torath 308 - june-2025

النخلة في اللسان الإماراتي: مفردات ومعان

الدكتور سلطان العميمي. وتوجد تجربة رائدة في هذا السياق للأستاذ الراحل محمد بن راشد الجروان في كتابه (أميرة الصحراء)، حيث ع ُُني عناية تام ّّة بحصر وذكر أنواع النخيل والتمور ومفرداتها في الإمارات، موضحا جميع ذلك بالصور الفوتوغرافية. كما أنه قام ببحوث ميدانية جليلة ومتنوعة، منها ما يتعلق بطريقة الري بواسطة الأفلاج، ومنها ما يتعلق بأهم مناطق توافر أشجار النخل م ََحلي ّّة الأصل، ونحو ذلك. • ما مدى تأثير اللغات الأجنبية على المفردات الإماراتية المتصلة بالنخلة؟ حسب اطلاعي لا يوجد تأثير للغات الأجنبية في المفردات الإماراتية المتصلة بالنخلة، وذلك لعدم وجود علاقة بين تلك اللغات والنخل، ولكن قد يوجد تأثير من بقية اللهجات أو العامّّيّّات العربية في هذا السياق، فمثلا عرفنا أسماء لأنواع من التمور لم نكن نعرفها من قبل، وذلك مثل الس ُُكّّري، والصقعي، والمجدول، فهذه الأنواع نِِتاجات من النخل لم تكن معروفة في الإمارات، ولكنها الآن متداوََلة بشكل واضح. • كيف يمكن توظيف هذه المفردات التراثية في الفنون أو الأدب أو الإعلام لتعزيز حضورها؟ يمكن توظيف هذه المفردات التراثية في الفنون أو الأدب أو الإعلام عبر تهيئة السياق المناسب لعرضها، إذ يمكن إنتاج أغنية للأطفال عن النخيل وثمارها، تشمل أهم المفردات التي يُُراد من الأجيال الجديدة معرفتها وحفظها. وكذلك في القصص والروايات، دون أن يكون ذلك مباشار بصورة متعمّّدة، بل ينبغي أن يكون مقبولا من الناحية الأدبية والسردية، وأتذكر من العناوين الأدبية في هذا السياق المجموعة القصصية (عندما تُُدفن النخيل) للأديب الإماراتي ناصر الظاهري. ومن ذلك إقامة أسبوع احتفائي بثقافة النخيل في الإمارات أيضاًً، تُُقام فيه المسابقات حول معرفة تلك المفردات، وت ُُوزّّع الك ُُتي ّّبات، وت ُُعرض أفال ٌم سينمائية قصيرة في هذا الخصوص ٍٍأكاديمية وباحثة سورية

بعض الحسابات والمنص ّّات في وسائل التواصل الاجتماعي تقوم بالدور نفسه، فالجانب الإعلامي إيجابي في هذا السياق من وجهة نظري. ما الدور الذي يمكن أن تلعبه المناهج الدراسية في • الحفاظ على هذه المفردات؟ ٍ من قِِبل خبراء بتراث النخل في �ٍّ أرى تخصيص كُُتيّّب مُُعََد وصغي ارًً، ا �ّّ أو ّّلي ا � الإمارات، يُُوزََّع على الطلبة بصفته مرجع يُُعينهم على تذك ّّر المعلومات الخاصة بالنخل وأهم مفرداته المستعملة في الإمارات، بالإضافة إلى الأنشطة الأدائية، ويشمل ذلك حفظ النصوص، وأداء الأناشيد، والفصول المسرحية القصيرة، التي تعلق بالذاكرة، بما تتضمنه من معلومات. • هل هناك مبادرات محلية تُُعنى بإحياء مفردات النخيل في المجتمع الإماراتي اليوم لضمان انتقال هذا الإرث اللغوي للأجيال القادمة؟ نعم، توجد كتابات عديدة تهتم بتقديم المعلومات الموثقة في سياق إحياء مفردات النخيل في المجتمع الإماراتي اليوم، كما في كتابات أحمد محمد عبيد مثلاًً، وكذلك في كتابات

الذي تلوََّن بعض ُُه إلى قرابة النصف بالإرطاب، وأصل الجيم قاف ٌٌ، فهو «قارين» بنطق القاف جيما قاهرية، وأصل ذلك في الفصيح الاقتران، أي اقتران لونين في البُُسر. قال ابن دريد: «ب ُُس ْْرقارن ٌٌ، إذا نك ََّت فيه الإرطاب ُُ، كأنه ق ََر ََن الإبسار بالإرطاب ِِ، أزديّّة». أقول: والقارِِن عند كثير من العرب يُُسمّّى «التََذ ْْنوب»، قال أبو حاتم السجستاني في كتاب (النخلة): «يُُقال لذلك البُُسر [أي القارِِن] التََذْْنوب، والواح ِِد تََذْْنوبة، وأهل عُُمان ي ُُسم ّّون الت ََذ ْْنوب القار ِِن». جمع كتابك هذا بين مفردات النخل في اللهجة الإماراتية • وتتبع أصولها الفـصيحة، كيف استطعت الموازنة بين الرواية الشفهية المحلية والمصادر المعجمية القديمة أثناء التوثيق؟ هذا الأمر يسير على الباحث الذي يعرف ما يحصل في الكلام من إبدال ٍٍ، وإمالة ٍٍ، وقلب مكاني ّّ، إلى غير ذلك من الظواهر ََـنا»، التي تعني الص ََرفية، ومثالا على ذلك أذكر هنا كلمة «ج في اللهجة الإماراتية أعوادا من ج ََريد النخل، وهو ما نُُزع منه الخوص، فأصل الكلمة: القََنـا، وقد قُُلبت القاف جيما كما يحصل كثي ار في اللهجة الإماراتية، وعلى الباحث الانتباه إلى ذلك، لكي يستطيع البحث عن أصل الكلمة في المعاجم، وهذه الكلمة موجودة فيها، فقد نقل ابن سيده في «المخص ََّص» عن أبي حنيفة أنه قال: ويقال للج ََريد القََنا، وجمعُُه القِِنِِي ّّ. برأيك، كيف أث ّّرالتطورالحضاري والتكنولوجي على علاقة • المجتمع بالنخلة وتراجع مفرداتها؟ التطورالحضاري والتكنولوجي غي ّّب كثي ار من علاقات المجتمع

بالنخلة، ما أدى إلى غياب كثير من المفردات الخاصة بالنخل في الكلام اليوميّّ، وذلك مثل المنتوجات الح ِِرََفية المصنوعة من المواد المأخوذة من النخل، والتي استعاض عنها كثيرون في المجتمع الإماراتي بالأدوات الصناعية المعاصرة. هذا بالإضافة إلى عدم توافر العديد من أنواع الرطب والتمور التي كانت معروفة في الماضي ضمن خط إنتاج التمور المصنعي المعاصراليوم، وهذا ما أدى إلى تراجع معرفة الأجيال الجديدة بكثير من أسماء ومفردات التمور وثمار النخيل عموما ًً. هل ترى أن وسائل الإعلام أسهمت في تهميش المفردات • التراثية المتعلقة بالنخلة؟ لا أرى ذلك، بل على العكس، كانت وسائل الإعلام، مثل التقارير الصحافية والتلفزيونية تهتم كثي ار في الماضي بتسجيل وتوثيق كل ما يتعلق بالثقافة المحليّّة الخاصة بالنخل، وتوجد اليوم

37

36

2025 يونيو 308 / العدد

مفردات النخيل في اللهجة الإماراتية: حوار مع الباحث «علي العبدان»

Made with FlippingBook. PDF to flipbook with ease