صلات شعرية
مع الله. يشعر المرء في هذا المكان بتوقّّف حركة الزمن، وبالتجرد من كل المظاهر الدنيوية، ونلاحظ معاني الصفاء والطهر تعمر هذا المكان من خلال مفردات الشاعرة (غيث، أنوار، انسكب، يعانق، حب، ارتواء...)، في هذا المكان يعيد المرء ترتيب أوراقه فيُُعرض عن حب الدنيا إلى حب الآخرة، وينفض عن ثيابه ما علق بها من حقد وكراهية ويعطّّرها بالإيمان والمحبة والنقاء. وأجمل ما في الأبيات حالة الشاعرة وهي تحاول أن تروي ظمأها من الغيث الإيماني الذي يملأ هذا المكان بحب الخالق. ونبقى في رحاب الديار المباركة، فهذا الشاعر صقر القاسمي يأسر لُُب َّّه منظر مكة وكعبتها المشرفة، فيرصد شكل المكان وحركة الحجيج الذين توافدوا من كل أصقاع الأرض تحت راية الإ لاسم والتوحيد: إلــــــــــــــــــــــــــــــــى مََهبِِــــــــــــــــط الوََحــــــــــــــــي الــــــــــــــــذي بِِسنائِِــــــــــه تُُضاء لنــــــــــــــــــــــــا طــــــــــــــــــــــــرق الحيــــــــــــــــــــــــاة وغ ََورُُهــــــــــــــــــــــــــا إلــــــــــى بُُقعـــــــــــــــــــة قــــــــــــــــد بــــــــــــــــارك اللــــــــــــــــــــــه حولََهــــــــــــــــا ْْفتاهــــــــت بهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا آصالُُهــــــــــــــــــــــــا وبُُكورُُهـــــــــــــــــــــــــــــــــــــا ََّــــــــــــــــــــــــــدت هنـــــــــــاك ترى الأجنــــــــــــــــــــــــاس كيــــــــف تََوح ََــــــــا الإســــــــــــــــلام منهــــــــا غ ُُرورََهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا وكيــــــــف مََح ح ََد ََتْْهــــــــا إلى اللــــــــــــــــه المحبــــــــــــــــة فاستــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوى ) 3( ِه ص ُُعلُُوكُُهــــــــا وأميرُُهــــــــــــــــــــــــــــــــا �ِّ ِِــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــز لََــــــــــــــــدى ع مكة تلك الأرض المباركة التي شهدت مولد نبي البشرية،
وأورع وأبهى من هذا المكان العامر بالإيمان والتآخي والمودة؟! وتتراءى عُُمان بطبيعتها الساحرة؛ حيث البحر والشطآن والجبال والوديان والزهر والريحان، الذي تزدان به مدنها وقراها: صحار ونزوة وصلالة... هذه الطبيعة الخلابة تفتح
وشهدت دعوته المباركة وهو ينشر دين الإ لاسم.. بقعة مقدسة اختصها الله بعنايته. وفي موسم الحج يلتقي القاصي والداني، الغني والفقير، الأمير والصعلوك، ولا فرق بينهم إلا بالتقوى. في هذا المكان تتعرى النفس على حقيقتها وحول الكعبة حركة الحجيج، لباس واحد ونداء واحد وهدف واحد؛ حيث تضيع في هذا المكان العامر بالإيمان ملامح البشر وجنسياتهم وطبقاتهم فكلهم سواء؛ العربي والهندي والغربي، والأبيض والأسود. إن حركة الحجيج بطوافهم حول الكعبة لا تتحقق في أي مكان على الإطلاق؛ حيث الملايين ينتظمون في الطواف والسعي والرمي من تلقاء أنفسهم، وفي حركتهم الانكسار والخشوع، هذا المنظر يشك ّّل ملمحا جماليّّا بديعاًً، خصوصا وهم يدعون ويتضرعون عند أستار الكعبة. إنها لحظات التوحد مع الله، لحظات الاستغفار والتوبة، ونلحظ معاني التوحد في هذا المكان من خلال استخدام الشاعر مفردات (تاهت، توحدت، استوى، مََحََا...). وهل هناك أجمل
عُُمان الساحرة بطبيعتها بينها وبين العتيبة علاقة محبة فقد زارها غير مرة وعرف جمال طبيعتها وسحر جبالها وبحرها. في هذه الأبيات يرسم العتيبة لوحة جميلة تتشكل عناصرها من أمواج البحر وشطآنه، والسهول الخضراء، والأزهار والرياحين. في مثل هذه الطبيعة يستشعر المرء راحة النفس وهدوء الأعصاب ومتعة الجمال، ويحدد العتيبة أماكن بعينها: نزوة وصحار وصلالة، التي يتخذ منها أهل ع ُُمان والمقيمون منتجعات سياحية طلبا للراحة والاستجمام في مواسم الحر، وصلالة تحديدا تتميز بطبيعة ساحرة. هذه الأماكن لا تزال تعيش في عقل العتيبة وقلبه، ويعمر المكان في هذه الأبيات بالألوان الأخضر والأحمر والأصفر والرائحة العطرة. وإذا نظرت إلى الجبال فهي شاهد على الأصالة والعروبة والتجذ ّّر العريق لع ُُمان في الأرض، شامخة تتحدى عوادي الزمن، وفي كل نتوء من نتوءاتها س ِِجل حافل بالعراقة والأصالة. ِم شطراليمن السعيد، ويبرزأمامنا س ّد مأرب الذي يحكي �ِّ ون ُُي ََم
ٌٌشهية الشاعر مانع سعيد العتيبة فينشد: ُُفيــــــــــــــــــــــــــــــــك الجََمـــــــــــــــــــال مناظــــــــــــــــــــــــر خلابــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة
البحــــــــــــــــــــــــــــــــر والأمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــواج والشطــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــآن
ٍ رََحََّبــــــــــــــــــــــــــــــــت بضيوفهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا �ٍّ ِِــــــــــــــــــــــــز ُُوجِِبــــــــــــــــــــــــال ع
ٍٍهــــــــــــــــــــــــــــــــي للإبــــــــــــــــــــــــــــــــاء وأهلِِــــــــــــــــــــــــــــــــه عنــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوان
ُُوسُُهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــولُُك الخضـــــــــــــــــــــــــراء أروع لوحــــــــــــــــــــــــــــــــة
ٍٍنََطقــــــــــــــــــــــــت بِِسحــــــــــــــــــــــــر بيانهــــــــــــــــــــــــا الألـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوان
ُُولقــــــــــــــــــــــــد مــــــــــــــــــــــــــــــــررت على ص ُُحــــــــــــــــار ونََــــــــــــــــــــــــــــــــزْْوة
ٍٍوأراح نفســـــــــــــــــــــــــي الزََّهــــــــــــــــــــــــــــــــر والريحــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــان
ْْــــــــــــــــــــــــد ِِي لأرض صلالــــــــــــــــــــــــة بــــــــــــــــــــــــــــــــل قادنــــــــــــــــي وََج
) 4(ُُ فيهــــــــــــــــــــــــا يتــــــــــــــــوق القلــــــــــــــــب والو ِِجـــــــــــــــــــــــــــــــــــــدان
81
80
2025 يونيو 308 / العدد
اليمن – سلطنة ع ُُمان – محطات عربية في قلوب شعراء الإمارات السعودية
Made with FlippingBook. PDF to flipbook with ease