قصيد
ارتياد الآفاق
إلى السلطان هدية من خمسة آلاف مثقال من الذهب ورسالة شكر. وفي الإسكندرية، اقترض من التجار بأضعاف القيمة، وباع القصر الذي أهداه له السلطان إلى التاجر سراج الدين بن الكويك، أحد كبار تجار المدينة آنذاك. سبك الختام سعى منسا موسى خلال رحلته إلى إقناع من استطاع من العلماء والتجار والصناع والوجهاء بمرافقته إلى بلاده، طمعا في بناء مشروعه التعميري. فأنشأ المدارس وبيوت العلم، واصطحب المهندسين والمعماريين والفقهاء، وقد آتت رحلته ثمارها: س ُُد ّّدت ديون الدولة، وقويت شوكتها، واتسعت رقعتها حتى امتدت من المحيط الأطلسي إلى نهر النيجر وغابة تاغزة ذهب بالذهب، وعاد بالرجال والكتب والصناعة والعمران باحث في أدب الرحلة الهوامش: . ي ُُنظر الجزء الأول عن الرحلة بعنوان: رحلة السلطان منسا موسى من «مالي» 1 م 2025 ، مايو 307 م، المنشور في مجلة تراث 1324 إلى «مكة» المصـــــادر: - مََنْْسا مُُوس ََى: الس ُّّلطان الحاج ّّ، تأليف محمد دوكوري، مكتبة أََيوما، جوس- 1 م. 2022 ، 2 نََيجيريا. ط - انظر المصادر المذكورة في المقال من عيون التاريخ وأمهات الكتب (ابن 2 خلدون، ابن بطوطة، تاريخ الفتاش).. وغيرها.
تقدم رأس موكب الحج السلطاني من عاصمة مالي إلى تنبكت شمال مالي، حيث لحقه منسا موسى. وذكر الفتاش سببا غريبا لتأخره، حيث اختار له أحد المشايخ يوم سبت محدد للانطلاق، فانتظر ذلك اليوم في عاصمته، فانطلقت القافلة دون أن يأتي اليوم إلا بعد تسعة أشهر، مما يضيف عنصر الغرابة إلى رحلته. انطلقت القافلة من تنبكت غربا إلى بلدة ئه (جنوب شرق موريتانيا)، ثم اتجهت شمالا مائلة شرقا ا ول ّا نحو تغازي (أقصى شمال مالي)، وواصلت طريقها عبر توات (جنوب الجزائر) إلى غدامس (غرب وسط ليبيا عند ملتقى حدود الجزائر وتونس)، ومنها تابعت سيرها شرقا حتى وصلت منطقة الأهرام في مصر. وصل منسا موسى إلى عاصمة مصر هـ، وهو ما أجمعت عليه المصادر 724 في شهر رجب سنة دون خلاف في السنة أو الشهر، وإن اختلفت في تحديد يوم الوصول. وعند المقريزي: أن كان في الثاني والعشرين أو الثالث والعشرين أو الرابع والعشرين من رجب؛ لأنه ذكر أن منسا موسى قضى ثلاثة أيام في دار ضيافة في بر الجيزة حيث الأهرام التي خرج عليها أول وصوله، ثم على النيل إلى برمصروالقاهرة في الناحية الشرقية؛ حيث قلعة الجبل ودار السلطان ومقر حكمه، وحدد تاريخ عبور النيل، ويصادف يوم السادس والعشرين من رجب. ونزل في القرافة الكبرى عند بركة تسمى بركة الخيش أو بركة الحاج، في قصر أقطعه إياه السلطان المملوكي محمد بن قلاوون وأمضى هناك ثلاثة أشهر حتى انطلقت قافلة الحج المصرية (المحمل) واختار منسا أن يكون متأخار في ساقة القافلة ليحصل له الاستقلال بهيبة موكبه. قضاء المناسك ورحلة العودة ونوائب الدهر بعد وصوله إلى الحجاز، أقام منسا موسى في مكة عند باب إبراهيم بحي رباط الخوزي، ثم انتقل إلى المدينة بعد أداء المناسك، وتأخر عن موكب العودة المصري ثلاثة أشهر. صادفه الشتاء القارس، فهلك كثيرمن مرافقيه، وفقد معظم هـ، قرر 725 مراكبه، ولم يعد إلا بثلثها. وفي ربيع الأول سنة العودة منفرداًً، لكنه تعرّّض لهجمات قطاع الطرق، وتاه في منطقة الفُُقََار، حتى اهتدى إلى طريق الساحل، فعاش على السمك إلى أن بلغ السويس. وعند وصوله، أهدى ما تبق ّّى معه للسلطان، فأكرمه ورد عليه العطايا. ولما عاد إلى بلاده، بعث
ثلاثياتروحانية شعر: الدكتور شهاب غانم
)1 (ُُ ُُكل شيء سينتهي ويزول
ًًوسيبقى الوجه الكريم الجليل كل شيءٍٍ.. وسوف يبقى دواما ٍٍمالك الملك وحد ََه ويقول ُُ: ُُ«ل ِِم ََن الم ُُلك اليوم؟» يالسؤال ُُوجواب ٌٌ.. صمت طويل مهول من سوى الواحد المهيمن والقهار.. والدائم الذي لا يزول )2 (
ُُكل شيء يأتي من الله خير ٍٍفهو أدرى بما مضى ويصير ُُفتوكل عليه في كل أمر ٍفعلى أمره تقوم الأمور �ٍّ ُُليس يدري بالغيب أي نبي ٍٍفالنبوءات وحيه المستور ُُفاحمد الله كل صبح وليل كيفما كان حظك المقدور )3 (ٍٍ ِ خفف عناء كل مريض �ِّ ِِرب ْْومصاب وامنن بك ّل شفاء
ِِفي المشافي وفي المنازل وزّّع ٍٍنفحات من فضلك المعطاء ِِمن لهم غيررب كل ضعيف ٍٍمستجير في الصبح أو في المساء ِِفأجرْْهم يارب واكرم بأجر عند حمد والصبر عند البلاء
73
72
2025 يونيو 308 / العدد
م 1324 «نََسج الحكايا»: قافلة الذهب والعجب في رحلة منسا موسى إلى الحج عام
Made with FlippingBook. PDF to flipbook with ease