صلات شعرية
ُُفي الس ُُّفوح وفي الوِِهاد هذا هو العرس الكبير ) 5( ََوالش ََّعب يََقفز فوق هاتيك الصخور المُُش ْْمََخ ِِرََّه ُُيتلو النشيد
فراحوا يتحدثون عنها بكل حب وصدق وعفوية، جذبهم جمالها وسحرها وطبيعتها، كما أسرت قلوبهم الكعبة المشرفة بجلالها وقدسيتها، التي يلتقي فيها القاصي والداني من أصقاع الأرض كلها لأداء شعائر ومناسك الحج والعمرة. أشعارهم باحت بها قلوبهم قبل عقولهم فكانت هذه الهمسات الشعرية العذبة الندية، ولجمال تصويرهم لهذه الأماكن التي فعّّلت قريحتهم الشعرية، أحسسنا أننا كنا معهم في هذه الأماكن نستمتع بجمالها وسحرها وعبقها أكاديمي سوري الهوامش والمراجع: . صالحة غابش، ديوان (بانتظار الشمس)، قصيدة (غيث)، منشورات اتحاد 1 .13 ، ص 1992 ، الشارقة، الإمارات العربية المتحدة، 1 كتاب وأدباء الإمارات، ط . عرفان الفهدي: متاح على الموقع 2 www.mansak.com/mansak/behoth/taamolat.htm . صقر القاسمي، (الديوان)، قصيدة (من وحي مكة)، دار العودة، بيروت، 3 .270 ، ص 1989 . مانع سعيد العتيبة، ديوان (نبع الطيب)، قصيدة (عُُمان)، المؤسسة العربية 4 .129 - 124 ، ص 1997 ، 1 للإعلام والعلاقات العامة، ط . لمشمخرّّة: المرتفعة. 5 . سلطان خليفة، ديوان (شدوالزمن)، قصيدة (أميرة مأرب)، اتحاد كتاب وأدباء 6 .113 - 107 ، ص 1988 الإمارات، الشارقة،
حزينة كئيبة، ويعود شموخ السد ويعود الخير والعطاء وتدب الحياة في أرجاء المكان. إن هذه الحضارة العريقة يجب أن تبقى شامخة على مر السنين، فقد عادت الحياة إلى الهضاب والوديان واخضرّّت الأرض. إن هذا التحول الذي أصاب السد شكّّل نقطة مهمة في حياته بين الماضي والحاضر: الماضي بكآبته والحاضر بسعادته، ويتتب ّّع الشاعر مرحلتين من عمر هذا السد: مرحلة الخراب والوحشة، ويستخدم لها مفردات (الريح المكفهر، انهارت، انهد، لا أنيس، لا خليل)، ومع الانتقال إلى مرحلة البناء والترميم نقرأ عبارات (جاء الخير، زئير الآلات، العرس الكبير، الشعب يقفز، الصخور المشمخرّّه، عاد الخير)، ثنائية متقابلة تعكس حالة السد في عهدََيه، وحالة الناس ومشاعرهم كذلك، وفي كلتا الحالتين اللتين تعاقبتا على السد تتجلى ملامح الجمال في المكان، فالجمال الحزين تتجلى معالمه في الخرائب والصمت الموحش والحزن الذي يخيم على الوجوه، وفي العهد الزاهي يشيع عنصر الحركة والحياة، إنه التعمير والبناء الذي ترسم معالمه حركة الآلات المزمجرة، التي تعلن للسد ميلاد عهد جديد. هذه هي المحطات العربية التي أسرت قلوب شعراء الإمارات
عراقة اليمن وتراثها الضارب في أعماق التاريخ، هذا السد الذي أخذته عوامل الطبيعة على حين غرّّة فتداعت معظم أجزائه. ويعود الفضل للشيخ زايد - طيّّـب الله ثراه - في ترميمه وتأهيله على نفقته الخاصة، ويقف الشاعر سلطان خليفة أمام هذا السد متمثلا عظمة حضارة القدماء وتاريخهم، ومشيدا بالجهود العظيمة للشيخ زايد: ِِبََلقيس يا إشراقة الماضي ْْما كنت أدري أن س ََد ََّك ٌٌسوف تََذروه الرََّياح المُُك َفَهِِر بل وانْْهََد مجد شامخ وحضارة كانت ترفرف ُُ، ِِبالسعادة والمََسََرََّة ْْوبقيت وحدك ِِلا أنيس ولا خليل ع ُُدنا إليك
ُُع ُُد ْْنا وعاد الخير ع ُُد ْْنا وعاد المجد ) 6( سد ّّا شامخا يعلو البحيرة
كلما ذ ُُكرت اليمن لا بد أن ت ُُذكرالملكة بلقيس. إن نظرة تأملية إلى سد مأرب تدل على عظمته وعظمة الأمة التي شيّّدته، إن تجذّّره في الأرض برغم عوادي الزمن يعني الرسوخ والثبات، إلا أن الطبيعة أخذت منه كل مأخذ وتصدّّع بنيانه وأصبح المكان موحشا كئيباًً، وبات موئلا للسباع والوحوش الضارية وكأن حضارة قرون طويلة زالت وانهارت وتداعت. إلا أن المجد لهذه الحضارة لا بد أن يعود من جديد فتزحف الآلات عبر الصحراء معلنة ولادة عهد جديد، فيتحول المكان إلى عرس ومهرجان بعد عملية التشييد والترميم التي أخذها على عاتقه، المغفور له - بإذن الله تعالى - الشيخ زايد - طيّّـب الله ثراه - فقد عادت الحياة والبهجة إلى هذا السد من جديد وبدأت تتسرب إلى أوصاله، وتعود البسمة تعلو الوجوه بعد أن كانت
س ُُق ْْنا إليك المعجزات ُُمََن قال إنََّا لن نعود
ُُجئنا وجاء الخير وزََئير آلات تجلجل
83
82
2025 يونيو 308 / العدد
اليمن – سلطنة ع ُُمان – محطات عربية في قلوب شعراء الإمارات السعودية
Made with FlippingBook. PDF to flipbook with ease