torath 308 - june-2025

ارتياد الآفاق

: قافلة الذهب والعجب » نََسج الحكايا « في رحلة منسا موسى م 1324 إلى الحج عام

قصة غريبة عن دافع حجه انفرد «تاريخ الفتاش» بذكر دافع غريب ذكر أنه كان وراء عزم منسا موسى التوجه إلى الحج وزيارة مدينة النبي صلى الله عليه وسلم، نقله عن أحد طلاب العلم الوافدين من بلاد مالي قال: والحجة سبب حكاه لي الطالب الحافظ القصائص الأوائل، وهو محمد قم رحمه الله، ذكرأن ملكي كنك موسى.. قتل أمه نانا كنك خطأ، وأسف لذلك وندم وخاف عقوبة ذلك، وتصدق بمال جسيم، وعزم على صوم الدهر. وسأل بعض علماء زمانِِه ع ََم ََّا ي ََف ْْع ََل في الاستغفارلهذا الذنب العظيم؟ فقال له: أرى أن تفزع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتهرب إليه، وتدخل في حرمته وتستشفع به، وس ُيُشفعه الله فيك. وهذا هو الرأي. وعقد العزم والحزم على ذلك في يومه، وهذا سبب لم ينتشر

محمد عبد العزيز السقا زمن كان يموج بالصراعات، خرج من أقصى الغرب في رجل أسود البشرة، مسلم، يحمل كنوز الأرض في رحلة إلى الحج، فهل كانت رحلة السلطان موسى درسا في الحكمة أم كانت طقسا دينيا أم كانت مشروعا حضارياًً؟ قد نختلف في هذا لكن ما سنتفق عليه هوأن رحلة الحاج منسا موسى التي نُُقلت من فم إلى فم، ومن ورق إلى خريطة، حتى ظهرت صورته في خرائط أوروبا في القرن الرابع عشر، جالسا على العرش في كامل لباسه الملكي، وعلى رأسه تاج، وفي إحدى يديه صولجان الملك وفي اليد الأخرى يحمل قطعة من الذهب يقدمها لشخص يُُهرول نحو يده رم از لملك أفريقيا الذي أدهش العالم، ملكًا مهيبا جالسا على عرشه، قطعة من ذهب، ومنقوش على الخريطة الجملة: «هذا السيد الزنجي موسى مالي سيد زنوج غينيا، يكثر الذهب في بلاده حتى صارأغنى وأعظم ملك في جميع البلاد»، وعندما وصلت شهرة مالي وأخبار قافلة الحج ودلالتها إلى أوروبا كلها دارت الأعين نحو أفريقيا، فأنشئت مدرسة في جزيرة «ميوركا» لرصد النشاط الأفريقي، ويؤكد المتخصصون على أن أخبار رحلة موسى زادت الرغبة في التعرف على قلب أفريقيا، ، وأترك للقارئ )1 ( تمهيدا لحركة الكشف والاستعمارالأوروبي المحقق أن يتوسع في ذلك، وأجلي هنا في صفحات هذا المقال صورة السحرية وغريب الوقائع، ونوائب الدهر هـ والتي 724 ومفاجآته التي لا تنتهي في رحلة حج منسا سنة من الظاهرأنها هي حجته الأولى، يدل عليه قول ابن خلدون إنه «قضى فرضه» وأنها حجته الوحيدة، ولم يحج بعدها حتى توفي بعد سبع سنوات من عودته إلى بلده.

في المشرق، ولم يشأ منسا موسى أن يطلع عليه من تبسط في الحديث معهم، خصوصا في مصر، مثل الأمير المملوكي ابن أمير حاجب، وأحمد الجاكي المهمندار الذي تلقاه عند قدومه من مالي وعند عودته من الحجاز، ومهنا العجرمي، دليله، وأبي عيسى الزواوي، والمعمر الكومي الذي استصحبه من غدامس إلى مالي في عودته. عجائبية التقويم الاقتصادي (تقدير الذهب) تكاد المصادر تُُطبق على أن حجة منسا موسى طبعت بكثرة ذهبها عيون أهل البلاد التي مر بها، وصكت بفائض دنانيرها

أسماع أهل البلاد البعيدة الذين وصلهم نبأها؛ فشاع في كل العالم أن بلاده بلاد الذهب بلا منازع. من خلال التقديرين اللذين ساقهما ابن فضل الله العمري عن ابن أمير حاجب ونقله ابن خلدون وابن حجر أنه بلغ ما جلبه من بلاده: حمل مئة جمل، كل جمل يحمل وسقاًً، أي ستون صاعاًً، وابن خلدون في روايته الأخرى أحد ساكني مصر الوافدين من بلاد مالي أنه قدره بثمانين جملاًً، كل جمل يحمل ثلاثة قناطير، وهوما يعني نحوعشرة آلاف كيلوأي عشرة أطنان من الذهب، وعلى هذا يمكننا تفه ّّم لماذا انخفضت أسعارالذهب في مصر أكثرمن عشرسنوات لاحقة.

69

68

2025 يونيو 308 / العدد

م 1324 «نََسج الحكايا»: قافلة الذهب والعجب في رحلة منسا موسى إلى الحج عام

Made with FlippingBook. PDF to flipbook with ease