191 |
ورغم أن المفكر األميركي، جون إسبوزيتو، تناول هذا الجدل الدائر بين الحكومات وصانعي السياســات والخبراء حول ما إذا كانت ظاهرة اإلســ م السياســي متعددة األوجه ومتنوعة أم أنها تختزل فكرًا وممارســات عُنفيَّة يجب قمعها باســتمرار أو القضاء عليها، فمن الواضح -بحسب الكتاب- أن إسبوزيتو يميل إلى المنظور األول، حينما يشــير إلى وجود جماعات وتجارب إسالمية يعبِّر نشاطها السياسي والحركي عن مرونة اإلسالم، واإلسالم السياسي على وجه الخصوص. وخالفًا لهذا المنظور، يُقدِّم الكتاب جملة من الدراسات التي تختزل اإلسالم السياسي فــي أبعاده المتطرفة، ومثال ذلك ما وجده لدى الباحث محمد أيوب، الذي يقر في ، لكنه يخلص في النهاية إلى أن " األوجه المتعددة لإلسالم السياسي " دراسته المعنونة بـ أن هذه الظاهرة تمثِّل شك ًل من أشكال استغالل اإلسالم من " هذه األوجه تتقاطع في . وهنا، يتحول اإلسالم السياسي إلى أيديولوجيا " قبل األفراد والجماعات والمنظمات يعني أن " استغالل " تعكس موقفًا نقديًّا مســبقًا تجاه اإلســ م. في حين أن مصطلح اإلســ ميين يوظفون بشكل إســتراتيجي مفاهيم إسالمية لمنفعة سياسية خاصة بهم دون غيرهم. والحال أن هذه الرؤية بحسب الكتاب تكاد تكون األكثر حضورًا وهيمنة لدى عدد كبيــر مــن الباحثين واألكاديميين الغربيين في حيــن أن أهدافها المضمرة تتمثَّل في تنظر لإلسالم نسقًا دينيًّا وكأنه ال يتوفر على منظور معرفي بشأن كيفية تنظيم " كونها .) 6 ( " السياسة والمجتمع في العالم اإلسالمي المعاصر ومن هذه الزاوية يبرز مجموع القضايا المرتبطة بالقوالب النمطية وإثارة الخوف التي تهيمن على النقاشــات الغربية الســائدة حول اإلسالم واإلسالم السياسي في الشرق األوســط. وهنا، يصبح اإلســ م من المنظور الغربي نظيرًا لإلسالموية التي ال تعبِّر بالضرورة عن اإلسالم بقدر ما تعبِّر عن مجموعات مغلقة من المفاهيم والمعتقدات، متجذرة بعمق في نفوسهم وفي صميم عمليات تفكيرهم. وفي مقابل هذا المنظور الجاهز والنمطي، يذهب بارودي إلى أن اإلســ م السياسي في أبعاده المعتدلة والوسطية يمثِّل حق ًل واسعًا ومتنوعًا وغير متسق داخليًّا.. وقد يتم النظر إليه هنا على أنه مجموعة من وجهات النظر المتنافسة في كثير من األحيان حول السياسة والدولة التي يحملها األفراد أو الجماعات المستنيرة، والتي تشمل المصادر
Made with FlippingBook Online newsletter