torath 308 - june-2025

أن ْْسنة النخلة في القصيدة الإماراتية ٍٍمن الانزياح اللغوي إلى التعبير عن الذات النخلة في اللسان الإماراتي: مفردات ومعان

عــادل نيــل تاريخ القصيدة العربية شكّّلت منذ النخلة حضوار كبيار في وجدان الشاعر العربي، ومثلت لديه رماز ثقافيا مرتبطا بالشخصية العربية في صحرائها الممتدة، محمولة في هذا الرمز بالعديد من الصفات العربية النبيلة التي تعبّّر عن الشموخ والرسوخ والصلابة والعطاء، فتداخل المكان «الصحراء» ومكوناته «النخلة» مع طبيعة الإنسان الذي يعيش فيه، إذ تنعكس مظاهر البيئة ومفرداتها في مناقب وسجايا وطبائع الشخصية. وقد أتى الإسلام ليؤكد هذه الرمزية ويضيف إليها قداسة، فقد ورد عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «إِِن مِِن يََسْْقُُط وََرََقُُهََا وََإِِنََّهََا مََثََل ا الش ََّجََر شََجََرََة لَا ِثُُونِِي مََا هِِيََ؟ فََوََقََع النََّاس �ِّ الْْمُُسْْلِِم فََحََد فِِي شََجََر الْْبََوََادِِي، قََال عََبْْد اللََّهِِ: وََوََقََع فِِي نََفْْسِِي أََنََّهََا النََّخْْلََة فََاسْْتََحْْيََيْْتُُ، ثُُم ِثْْنََا مََا هِِي يََا رََسُُول اللََّهِِ؟ قََالََ: �ِّ قََالُُوا حََد »، وجاء وجه الشبه في هذا ) 1(ُُ هِِي النََّخْْلََة مما ا � التشبيه النبوي الشريف محذوف يفتح بابا للكثير من المشتركات الجامعة بين طرفي التشبيه الإنسان والنخلة.

ولم يختلف حضور النخلة في القصيدة الإماراتية عن غيرها من بيئات القصيدة العربية، إذ ارتبط الإماراتي بتلك الشجرة المباركة، سواء من جانب اقتصادي سبق قيام الاتحاد وامتد إلى ما بعده، أو من جانب اجتماعي وطني، رأى فيها الإماراتي يجسد تقاليده المجتمعية الراسخة ومناقبه العربية ا � رمز الأصيلة، فضلا عن قداستها الدينية لديه، فهي من ثمارالجنة التي وعد الله بها عباده المتقين. وقد احتفى شعراء الإمارات بالنخلة سواء من خلال توظيفها في الصور الجزئية للتعبير عن معانيهم، أو من خلال قصائد انفردت لديهم بالحديث عنها، وعبّّروا من خلالها عن قيمتها الحاضرة في إرثهم الثقافي والمجتمعي، نقرأ لدى الشاعرمانع سعيد العتيبة في قصيدته «خمس وعشرون مليون نخلة» هذا المعنى الديني والوطني والاجتماعي الذي تعبر فيه النخلة عن إرث من تاريخ الوطن، وقيمة من قيم المؤسس الذي اهتم كثي ار بتلك الشجرة، يقول : )2 ( ِِالعتيبة ْْوإن النخيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــل تــــــــــــــــــــراث الجــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدود ِ ديــــــــــــــــــــــــــــــن وملــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة �ِّ ِِتقــــــــــــــــــــــــــــــدّّس فــــــــــــــــــــي كــــــــــــــــــــل ْْوزايــــــــــــــــــــــــــــــد يعــــــــــــــــــــــــــــــرف قــــــــــــــــــــــــــــــدر النخيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــل ه قََبْْلــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه ا ومــــــــــــــــــــــــــــــا مِِــــــــــــــــــــــــــــــن ولـــــــــــــــــــــــي تــــــــــــــــــــــــــــــولّا

إن النخلة جزء من تفاصيل تلك القصة الحضارية والرؤية التنموية الشاملة في هذا البناء المتين لدولة الإمارات العربية المتحدة، إذ لم يكن النفط بديلا عن تأمين القوة الاقتصادية التي يوفرها النخيل، ولم يكن التطور العمراني الذي شهدته البيئة الحضرية فيها عائقا عن تنفيذ مسارتنموي زراعي يقوم : )3 ( على زراعة النخل، يقول الشاعر إذا اللــــــــــــــــــــــــــــــه بالنفـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــط مــــــــــــــــــــن علينــــــــــــــــــــــــــــــا فإنّّـــــــــــــــــــــــــا نسخـــــــــــــــــــــــــــــــــــــر ذا النفـــــــــــــــــــــــــــــــــــط كلََـــــــــــــــــــــــــــــــــــــه لإسعــــــــــــــــــــــــــــاد شعــــــــــــــــــــــــب الإمــــــــــــــــــــــــــــــارات حتــــــــــــــــــــــــــــــى ٌٌيحــــــــــــــــــــــــــــــل رضــــــــــــــــــــى اللــــــــــــــــــــه فينــــــــــــــــــــا محلََـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه وكـــــــــــــــــــم يسعــــــــــــــــــــــــــــــد الشعـــــــــــــــــــــــــــب حــــــــــــــــــــرث وزرع ونخــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــل وســــــــــــــــــــدر يظلــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــل رملََـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه وقد أتى استدعاء النخلة في الكثير من النصوص الشعرية مرتبطا بمعنى تشخيصي يمارس فيه الشاعر انزياحا لغويا حين يستدعي في النخلة كائنا حيّّا يتحدث إليه، متجاواز في ذلك مجرد بناء علاقات مجازية ليعب ّّرمن خلالها في واقع الأمر عن ذاته، موظفا «أن ْْسنة الطبيعة»، التي ينزل فيها غيرالعاقل منزلة العاقل فيسامره وينادمه ويبث له شكواه ويسمع منه حديثه، ويغدو الحديث عنها حديثا عن إضفاء بعض الصفات

15 2025 يونيو 308 / العدد

14 أنْْسنة النخلة في القصيدة الإماراتية من الانزياح اللغوي إلى التعبير عن الذات

Made with FlippingBook. PDF to flipbook with ease