العدد 16 – نوفمبر/تشرين الثاني 2022

37 |

وبناء عليه، فإنه رغم اإلصالحات التي شــهدها المغرب خصوصًا في العقد األخير، على صعيد حرية التعبير والتدبير االقتصادي والسياسي وإقرار التعددية السياسية، فإن العملية االنتخابية في المغرب في ظل خصوصية النظام السياســي المغربي ال تؤدي وظيفتها في إحقاق الديمقراطية، وتكريس وصول المنتخبين إلى مراكز صناعة القرار السياســي الذي يبقى بأيدي سلطة مركزية تســتند على شرعية تاريخية ودينية تسمو على باقي المؤسســات الدستورية المنتخبة، بحيث تظل االنتخابات التشريعية بعيدة عن التأثير في هوية ومركز صناعة تدبير الشأن العام في المغرب. انطالقًا من هذه الفرضية، تجدر اإلشــارة إلى أن الدراســات األكاديمية التي تناولت إفرازات العملية االنتخابية ونتائجها في تطوير الحياة السياسية في المغرب على قلَّتها، ،) 6 قد ســلكت ثالثة توجهات: توجهًا يدرس الفعل االنتخابي من مفهوم التنافســية( ويتعامــل مع االنتخابات المغربية بأدوات التحليل والمناهج الغربية وكأنها تنافســية كمثيالتهــا في األنظمــة الديمقراطية. أمــا التوجه الثاني فيقــارب الفعل االنتخابي )، ويرى أصحاب هذا التوجه 7 بالمغرب من زاوية الطبيعة غير التنافسية التي تطبعه( أن االنتخابات التشريعية في المغرب ال تقوم على مبدأ التنافسية والنزاهة االنتخابية، ووظيفتها ال تخدم المســار الديمقراطي؛ ألن نتائجها محســومة سلفًا داخل اإلدارة المشرفة على االنتخاب. ثم هناك توجه ثالث يمزج بين المقاربتين في دراسته للفعل الذي " شبه التنافسي " )، ويعالج المسلســل االنتخابي من زاوية 8 االنتخابي بالمغرب( يطبع البيئة السياســية بالمغرب؛ حيث التغيير الذي تؤديه العملية االنتخابية ال يمس مركزية الحكم القائم، بقدر ما يمس محيطه. إن مقاربــة العمليــة االنتخابية في المغرب من خالل التوجهــات األكاديمية الثالثة سالفة الذكر، تقودنا إلى االنتقال من االعتماد على آليات التحليل الكمي، التي تركز بالخصوص على التراكم اإلحصائي والعددي في قراءة العملية االنتخابية في المغرب، إلى االعتماد على آليات التحليل الكيفي التي تركز باألساس على المخرجات واألثر المترتب على العملية االنتخابية في المغرب، ومدى مســاهمتها في إنجاح مسلســل اإلصالح السياســي وتكريس الممارســة الديمقراطية داخل المؤسسات الدستورية. لهذا، وانسجامًا مع الفرضية المعتمدة لمعالجة إشكالية هذه الدراسة، سنحاول اعتماد ثالثة مستويات من التحليل.

Made with FlippingBook Online newsletter