torath 308 - june-2025

كلمة رئيس التحرير

إصدارات السلسلة التراثية الثقافية

ٍٍالنخلة في اللسان الإماراتي: مفردات ومعان

شجرة النخيل عبرالعصوررم از جوهريا في الوجدان الإماراتي، فلم تكن مجرد شجرة تثمروت ُُزرع وت ُُروى، بل كانت شك ّّلت تجسيدا لروابط متجذرة بين الإنسان وهذه الأرض الطيبة، وتجاوزحضورالنخلة في الحياة اليومية ب ُُعدها المادي الملموس، ليتحول إلى بُُعد ثقافي ورمزي وروحي عميق، فقد تسللت النخلة إلى اللغة اليومية، وترس ّّخ حضورها في الذاكرة الشفهية والعادات والتقاليد، وانعكس هذا الارتباط في العديد من المفردات المحلية التي وُُلدت من تفاصيل الزراعة والعناية والحصاد. فالمفردات الإماراتية المتصلة بالنخلة تعد امتدادا للتراث الشفهي المتوارث جيلا بعد جيل، فقد حملته الألسن في الأحاديث والأمثال والقصائد، مثل: «الكرب» «قاعدة السعف» و«الدعن» «حزمة من جريد النخل» أو «العذوق» «عناقيد التمر»، وغيرها من المفردات التي تكشف عن حس لغوي دقيق وتفاعل مباشر مع تفاصيل البيئة. وكل منها يحمل دلالة حياتية وجمالية، تشهد على عمق العلاقة بين البيئة واللسان، وتؤكد أن النخلة لم تكن مجرد شجرة في نظر الإماراتي، بل هي رمز للكرم والثبات والعطاء المستمر. إلا أن هذه المفردات بدأت تتآكل من الذاكرة اليومية، متأثرة بواقع التحول الحضري والتكنولوجي، وتزايد هيمنة اللغات الأجنبية والمصطلحات الحديثة، مما أد ّّى إلى اندثار بعضها، أو تغي ّّر معانيها، أو تراجع استخدامها، خصوصا بين الأجيال التي غابت عنها ملامح الحياة الزراعية وتفاصيل مواسم الرطب. لكن تراجع الاستخدام لا يعني زوال المعنى، إذ هناك جهود حثيثة تبذل للحفاظ على هذا الموروث اللفظي. فقد ظهرت مبادرات توثيقية في المعاجم التراثية، وتم تضمين بعض هذه المفردات في المناهج الدراسية، إلى جانب تسليط الضوء عليها في الفعاليات الثقافية والمهرجانات التراثية، مثل: مهرجان الإمارات الدولي للنخيل والتمر - أبوظبي، ومهرجان العين للتمور، ومهرجان ليوا للرطب. كما أسهمت المنصات الإعلامية، لا سيما المجلات المتخصصة في التراث، في إبقاء هذا الموروث حيا في ذاكرة المجتمع. إن إحياء اللغة المرتبطة بالنخلة مسؤولية ثقافية ووطنية لا تقع على عاتق المؤسسات وحدها، بل تبدأ من الأسرة وتمتد إلى المدرسة، وتُُروى بأقلام الكُُتاب والباحثين حتى تصل إلى الطفل الذي يجب أن ي بُُرّّى على أن «الخصف» و«الدريشة» و«الصوغة» ليست كلمات من الماضي، بل نوافذ على هوية ما زالت تنبض بالحياة. ، بوصفه محاولة لإبراز جانب ثري من موروثنا «النخلة في اللسان الإماراتي» ومن هذا المنطلق، جاء اختيارنا لموضوع اللغوي، ودعوة للقراء والكتاب والباحثين إلى المشاركة في إعادة إحيائه، وتفسيردلالاته، لضمان نقله إلى الأجيال القادمة. فكل كلمة موروثة تُُقال، هي جذوة تُُشعل الذاكرة، وغصن يُُطيل عمر النخلة في ثقافتنا. والأمل يحدونا في أن تستمتعوا بموضوعات هذا العدد المتنوّّعة.

هذا الكتاب موضوعات مختلفة تتناول الموقع والعراقة «العين مدينة التاريخ والحضارة» كتاب يتضمن في القدم والتاريخ من خلال التسمية والشهرة، والمواقع الأثرية ومتاحف العين الوطنية والقلاع والحصون، والحكايات الإيكولوجية للمياه الأحفورية وغيرها. ويستعرض الإصدارالحياة الاقتصادية لسكان مدينة العين وقصة الأفلاج وأهم المواقع التراثية والمعارض الزراعية، ويركز الكتاب على الحياة الاجتماعية التي عاشها السكان، كما يصور حال العين قبل أن يحكمها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - طيب الله ثراه. وتوثق الروايات الشفاهية سير أعلام من العين كان لها دور فع ّّال في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

ي � هر � ظ ا � ل � ة ا �� ش مس � � رئيسة التحرير

@turathuna_ae

Made with FlippingBook. PDF to flipbook with ease