torath 308 - june-2025

هوية تشكيلية

تجليات الخط العربي في تجربة الفنان الإماراتي تعد تجليات الحروف العربية في التراث الثقافي الإماراتي من أبرز المظاهر التي تعكس ارتباط الهوية الإماراتية بالثقافة العربية والإ لاسمية، ونلاحظ أن هذه الحروف برزت كرموز فنية تعكس التمسك بالموروث الحضاري للدولة وهي كذلك عناصر مهمة في الفن التشكيلي الإماراتي، فالتراث الخطي للحضارة العربية الإ لاسمية يزخر بالكثير من الروائع الفنية التي تستخدم الحروف، من وحدات زخرفية أو أشكال طبيعية أو إنسانية، وتقدم دلائل على طوعية الحرف العربي في تكوين عناصر تشكيلية متميزة قادرة على إغناء الأشكال البصرية للوحة، فالحروف تملك أشكالا ذا حدين يتمثل بها بصري وآخر عقلي (حسي وإدراكي)، فهو في قراءة اللوحة يتطلب إشراك عنصرين من مادتين مختلفتين، فاللوحة الحروفية (الخطية) تخضع لإملاءات الأدب وبالتالي اشتراط النص والقارئة

معاًً، رسم حدود قاسية لحدود الخط، إذ إن كل عمل فني يتضمن عنصرين مترابطين هما الشكل والفكرة أو المضمون ويظهران في حالة لاتحم ووحدة مجتمعة، فالمضمون هو الأفكار الكامنة التي يكون الشكل هو الإطار الحاوي لها كما أن المضمون قبل العملية الفنية ليس إلا فكرة يتعذر على المتلقي تسلمها دون إحاطة حسية بها من خلال الشكل وأن العلاقة بينهما متضافرة تنضج من وجودهما معاًً، وإذا كان الواقع الخارجي يفرض نفسه على الفنان منذ البداية، فالفنان في حاجة إلى لغة يخاطب بها المتلقي، وكما استخدم الأديب الكلمات لينقل بها أفكاره وأحاسيسه إلى الناس، فكذلك استخدم الرسام والخطاط الخطوط والألوان والمساحات والكلمات لإيجاد عمل فني يحقق ما يريده من مدلولات فنية وفكرية، فالعمل الفني بوجه عام هو تنظيم عناصر الوسط المادي التي يتضمنها العمل الفني، ويتحقق الارتباط المتبادل بينهما، فالفنان يميل أحيانا لاستثمار التعاون بين الحرف

الحرف العربي جسـر بين الأصالة والتجديد وهكذا نجد أن صيغ التعبير الجمالي للحرف تكونت على نحو استعدادي تتم فيه استدعاء واستعادة كل ما ترتب من حروف بعملية بناء تفاصيل النظر إلى الأنساق المعرفية لمكونات التكوين الفني. ويمكن القول إن الحروف العربية تظل أكثرمن مجرد لغة، بل هي مرآة تعكس عمق الهوية الثقافية والحضارية والتاريخية للشعوب وتجسد روح التراث الإماراتي في قالب فني معاصر، ولقد استطاع الفنانون التشكيليون في دولة الإمارات العربية المتحدة أن يجدوا فنا يمزج بين أصالة الماضي وابتكار الحاضر ليصبح الخط جس ار بين الجذور والآفاق، والتراث والتجديد، وفي ظل هذا الحضور البارز للحروف العربية تبقى شاهدة على رحلة وطن يحفظ تاريخه، ويصنع مستقبله بفن يفيض بالمعاني والجمال أكاديمية من الإمارات المصادر والمراجع: . نجلاء محمد عبد الحميد عبد المحسن الخولي: جماليات الحروف العربية 1 في الأبعاد الثلاثة كمدخل لإثراء التصميم الزخرفي المعاصر، بحث منشور، ، كلية التربية الفنية، 1 )، العدد 24 بحوث في التربية الفنية والفنون، المجلد ( م. 2022 جامعة حلوان، أغسطس . محمد حسين جودي: ابتكارات العرب في الفنون وأثرها في الفن الأوروبي في 2 م. 1996 ، دار الميسرة والتوزيع، عمان، 1 القرون الوسطى، ط ، 1 . عبد الفتاح رياض: التكوين في الفنون التشكيلية، دارالنهضة العربية، ط 3 القاهرة، من دون سنة طبع. . خالد الجلاف: لقاء الخطاط/ محمد مندي، مجلة «حروف عربية»، تصدرعن 4 م. 2002 ندوة الثقافة والعلوم، العدد التاسع، أكتوبر

والصورة كشكل من أشكال التعبير، وهكذا نجد أن الفنان الإماراتي (محمد مندي) قد عامل الحرف معاملة خاصة فيها الإحساس الخطي، بالأسلوب الذي يعتمد على نقل الأثر فأضاف إلى خطوطه الرموزالمعروفة والتشكيلات البنائية في أعماله الفنية، فالفنان محمد مندي تميزت أعماله الفنية بالتعبير عن مشاهد الحياة الإماراتية التي يتناول فيها ثقافته في الأداء تجاه الموضوع والمضمون، «فهو من عائلة فنية متفرعة الأشكال والألوان، تلميذ بار بمعلمه الخطاط الكبير سيد إبراهيم، جمع بين الخط والرسم، يعترف أن بدايته مع الخط في الصغركانت بالتقليد ووضع الشفاف، ولكن سرعان ما شب وانطلق كالمارد بفضل تشجيع معلمه في المدرسة، اعتمد الفنان على أسلوب الرسم من خلال الخطوط العربية، ما يجعل اللوحة ثرية بالملامس المتنوعة مع الاحتفاظ بشكل العناصر الموجودة التي يرسمها بدقة بالخطوط العربية، أما من الناحية التعبيرية فقد ربط الفنان بين الشكل والمضمون عن طريق التعبير المباشر بالشحنات الانفعالية فلقد امتازت أعماله بعمق البصيرة فهو يرى موضوعاته من أوجه عديدة ويبدوأن أغلبها يصب في بؤرة فنية واحدة تمتلك عنصرالخط العربي. الفنان كتب خطوط «عملات كثيرة منها: عملة دولة الإمارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين (جميع الفئات)، وعملة الجمهورية العربية السورية (فئتا المئتين والألف)، وكذلك كتابة خطوط جوازات سفر دول منها: الإمارات، والكويت، وقطر، وع ُُمان، وكذلك قام بتصميم مئذنة المنتدى الإ لاسمي في ألمانيا - بنسبرغ - عبارة عن نص الأذان كاملا .2006 بالخط الديواني عام

95

94 الحروف العربية مرآة التراث الثقافي في الفنون التشكيلية الإماراتية

2025 يونيو 308 / العدد

Made with FlippingBook. PDF to flipbook with ease