النخلة في اللسان الإماراتي: مفردات ومعان
والناعشــــــــــــــــــــــــــــــات فــــــي هــــــــــــــــــــــــــــــوى زي الغنــــــــــــــــــــــــــــــا
لقاح النخيل.. خرجت من السوق كمن يخرج من سوق عطارة دون أن أبالي بخرافة عن كائن خرافي يدعى (سويدا خصف) مع أنه يرمزإلى الخيرفي حراسته لمخازن التموروسويدا ترمز إلى سواد التمر المحفوظ، والخصف كما نعرف في اللهجة الشعبية هو سعف النخيل. وهذا يذكرنا بلفظ قرآني حيث وكانت مدعاة )5 ( آدم وحواء (يخصفان عليهما من ورق الجنة) للتأمل كلمة (يخصفان)، فقلت لصديقي: النخلة لها سعف يخصف بها، ثم أدركت استغراب صديقي فملت إلى المعنى من جانب آخرلأقول: سعف النخيل استخدمت لكنس الأرض ومن شراشيبها أي تفرعاتنا استخدمت (المهفة) كمروحة بل إن الأطباق والسلال لم تكن في منأى عن الخدمة المنزلية ناهينا عن التمر المقطوف في صنوفه الفريدة. معجم التراث وسر الهوية أجل النخلة مصنع حكايات تراثية في مسميات مفرداتها التي هي س ّر من أسرار الهوية.. (فالجداد) هو القطاف و(التكريب) هوقطع الجريد الذي يشك ّّل أوراق النخيل التي إن يبست يقال لها في التوصيف (عراجين) كما ورد في القرآن الكريم بوصف ، ثم كيف لنا أن )6 ( القمر في عودته هال ًلا (كالعرجون القديم) نتجاهل قول الشاعرعبد الله ربيع وهو يشبه محبوبته بالنخلة : )7 ( المعطاء الحسناء العزيزة على القلب مداعبا إياها غــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرّّني عـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــودك ومنسوعــــــــــــــــــــــــــــــــــك ونـــــــــــــــــت شـــــــــــــــــروى الشـــــــــــــــــوع مــــــــــــــــــــــــــــــــــا تعنــــــــــــــــــــــــــــــــــى لـــــــــــــــــو نخــــــــــــــــــــــــــــــــــل با قطــــــــــــــــــــــــــــــــــع جذوعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك مـــــــــــــــــا نبــــــــــــــــــــــــــــــــــي قيظــــــــــــــــــــــــــــــــــك ولا يعنــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا والنخلة إذا وصفت (بالشوع) فهي تشبيه بشجرة (البان) على أنها شجرة الحب والحياة. قلت: ما هذا يا شاعرنا العاشق! رائع أنك ذكرتنا بألفاظ غابت عنا لكنك أحييتها في النسوع والشوع بأسلوبك الرقيق في تجميل المحبوبة. حقا نحن نفاخر
يلعبــــــــــــــــــــــــــــــن كاشفـــــــــــــــات بغيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر جناعـــــــــــــــي
من ذات حمــــــــــــــــــــــــــــــل مثـــــــــــــــل غربـــــــــــــــان الفــــــــــــــــــــــــلا
مــــــــــــــــــــــــــــــا بيـــــــــــــــن منشــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــول وذا منساعـــــــــــــــي فالنخلة هنا تشارك في عرس الطبيعة التي تؤنس الجميلات بفروع السعف الطويلة المتراقصة التي تضفي على الوصف أبعادا تأملية. هذا والنخلة في خلاصة القول مصدر رزق واستقرار وجمال وهوية الزمان والمكان في الأيام السعيدات والأيام النحسات لها ذكر لذا لم يغفل الشاعر ابن ظاهر ذاته : )12 ( في أبيات أخرى عن توجيهنا إلى رزق البرفي النخلة بقوله يـــــــــــــــا عيـــــــــــــــال رزق البــــــــــــــــــــــــــــــر لا تسفهونـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه لكــــــــــــــــــــــــــــــم ترى في البحــــــــــــــــــــــــــــــر ماريـــــــــــــــت رايـــــــــــــــــــــد يا ليـــــــــــــــت من هولــــــــــــــــــــــــــــــه ثمانيـــــــــــــــن بكســــــــــــــــــــــــــــــه كثرهــــــــــــــــــــــــــــــن من لقــــــــــــــــــــــــــــــاح الرغايـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــد ا ول ّا نعم هذا القول ونعم قول الشيخ زايد - طيّّب الله ثراه - بأن النخلة روح وكيف لا تكون كذلك وهي عروس تزدان بمفردات وألفاظ ومعان تتجلى في عظمة الله في كون النخلة شجرة مباركة في الأرض والسماء، لذا الحرص عليها واجب خاصة في الغرس والتأبيروالتكريب ناهيك عن علاج أمراضها كالغبير العنكبوتي وسوس النخيل.. كم كنت حكيما يا زايد الخيروأنت تؤنسن النخلة.. فهي حقا عمة وعروس وروح أديب وباحث فلسطيني الهوامش والمراجع: - موسوعة زايد الشعرية : 1 https://alc.ae/ar/ .2020 12/26 - أحمد خليفة الهاملي.. شاعر الطبيعة، صحيفة «الاتحاد»،/ 2 - الشاعر علي بن سالم المرر، وشرح لفظ المسلي، صفحة ثقافة أبوظبي. 3 .2017 - ديوان عوشة بنت خليفة السويدي، إعداد رفيعة غباش، متحف المرأة، 4 .121 - القرآن الكريم، سورة «طه»، الآية 5 .39 - القرآن الكريم، سورة «يس»، الآية 6 .20/1/2024 - الشاعر عبد الله بن ربيع الطنيجي - من قناة «الوسطى»، 7 - من شعر المؤلف. 8 - المطرب العراقي حسين نعمة. 9 .10 - القرآن الكريم، سورة «ق»، الآية 10 - ديوان الماجدي بن ظاهر، إعداد الدكتور حماد الخاطري، معهد الشارقة 11 .2022 للتراث، - المصدر السابق نفسه. 12 استأنست بشرح المفردات بـ «معجم المعاني» للطبراني، ويكيبيديا، ملاحظة: - 13 ٍٍواجتهادات شخصية.
الشاعر السياب عندما يجعل العيون في الليل لوحة ساحرة بقوله: (عيناك غابتا نخيل ساعة السحر). ليس هذا مستغربا في التشبيه لأن الأفراح والأعراس في تراثنا كانت تقام تحت ظلال النخيل، ولا ننسى وصف النخل في تغاريد الأغاني للطيور واليمام والتأمل في جماليات عذوق النخل المتدلية من شجرة وصفها القرآن فقال: (والنخل ، وهنا الجمال كله في الشموخ )10 ( باسقات لها طلع نضيد) للجذوع والسعف وفي التواضع للعذوق التي خرجت من أكمامها المطرزة بما يليق بعرائس تتمايل جاذبة لطقوس مستحبة في تدليل هذه الشجرة فيغنى لها (يا نخلة بالعلالي يا بلح) و(يا بلح زغلولي)، ولا أنسى أغنية (مدينة النخيل) للأطفال التي فيها كل شيء جميل، الغروب والشروق أحلى، فكيف إذا كان التوصيف للمشهد الشعري من شاعرالحكمة ودلايل الأمثال الماجدي بن ظاهر متجاواز المثل القائل إن غدوت صريما فمن سيدفنني لأن النخلة عنده عالم حي لم يستطع تهديد فرعون بصلب المؤمنين في جدوع النخل أن يميت الفكرة، يقول الماجدي بن ظاهر في حكايته مع شجرة : )11 ( النخيل وهو يقرؤها بكل حواسه هـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــزاع روس النايفـــــــــــــــات إلي لفـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــى والنخــــــــــــــــــــــــــــــل زور غدورهـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن مداعــــــــــــــــــــــــــــــــــي هـــــــــــــــــــــــــذي على هــــــــــــــــــــــــــــــذي تميــــــــــــــــــــــــــــــل لكنهــــــــــــــــــــــــــــــا عبادهـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا بدريـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة ورفاعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي
المسطحات ومنها جريد النخل وعندما استحدثت الطباعة سمينا أوراقها (جريدة) للوقائع والأيام ولطائف الكلام وكلنا معنيون بتوارث هذا الإرث اللغوي والمعنوي في سرد الحكايات العذبة التي سمعناها في طفولتنا حتى وإن كانت خرافية تذهب بنا بعيدا إلى أزمنه النداء والسكنى والكلأ، كترميز مقصود للأصالة في حالة النماء والاخضرار الدائم السابق لليبوس والجفاف المحرق إبان الكوارث، ذلك أن النخلة رمز للخصوبة والخضرة الدائمة في القيمة التعبيرية والوجودية المهيمنة على البيئة اللغوية العربية التي لا تحتاج إلى حفرعن جذور المعلومة بالإبرة. والأنشودة العراقية تمثل هذا فتقول : )9 ( وهي تعبير عن وجع المحرومين مستخدما مفردات النخلة نخــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــل الرمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــادي يـقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــول طرتنــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي سمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــره (سعــــــــــــــــــــــــــــــف) و(كـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرب) ظليــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــت مـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا بيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه (تمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــره) إنّّها النخلة شايلة الأشراعه لسفينة الصحراء عروس تتجلى في أبهى زينة، يدفع العربي روحه مه ار لها، ونحن هنا نتحدث عن الجانب النفسي في لزوم ما يلزم للحفاظ على الجانب اللغوي الذي يضفي على الوقائع السردية للنخلة معنى فوق المعنى، سواء في أناشيد الأطفال القائلة (خوصه بوصه) والخوصة فرع كل نبات يابس يُُبرى ويُُكتب به بعد غمسه بالحبر كالقصبة بما في ذلك ما يؤخذ من جريد النخل وسعفه. لكن الأعجب هو
: )8 ( بالنخلة فكأنها تقول على لسان حالها ولساني مــــــــــــــــــــــــــــــــــن كــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــان لــــــــــــــــــــــــــــــــــي فأنــــــــــــــــــــــــــــــــــا لــــــــــــــــــــــــــــــــــه
هــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــذه ثمــــــــــــــــــــــــــــــــــاري مـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا لـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه
إن جــــــــــــــــــــــــــــــاع أطعمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه أنـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا
أو ضعــــــــــــــــــــــــــــــت يرثـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــى حالـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه أجل في الطعام والجمال تبرز ألفاظنا العريقة في تشكيل الهوية الفكرية، فلاحظ أن العرب كتبوا القرآن على كثير من
21
20
2025 يونيو 308 / العدد
النخلة لب استدامة الهوية في اللفظ والمعنى
Made with FlippingBook. PDF to flipbook with ease