تلك النقطة. والنقد الذي يمارسه رسام الكاريكاتير يمكن أن يكون له تأثيرخاص ومميزمقارنة بالنقد الذي يقوم به الكت ّّاب والصحفيون. ومثال على ذلك: - البساطة والوضوح: فالكاريكاتيريعتمد على الصوروالفكاهة، ما يجعله أكثر سهولة في الفهم للجمهور العام وإيصال رسالة معقدة بطريقة مباشرة وجذابة. - الإيجاز: قد تكون الرسوم الكاريكاتيرية أكثر إيجااز من المقالات الطويلة، مما يسمح بتوصيل الفكرة بشكل سريع وفع ّّال. - الجرأة: الكاريكاتير يمكن أن يتناول موضوعات حساسة أو محظورة بطريقة قد لا يستطيع الكتّّاب والصحفيون تناولها بنفس الجرأة. - التفاعل الاجتماعي: الكاريكاتير يمكن أن ينتشر بسرعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مما يسهم في تفاعل أكبر مع الجمهور. مع ذلك، لا يمكن إغفال أن النقد الكتابي يوفر عمقا وتحليلا قد لا توفره الرسوم الكاريكاتيرية، فكل شكل من أشكال النقد له ميزاته وعيوبه، ويمكن أن يكمل كل منهما الآخر في توصيل الرسائل والأفكار. ما وجه تأثير الرسوم الكاريكاتيرية في المجتمع؟ إن العدو الحقيقي لرسام الكاريكاتير هو المرور من خلال
ٍ ما، ولكنها �ٍّ صحيح أن الكاريكاتير العربي له شعبية إلى حد قاصرة ولم تبلغ سن الرشد بعد، لأن معظم الجمهور العربي مازالت قراءته للكاريكاتير في طور المراهقة، ومازال الكثير منهم يقوم برسم ابتسامة مسبقة على وجهه، قبل التمعن في الكاريكاتير، إيمانا منه بأن الكاريكاتير هو طرفة مرسومة، وتستحق الضحك لا أكثر. حتى اليوم، تظل رسومات الفنان الكاريكاتيري العربي الراحل ناجي العلي حاضرة بقوة. هل يمكنك أن تحدثنا عن هذه الشخصية باختصار؟ وما سر شهرة أعماله الكاريكاتيرية؟ ناجي العلي هو فنان كاريكاتوري فلسطيني وُُلد في فلسطين ونشأ في مخيمات اللاجئين، مما أثر في رؤيته الفنية ونظرته للأحداث السياسية والاجتماعية. اشتهر بشخصية «حنظلة»، الفتى الذي يمثل معاناة الشعب الفلسطيني، والذي يظهر دائما بظهره للمتلقي كرمز للاحتجاج والصمود. كانت رسوماته تتناول قضايا الاحتلال، والنضال
بوابات الرقابة الممنهجة، التي تعاني حسب رأيي، من شلل جزئي في خلايا التفكير لديها. وإذا حصرنا مفهوم الإبداع في هامش الحرية المتاحة، فإن الكفة بلا شك سترجح لمصلحة الإنترنت، أما إذا تعمقنا في مفهوم الإبداع كما يجب، فإنه في هذه الحالة ليس مجرد خطوط عشوائية ترسم على الورق بحرية تعاني من التركيز، ولا لطخات من أفكار تتساقط من يد مرتعشة، لتكون ما يسمى برسم كاريكاتيري. حدثنا باختصار عن نشأة الرسوم الكاريكاتيرية في العالم العربي والإسلامي، وأهم الشخصيات التي أسهمت في تطورها؟ الكاريكاتير في عالمنا العربي جاء متأخ ار زمنيا عما حوله في العالم، لأن فن الكاريكاتير كان الابن الشرعي للصحافة الغربية، بينما الكاريكاتير العربي إذا صحت تسميته كذلك، كان موجودا على استحياء في عتبات الصحف العربية، لا لقصورفيه ربما، ولكن السبب في الغالب هو(الفوبيا) التي يعاني منها رؤساء التحريرمن كل شيء قد يقض مضاجع كراسيهم.
125
124
2025 يونيو 308 / العدد
خالد جلل: مكانة الكاريكاتير العربي تتراجع في الصحف العربية
Made with FlippingBook. PDF to flipbook with ease