النخلة في اللسان الإماراتي: مفردات ومعان
ويبحث الشاعر السعودي «علي بافقيه» عن صورة ليعبر بها عن المرأة، فيصفها بالنخلة، ولكنه لم يكتف بالوصف التقليدي، وابتكر صورة أعمق، فحول لالتها النحوية «نون ّّالنسوة» إلى رمز آخر، يقول في قصيدة «نون النخلة»: «سلام عليهن يهوى الهواء الرشيق عباءاتهن فيهفو ويصفو ويعتل ينضج ّّيُُؤكل بين أناملهن ّّسلام عليهن
ََّيسرْْن فأغضي لهن وأحني الجبين لهن ّّوأرفع رأسي بهن وأخفض رأسي ليمشين مشيتهن ََّالحميمات أشياؤهن ََّالأنيقات ألوانهن الرشيقات أسماؤهن )7 ( سلام عليهن»
ومثل النخيـــــــــــــــــــل خلقـــــــــــــــــــت أنا وهامتي فــــــــوق
عشقتك عشق من صغري دفايه من حنانك بيت وسيفي من عذوقك سيف وخيلي من جريدك خيل )9 ( وثوبي في الشقا أغبر»
تناســـــــــــــــــــع ذراهـــــــــــــــــــا بطلـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع ثليــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــل
)10 ( ما اعتدت أنا أحني قامتي إلا فصلاتـــــــــــــــــــي» وتوظف «شيخة الجابري» «تمر الوقت» للتعبير عن الوحدة والخوف، والغرسة الصغيرة التي تُُقتلع من النخلة الأم لتُُنبت وتكبر بشكل مستقل في محاولة لتضميد الجراح الداخلية، وإيجاد طريقة للمضي قدما رغم الصعوبات. تقول في «منهج حكمة»: «وانا وح ْْدي وت ََم ْْرالوقت ونارالخوف واحلامي )11 ( ألََم ْْلِِم صورة الذكرى وأف ْْس ِِل نََخ ْْلة الصدمه» وتواصل الشاعرة توظيف مفردات النخلة ومنها العِِذْْق، وهو الجزء الذي يحمل البلح «الرطب» لتعبر عن إحساس بالهشاشة، مشيرة إلى أنها عندما تتشبث لا تجد سوى ع ِِذ ْْق
ب � حسيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن فقـــــــــــــــــــا بين قلـــــــــــــــــــب وكــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر
ومــــــــــــــــــــــن لـــــــــــــــــــه نظيـــــــــــــــــــر لقـــــــــــــــــــاح العطيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــل
ٍ وطبــــــــــــــــــــــــخ �ٍّ وطهيــــــــــــــــــــــــــــــه نضــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي لا بشـــــــــــــــــــوي
مقـــــــــــــــــــات الضعافـــــــــــــــــــــــــــا وطعْْـــــــــــــــــــم السبيـــــــــــــــــــــــــــــل
أما «بدر بن عبد المحسن» فربط بين النخلة المنتصبة الصامدة في وجه الريح، بأهم صفات البدوي وهي الشموخ والعزة، مؤكدا أن هامته لا تنحني إلا في الصلاة، يقول في قصيدة «رسالة من بدوي»: «أنا بـــــــــدوي.. ثوبـــــــــــــــــــي على المتن مشقـــــــــــــــــــوق ومثل الجبـــــــــــــــــال السمـــــــــــــــــــر صبـــــــــــــــــــري ثباتـــــــــــــــــــي
ْْلذيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــذ طعـامــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه وحلـــــــــــــــــــو جنــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاه
تولّّــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوا حصـــــــــــــــــــاده بــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوزن وكيــــــــــــــــــــــــــــــــــــل
النخلة في الشعر النبطي النخلة رمز عريق ضارب بجذوره في الأدب، والتراث والثقافة العربية، لذلك تجذرت صورتها في المخيلة الشعبية، وأصبحت حاضرة بقوة في الشعر النبطي. يصف «الماجدي بن ظاهر» في قصيدة لاميّّة أهمية النخيل في حياة البادية. فهو مصدر للخير والبركة، ووجود الماء الذي يعمر النخيل ويجعل الصحراء طيبة. كما أن ثمار النخيل الناضجة غذاء سهل ولذيذ يقوي الضعفاء ويسد حاجة المسافر، ويذكر أن هذه الثمار الثمينة تُُحصد بعناية، ثم تُُحفظ بطرق تقليدية لضمان استمرار الفائدة منها. وفي النهاية تعود النخيل الأم إلى حالتها القوية والمثمرة لتجود بخيرها في المواسم القادمة. يقول: ت � ْْ«تمنيتهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا ويــــــن أباهــــــــــــــــــــــــا ويـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا علــــــــــــــــــــــــــــــــــــــى وادي الذيـــــــــــــــــــد ضـــــــــــــــــــرب وسيـــــــــــــــــــــــل تطيــــــــــــــــــــــــــــب المفالـــــــــــــــــــي مـــــــــــــــــــن أول وتالــــــــــــــــــــــــــــــــــــي وطلــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــب الزلال عمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــار النخيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــل إلـــــــــــــــــــى زل مــــــــــن موســـــــــــــــــــم الصيـــــــــــــــــــف شهْْـــــــــــــــــر
ولفـــــــــــــــــــوا عراهــــــــــــــــــــــــــــا بقمصــــــــــــــــــان خــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوص
)8 ( وعـــــــــــــــــــادت ا ِِماتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه إلى الـــــــــــــــــــدور حيـــــــــــــــــــل» وفي غنائية بحرالوافرالواضحة، يعب ّّر«سالم أبو جمهور» عن حبه للنخل بتحولاته المختلفة، متخذا من عذوقه سيفاًً، ومن جريده خيلاًً، يقول في قصيدته «عشق الجذور» التي تنتمي لشعر التفعيلة:
الخيال، وهو أكثر عرضة للتقلبات والرياح، تقول: «وانا وحدي على ع ِِذ ْْق الخيال وْْلهفة الظ ََّامي
«أحبك يا نخل أخضر على وجه السما الأزرق على حزن الثرى الأصفر أحبك يا نخل والغيم ما يدري ولا تدري هبوب الصيف نهر حبي نهرحبي على شوق الظما يجري
)12 ( ِع ق ََم ْْح لحظتنا.. يضيع الق ََم ْْح في العتمه» �ِّ أزر
النخلة السك ّّرية ال ُّرَّطَب إحدى المراحل التي تمربها ثمارالنخيل خلال نضجها، ويتميز بمذاق طيب، وقيمة غذائية مرتفعة، وهو ما أكلته السيدة مريم بأمر من الله حتى تقوى على الولادة، قال ابن كثير «ما م ِِن شيء خير للنفساء من الرطب». وألهم الرطب الشعراء، فكتبوا عنه كثي ارًً، ومنهم «علي الحارثي» الذي قال غزلية نبطية جميلة، حافلة بالصورالعذبة، استهلها بوصف محبوبته بالرطب في النخلة السكرية، يقول:
يعانق ظلتك والطيف أحبك يا نخل أخضر على حزن الثرى الأصفر
41 2025 يونيو 308 / العدد
40ٍٍ
النخلة في الشعر: سيميائية الرمز وتعددية الدلالة
Made with FlippingBook. PDF to flipbook with ease