| 20
وقد نجح الرئيس قيس ســعيد في اللعب على التناقضات األيديولوجية القائمة بين أكبر قوة اجتماعية بالبالد، وهي االتحاد العام التونســي للشــغل، الذي يهيمن على قيادته اليسار النقابي وبعض األطياف القومية، وأكبر قوة سياسية وهي حركة النهضة ). وقد استفاد من تعميق الشرخ القائم بينهما في خلق 33 ذات المرجعية اإلســ مية( صراعات جانبية بين معارضيه؛ حاول االتحاد أن ينأى بنفســه عنها وأن يســتفيد هو اآلخر من تشظي المشهد السياسي ليبرز قوة نقابية مؤثرة في الحياة السياسية مستنجدًا بدوره الوطني الذي لطالما أبرزه رقمًا صعبًا في المشــهد السياســي دون أن يكون منضبطًا بقواعد العمل الحزبي ونواميسه بحيث يحصد المغانم ويتنصَّل من مسؤولية المغارم. لكن هذه اللعبة المفضلة لدى االتحاد العام التونسي للشغل لم تعد تجدي كثيرًا في ظل الواقع الجديد الذي فرضه الرئيس قيس ســعيد بعد أن أصبح الالعب السياســي الوحيد الذي يهيمن على كل مفاصــل الدولة ويكاد يجمع بين يديه كافة الســلطات بما في ذلك الســلطة القضائية حيث عيَّن بنفســه أعضاء مجلس القضاء المؤقــت بعــد أن حل المجلس األعلى للقضاء وأعفى أكثر من خمســين قاضيًّا من ). وقد أدرك االتحاد ذلك وعبَّرت قيادته 34 مناصبهم من بينهم رئيس المجلس نفسه( عن هذا اإلدراك في أكثر من مناســبة، لكنه ظل يراوح بين موقفين ال يســتطيع أن يصدح بأي منهما، فال هو مســتعد إلعالن مســاندته الصريحة لمشروع الرئيس قيس ســعيد الذي بدأت تتضح معالمه نســبيًّا بعد عرض الدستور الجديد على االستفتاء، )، وال هو فــي وارد إعالن معارضته الواضحة لهذا 35 ( 2022 يوليو/تمــوز 25 يــوم المشــروع الذي سيهمش األحزاب السياســية والمنظمات المدنية الكبرى على حد .) 36 سواء وسيسحب البساط من تحتها دون أن يكون بديًل عنها( . "االتحاد": عامل توازن سياسي وأمان اجتماعي أم عنصر معطل لمسار 4 االنتقال الديمقارطي؟ ما من قوة سياســية أو اجتماعية في تونس تســتطيع أن تتجاهل دور االتحاد العام .) 37 التونســي للشــغل في تحقيق التوازن السياســي واألمان االجتماعي في البالد( الرباعي " وقــد برهــن االتحاد على قدرته علــى لعب هذا الدور حينما قــاد تجربة ، على صعوبتها وحساســية الظروف التي حفَّت 2013 ، في " الراعــي للحوار الوطني ). لكن االتحاد نفســه يحتاج إلى إعادة ترتيب بيته الداخلي وحســم بعض 38 بهــا(
Made with FlippingBook Online newsletter