العدد 16 – نوفمبر/تشرين الثاني 2022

| 52

إشكالية االنتقال � . الشرعية االنتخابية و 2.2 يُعد مبدأ الشــرعية قوام الفلســفة االنتخابية برمتها، فبواســطته تُبنى شــرعية النخب المنتخبة في الحكم، وبواسطته تتآكل هذه الصالحية. لهذا يالحظ في الحالة المغربية اســتمرار وجود مظاهر السلطوية االنتخابية؛ مما يقوض مبدأ شرعية األطر المنتخبة في تدبير الشــأن العام، وتمثيلية المواطنين. وتتعدد مظاهر هذا االنتقاص من شرعية النخب المنتخبة جرَّاء مشاركتها في السلطة بدون أن تمارس السلطة، ثم جرَّاء ضعف المشاركة السياسية للمواطنين في التعبير عن اختياراتهم للهيئات الممثلة لهم. مشاركة بدون سلطة من المفترض أن تؤدي العملية االنتخابية إلى إفراز نخب حاكمة تقود عملية صناعة القرار السياســي؛ إذ تكتســي اختياراتها االقتصادية واالجتماعيــة والثقافية مضمونًا سياســيًّا متســقًا مع أشــكال التعاقد التي أخذتها على عاتقها مع المواطنين الذين انتخبوهــا لتمثيلهم. فالمعادلة االنتخابية الديمقراطية تؤدي إلى تحقيق معيار التداول على السلطة أوًلً، ثم ممارسة الهيئات المنتخبة للسلطة ثانيًا. فــي الحالة المغربية، تنتفي عناصر هــذه المعادلة لمجموعة من االعتبارات، أهمها: بنية البيئة العامة للنظام السياسي المغربي، فالهندسة الدستورية تفرز مجاالت واسعة ال تدخل في اختصاصات المؤسســات االنتخابية؛ وهذا يُســقط فلسفة التمثيلية في المجال التداولي المغربي في إشــكالية مالءمة الســيادة الشعبية مع الحضور القوي لمؤسســات أخرى غير منتخبة، تفوق شرعيتها التاريخية والدينية التعبير عن السيادة عن طريق العملية االنتخابية. لهذا، يصعب الحســم في مدى مالءمة خطاطة التمثيلية الشــعبية للهندسة التي يقوم عليها الدســتور المغربي في توزيع االختصاصات بين الســلط، فتمركز معظم السلط (الدين، األمن، الدفاع، القضاء، السياســة العامة، الخارجية..) بيد المؤسسة الملكية ال يسمح بالحديث عن شرعية انتخابية لصنَّاع القرار السياسي في المغرب. فصناعة القرار تبقى بيد الملك الذي يستمد شرعيته من خارج العملية االنتخابية، وتبقى مكانته فوق باقي المؤسسات وبعيدة عن كل النزاعات.

Made with FlippingBook Online newsletter