التهديدات الأمنية غير التقليدية غربي المحيط الهندي وخليج عدن

ﻋﻠﻲ اﻟﺬهﺐ

ﻋﻠﻲ اﻟﺬهﺐ

التهديدات الأمنية غير التقليدية غربي المحيط الهندي وخليج عدن دراسةفي تطوير آليات المواجهة

التهديدات الأمنية غير التقليدية غربي المحيط الهندي وخليج عدن دراسةفي تطوير آليات المواجهة

علي الذهب

هـ 1443 م - 2021 الطبعة الأولى: ديسمبر/ كانون الأول إن الآراء الواردة في هذا الكتاب لا تعّ بالضرورة عن مركز الجزيرة للدراسات ISBN: 978-605-71169-3-2

الدوحة- قطر 4831346 فاكس: ) +974 ( 4930218 - 4930183 - 4930181 هواتف: jcforstudies@aljazeera.net البريد الإلكتروني:

جميع الحقوق محفوظة

يمنع نسخ أو استعمال أي جزء من هذا الكتاب بأية وسيلة تصويرية أو إلكترونية أو ميكانيكية بما في ذلك التسجيل الفوتوغرافي والتسجيل على أشرطة أو أقراص مقروءة أو بأية وسيلة نشر أخرى بما في ذلك حفظ المعلومات، واسترجاعها من دون إذن خطي من الناشر.

التجهيز وتصميم الغلاف: قطاع الإبداع الفني بشبكة الجزيرة الإعلامية

9.................................................................................................... مقدمة الفصل الأول 15. ....................... التحولات الحديثةفيالأمن والتهديدات غير التقليدية 17. ........................................................................................................... تمهيد 17. ...................................................................... المفهوم الضيق والواسع للأمن 21. ........................................ الأمنفيمستوياته القومية والإقليمية والعالمية 30.................................................................. الأبعاد التقليدية والمعاصرة للأمن 34..................................... التهديدات الأمنيةفي أبعادها التقليدية والمعاصرة 45............................................................ العلاقة بين التهديد والتحدي والخطر 47............. تحولات مفهوم وتقنيات مواجهة التهديدات الأمنية غير التقليدية 59............................................................................................................ خاتمة الفصل الثاني التهديدات الأمنية غير التقليدية غربي المحيط الهندي وخليج عدن 61......................................................................................... والبحر الأحمر 63............................................................................................................ تمهيد 63. الأهمية الجيوسياسية والتنافس الدولي غربي المحيط الهندي وخليج عدن 68............... الوضع الأمنيفي الجزء القاري لغربي المحيط الهندي وخليج عدن التهديدات الأمنية غير التقليديةفي المجال البحري 72................................................................................... لغربي المحيط الهندي

5

تقنيات التهديدات الأمنية غير التقليديةفي المجال البحري 101. ................................................................................ لغربي المحيط الهندي تشابك مناشط التهديدات غير التقليديةفي المجال البحري 106................................................................................. لغربي المحيط الهندي تداعيات التهديدات الأمنية غير التقليديةفي المجال البحري 108................................................................................. لغربي المحيط الهندي 116. ......................................................................................................... خاتمة الفصل الثالث المبادرات الدولية والإقليمية إزاء التهديدات غير التقليدية 117..................................................... غربي المحيط الهندي وخليج عدن 119. ......................................................................................................... تمهيد 119. ...... أسسمبادرات التعاون الدولي والإقليمي إزاء التهديدات غير التقليدية 122..... الاتفاقيات ذات الصلة بالتهديدات غير التقليدية غربي المحيط الهندي 130.... قرارات الأمم المتحدة إزاء التهديدات غير التقليدية غرب المحيط الهندي 131. ......................... المبادرات الدولية والإقليمية إزاء التهديدات غير التقليدية 146.......................................................................................................... خاتمة الفصل الرابع بوصفهما آليّتين لمواجهة 2017- ، وجدة 2009- مدوّنتا جيبوتي 147............. التهديدات غير التقليدية غربي المحيط الهندي وخليج عدن 149.......................................................................................................... تمهيد 149................................... م 2009- سلوك جيبوتي ‌ تعريف وظروف نشأة مدونة 153......................... والقضايا التي تنظمها 2009- غرضمدونة سلوك جيبوتي 155......... 2009- النطاق الجغرافيوالدول الأطراففيمدونة سلوك جيبوتي

6

185..... مجالات تعاون الدول الأطراف لتحقيق أغراض المدونة وأدوات تحقيقها 168...............................................2017- تعديل جدة لمدونة جيبوتي للسلوك 179............ 2017- وتعديل جدة 2009- التحليل البيئيلمدونة سلوك جيبوتي 195.....................................................................2017 تفعيل تعديل جدة لعام 197.......................................................................................................... خاتمة الفصل الخامس إلى اتفاقية تعاون 2009- تصور مقترح لتطوير مدونة سلوك جيبوتي 199............................................. 2017- إقليمية مع الارتفاق بتعديل جدة 201......................................................................................................... مقدمة 201............................................................................. منطلقات التصور المقترح 206.................................................................................. أهداف التصور المقترح 207.................................................................................. ملامح التصور المقترح 213......................................................... متطلبات التنفيذ ومواجهة المعوقات 215.......................................................................................................... خاتمة 217......................................................................................................... الخاتمة 221............................................................................................... المراجع

7

مقدمة تشير العديـد مـن الدراسـاتوالتقارير الدوليـة إلى أن المجال البحـري لمناطق غربي المحيـط الهنـدي، وخليـجعـدن، والبحر الأحمر، تكتنفـه، منحين إلى آخـر، حالة منعدم الاسـتقرار الأمنـي؛ نتيجـة لانتشـار أنماطمختلفة مـن التهديـدات الأمنية غير التقليدية، التـي تتنـوع بين القرصنة والسـطو المسـلحعلى السـفن، والجريمة المنظمـة العابرة للحدود المتعـارف عليهـا دوليـا، لاسـيم ( TOC ) Transnational Organized Crime الوطنيـة ( TSOC ) الجرائـم التـي توصـفبأنهـا منظمة وعابـرة للحدود الوطنيـة منخلال البحـار التـي تبرزفي المناشـطوالممرسـاتالبحرية Transnational Seaborne Organized Crime غير المشروعـة، مثـل: تهريـب المهاجريـن، وتهريـبوالاتجار غير المشروع في الأسـلحة، والب ، والمنتجـات الحيوانيـة والنباتيـة المحظـورة، والصيـد غير القانـوني، دون إب غ، ، وسرقـة النفـط، ( IUUF ) Illegal , Unregulated , Unreported Fishing ودون تنظيـم عـنتهديـد الإرهـاب الـذي يرتبـط، عبر وإغـراق النفايـاتوالملوثـات السـامة، فض أوجـه مختلفـة، بالعديـد من هـذه التهديـدات أو الجرائم. السـفن، قبالـة م تصاعـد نشـاط القرصنـة والسـطو المسـلح ع 2005 فمنـذ عـام السـواحل الصوماليـة، وتجلـت أبـرز وقائعـه في تعـرضسـفينة سـياحية، تحمـل ركابـا ، ثم 7 أميكي ، لهجـوم مسـلح نفـذه قراصنـةصوماليـون، بواسـطة قاذفاتآر بيجـي- سـلب البضائع والأمـوال من تطـور نشـاط القرصنـة مـنطابعـه التقليـدي، القائـم ع الفديات السـفن، إلى اختطـاف السـفن ذاتهـا، واحتجـاز طواقمهـا، بقصـد الحصول ع . ((( الماليـة الكبيرة، لتتحـول معـه القرصنـة إلى م وع اسـتثمري غي قانـوني

، والصومال إفريقيـا وغرب آسـيا شرق جنوب في للقرصنـة الأمنيـة الاسـتجابات ميرفي، مارتـن ((( . 20 ص م)، 2014 ظبـي، أبو الاستراتيجية، والبحـوث للدراسـات الإمـارات (مركـز

9

United Nations Office ووفقـا لمكتـب الأمـم المتحدة المعنـي بالمخـدراتوالجريمـة ، بلغـتما 2008 ، فـإن عوائـد القرصنـة عـام on Drugs and Crime ( UNODC ) ( 2009 ) مليون 140 م، إلى 2011 ، وارتفـع ذلك، خ ل عـام ((( مليـون دولار أميكـي 30 - 18 ب مليون 13 . 5 دولار أميكـي، وقـدرتفديـة انتزعـتمنسـفينة يونانية، في العام التالي، بــ . وتعـزىهـذه الزيـادة إلى تركيـز القراصنـة علىسـفن الشـحن الكبية، ((( دولار أميكـي ،) MV Sirius Star وناق ت النفـط، ومثال ذلك ناقلة النفط السـعودية سيريوسسـتار ( م، 2009 التـي اختطفـتقبالـة السـواحل الكينيـة، ثـم أفـرج عنهـا في يناير/كانون الثـاني . ((( مليـون دولار أميكي 3 . 5 مقابـل فديـة قدرها نحـو السـفن، بـرزت أشـكال عديـدة مـن الصيـد غير بجانـب تهديـد القرصنـة ع ، التـي تمارسـها السـفن الأجنبيـة في البحـر IUUF القانـوني، دون إب غ، ودون تنظيـم الإقليمـي، والمنطقـة الاقتصاديـة الخاصـة بالصومـال، وكذلـك إغـراق النفايات السـامة فيهما، مـن قبـلسـفن أجنبية، وكان هـذان التهديدان غير منفصلينعن نشـاط القرصنة، ذلـك الإغـراقظهور آثـاره على ، وكان ممـا دل ع ((( إذ أنهـا مثلـت اسـتجابة عنيفـة لهما م، بعـد أيـام قليلـة مـن تعـرضمنطقة 2005 الشـواطئ الجنوبيـة للصومـال، مطلـع عـام م؛ حيث تسـببذلك 2004 شرق آسـيا لإعصار تسـونامي، أواخر ديسـمب/كانون الأول . ((( فيحـدوثوفيـات، وانتشـار أمـراضفتاكـة، وتضرر الحيـاة الطبيعيـة البحرية (1) UNODC, Organized Crime and Trafficking in Eastern Africa, A discussion paper for discussion at the Regional Ministerial Meeting on Promoting the Rule of Law and Human Security in Eastern Africa Nairobi, 23-24 November 2009, p42. 10-9 ص ، والصومال إفريقيا وغرب آسيا شرق جنوب في للقرصنة الأمنية الاستجابات ميفي، ((( (3) Lennox, Patrick, Contemporary piracy of the horn of Africa , (The Canadian Defence and foreign affairs institute, Calgary, 2008), p10. (4) Anyimadu, Adjoa, Maritime Security in the Gulf of Guinea: Lessons Learned from the Indian Ocean , (Chatham House, London, 2013), p16. (5) "Toxic scandal in Somalia gave birth to new piracy", Socialist Worker , Nov 25, 2008, (accessed: March 23, 2016), at: https://bit.ly/3aIHu9F.

r

10

صعيـد تهديـد الإرهاب البحري، فقـد أضحى ذلكأحد أبرز الشـواغل الأمنية ع لـدول غـربي المحيط الهندي وخليجعـدن، والبحر الأحمر، ودول أخـرىخارجية، تربطها بهـذه المناطـق مصالـح اقتصاديـة، وتجارية، وعسـكرية، أما ممثلو هـذا التهديـد فيتقدمهم، Al - Qaeda in the Arabian سـبيل المثـال، تنظيـم قاعـدة الجهـاد في جزيـرة العـرب ع Islamic state in ، وتنظيم دولة العراق والشـام الإس مية (داعش) Peninsula ( AQAP ) ، هجومينمسـلحين اسـتهدف AQAP . وقـدشـن تنظيـم القاعدة Iraq and Syria ( ISIS ) ، بميناء عـدن، في أكتوبر/تشرين USS Cole أحدهمـا المدمـرة الأميكيـة يـو أسأسكـول ، Limburg MV ، واسـتهدف الآخر ناقلة النفط الفرنسـية أم ڤي ليمبورج ((( م 2000 الأول م، وقد أشـار 2002 قبالـة مينـاءضبـة، بمحافظـة حضمـوت، في أكتوبـر/ تشريـن الأول م، لاسـتهداف 1997 خطـط، عـام AQAP ، إلى أن تنظيـم القاعـدة ( 2011 ) ( Burke ) بيرك . ((( ، بواسـطة زوارقصغيرة مفخخـة لكنه أخفـقفي التنفيذ USS Cole المدمـرة في السـياق نفسـه، شـهدت منطقة شمالي بحر العرب عددا من العمليات الإرهابية، ، قربمضيـق هرمز، Star - M كان مـن أبرزهـا اسـتهداف ناقلـة النفـط اليابانيـة إم سـتار م، بواسـطة زورقصغير مفخـخ بمتفجـراتوصفت بأنهـا بدائية 2010 في يوليـو/ تمـوز الصنـع، وذلـك أثنـاء مغـادرة الناقلة مينـاء نفطيا بدولة الإمـارات، وعلى متنها شـحنة من . وتعـرضمحطتي نفـط بميناء البصرة وخـور العميّة ((( ألـفطن 270 النفـط قدرهـا نحـو م، أسـفرتعن 2004 بالعـراق، لهجمات إرهابيـة، بواسـطة زوارقصغيرة مفخخة عـام . ((( مليـون دولار أميكي 40 وقـوع خسـائر مادية، بلغت نحـو (1) Bergen, P., Sterman, D., Salyk-Virk M., Sims A., Ford, A, "The War in Yemen", New America , (accessed: December 23, 2020), at: https: https://bit.ly/3pfYmKs. الإمارات (مركز ، المتحـدة العربية الإمارات لدولـة البحري للأمن الإرهابي التهديـد بـول، بيرك، ((( . 20 ص ، 2011 أبوظبي، الاستراتيجية، والبحوث للدراسـات (3) Terror Blast Hits Japanese Tanker in Gulf Strait, Pakistan Defence , 2010, (accessed: September 6, 2017), at: https://bit.ly/3bYf4ZD. (4) Wee, Me6, "Maritime TerrorismThreat in Southeast Asia and Its Challenges", Pointer Journal of the Singapore Armed Forces , (Vol.43, No.2, 2015), pp32-44.

11

وفي سـبيل مواجهة هذه التهديدات، خاصة القرصنة والسـطو المسـلح على السـفن، ، الذي 1816 م، القـرار 2008 يونيو/حزيـران 2 أصـدر مجلـسالأمـن بالأمـم المتحـدة، في خـولجميـع الـدول إرسـالسـفنها الحربيـة إلى الميـاه الإقليميـة الصومالية، لتعقبنشـاط ضرورة تبـادل السـلم والأمـن الدولي ، وأكـد ع القراصنـة، ودرء خطرهـم ع المعلومـات، وتقديـم المسـاعداتاللازمـة للسـفن التي تتعـرضلذلك، وضرورة تنسـيق ( IMO International Maritime جميع الدول، ومـع المنظمة البحرية الدوليـة التعـاون ب . ((( مـن جهـة أخرى Organization ) ، بالتعاون مـع دول المنطقة، إلى IMO ولأجـل ذلـك، سـعتالمنظمة البحريـة الدولية 2009 مدونة سـلوكجيبـوتي- " إبـرام اتفـاق لم يصـل لدرجـة الاتفـاق الإقليمي عـرف بـ م، 2009 ينايـر/ كانون الثاني 29 ، ووقـع عليهـا، في ( DCoC ) Djibouti Code of Conduct م، 2017 ممثلـو حكومـات معظـم دول المنطقـة، وبلـغ عـدد أطرافهـا، في فبايـر/ شـباط إحـدى وعشريـن دولـة، هـي: جيبـوتي، وإثيوبيا، وكينيـا، ومدغشـقر، وجـزر المالديف، وسيشـيل، والصومـال، وتنزانيـا، واليمـن، وجـزر القمـر، وم ، وإريتيـا، والأردن، وموريشـيوس، وموزامبيـق، وسـلطنة عمان، والسـعودية، وجمهوريـة جنـوب إفريقيـا، . ((( والسـودان، والإمـارات، وجزيـرة ريونيون (فرنسـية) ولمـا كنّـا بصـدد دراسـة التهديـدات الأمنيـة غير التقليديـة، في منطقة غـربي المحيط الهنـدي وخليـج عـدن، وامتدادهمـا إلى حـوض البحـر الأحمـر؛ اقتضى أن تكـون هـذه م)، 2017 نيسـان إبريل/ 27 (الدخـول: ، المتحدة الأمـم ، " الأمن مجلس قـرارات " الأمـن، مجلـس ((( https :// bit . ly / 2ZsOYIX في البحريـة بالقرصنـة الخاصـة 2009 جيبـوتي- سـلوك مدونـة ، IMO الدوليـة البحريـة المنظمـة ((( الأحمر، والبحـر عدن وخليج الهنـدي المحيـط غربي السـفن يسـتهدفان اللذيـن المسـلح والسـطو . 2 ص م)، 2009 لنـدن، الدوليـة، البحريـة (المنظمـة

12

، أن تكونفيسـتة فصول، حذف ((( الدارسـة، التـي هـيفي الأسـاس، أطروحـة دكتـوراة فصلهـا السـادسعند تحويلها إلى كتابفي وضعها الحـالي؛ ليناقشفصلها الأول: مفهومي الأمـن والتهديـدات الأمنيـة، ومجـالات وأبعـاد كل منهما، والتحـولات الحديثـة فيهما، فيما يُبرز الفصـل الثـاني: التفاع ت المختلفـة للتهديـداتغير التقليدية، غـربي المحيط مسـتوياتوأبعـاد الأمن، أمـا الفصل الهنـدي، وخليـجعـدن، وتداعياتهـا المختلفـة ع الثالـث: فاضطلـع بالمبـادرات الدوليـة والإقليميـة القائمـة في مواجهـة هـذه التهديدات، م، التـي أقرتهـا دول غـربي 2009 وأمـا الفصـل الرابـع: فيناقـشمدونـة سـلوكجيبـوتي- المحيـط الهنـدي، لمكافحـة القرصنـة والسـطو المسـلح على السـفن، وحُدثـت إلى ما عرف ، التي " 2017 تعديلجـدة- " م، 2017 بتعديـلجـدة لمدونـة سـلوكجيبوتي للسـلوك لعـام لمواجهـة التهديـدات، غير التقليديـة، غـربي يناقشـها الفصـل كذلـك، بوصفهما آليت المحيـط الهنـدي وخليـج عدن. م، إلى 2009 ويقـدم الفصـل الخامـس: مقتحـا لتطويـر مدونـة سـلوك جيبـوتي- م، الـذي أقرتـه 2017 اتفاقيـة تعـاون إقليميـة؛ مـع الارتفـاق، في ذلـك، بتعديـل جـدة م، بوصفـه تحديثـا لهـا، وأعلـن عنـه 2009 معظـم دول أطـراف مدونـة سـلوك جيبـوتي- أثنـاء القيـام بهذه الدراسـة؛ حيـث تبنى هذا المقترح تطويـر المدونـة الأم إلى اتفاقية تعاون إقليميـة، وتوسـيع مجـالي المدونت ، الموضوعـي والجغـرافي، وتحديـد الأدوات التنفيذيـة اللازمـة لمواجهـة التهديـدات الأمنية غبر التقليدية، وإبـراز التحديات التـي تواجه عملية . ((( التطويـر، والحلـول الممكنـة لتجـاوز ذلك العليـا الدراسـات معهـد في الدكتـوراه، درجـة لنيـل أطروحـة بوصفهـا الدراسـة، هـذه أجيـزت ((( في بمصر، بالإسـكندرية، البحـري، والنقـل والتكنولوجيـا للعلـوم العربيـة بالأكاديميـة البحريـة، فترة طيلـة العـون، يـد إلي مـد مـن لـكل الجزيل الشـكر أسـجل وهنـا م. 2019 تمـوز يوليـو/ والمشرف ، المحكم ، والسـادة المعهـد، وعمادة الأكاديميـة، رئاسـة بالذكـر وأخـص الدراسـة، أقدمه، الجزيل والشـكر العلا. أبو طارق د. ربّـان السـعدي، محمد د. أ الكـرش، محمـد د. أ وهـم: إصداراته. ضمـن الدراسـة هـذه نشر لطلـب اسـتجاب الـذي للدراسـات الجزيـرة مركـز إلى كذلـك، سـلوك لمدونـة م، 2017 لعـام جـدة تعديـل تضمنـه مـا إلى الدراسـة اسـتناد بالارتفـاق: يقصـد ((( والتحليـل. الدراسـة موضـع ووضعـه ، 2009 جيبـوتي-

13

الفصل الأول

التحولات الحديةفيالأمن والتهديدات غير التقليدية

15

تمهيد يناقـشهـذا الفصـل المسـألة الأمنيـة مـن زاويـة غير تقليديـة، راصـدا التحـولات الطارئـة في مفهومـي الأمـن والتهديـدات الأمنيـة غي التقليديـة، والتحـولات الحديثة في مواجهـة هـذه التهديـدات، فيسـياق مفهومـي الأمن الخشـن، والأمن الناعـم، منخلال اسـتعراضومناقشـة بعـضالنماذج القائمـة، بمافيذلـكالتنميـة، ممثلـة فيم بـاتيعرف ، نظـرا إلى ارتبـاطذلـكبمجـال الدراسـة، " اقتصـاد المحيـط " ، أو " الاقتصـاد الأزرق " بــ وظيفيـا ومكانيـا. مـع ملاحظة أن مناقشـة مناشـط التهديداتغي التقليديـة، اضطلعبها، نحـو واسـع، الفصـل الثالثمـن هذه الدراسـة. ع المفهوم الضيق والواسع للأمن ظـل مفهـوم الأمـن، لفترة وطويلـة، مرتبطـا بالفـرد، حاكما ومحكومـا، ثـم تطـور ) في أوروبا Westphalia ) ليتبـط بسـيادة الدولـة، التي أرسـتمعالمها معاهـدة ويسـتفاليا م؛ حيـث ظهـر، بموجـب هـذه الاتفاقيـة، نظـام دولي جديـد قوامـه الدولـة 1648 عـام ترابها، من ، وهـو تصـور تقليـدي للأمن، مرتبط بممرسـة الدولة سـيادتها ع ((( القوميـة خ ل أمريـن، الأول: حماية فضاء ترابها وسـكانها، والثاني: حماية الاسـتقلالية السياسـية، الثامن والعسـكرية، والاقتصاديـة. أي أنـه بعـد ظهـور مفهوم الدولـة- الأمة، في القرن والتاسـع عشر، توسـعت العلاقات بين الدول، وتشـابكتمصالحهـا، محدثة انقلابا ع . ((( كبيا في مفهـوم الأمن مـع انتصـاف القـرن العشرين، شـهد مفهـوم الأمـن تطورا كبيرا مقابـل التحولات الناشـئة فيمختلـفمجـالات الحياة، وتشـكّلفي مفاهيـمجديدة ومتعـددة؛ كالأمن القومي، مخاطر لتقييـم منهجية دراسـة القومـي: الأمـن مخاطـر تقييـم منهجيـة " حسـن، فـوزي الزبيـدي، ((( . 47 - 8 ص ص م)، 2015 تمـوز يوليـو/ ، 11 (العـدد ، اس اتيجية رؤى . "NSRA القومـي الأمـن ، 15 (العـدد ، والقانـون السياسـة دفاتـر ، " المتوسـط في الأميكيـة الأمنيـة السياسـة " بـرد، رتيبـة، ((( . 645 - 636 ص ص م)، 2016 حزيـران يونيـو/

17

والأمـن الإقليمـي، والأمـن الـدولي، وبـاتهنـاك ما يعـرف بالأمـن الخشـن أو الصلب، والأمـن الناعـم، وفقـا لتطـور طبيعة التهديـد، وأسـاليبمواجهته. ومع ذلـكظلتكلمة الأمـن تفسرّ، فيعمومهـا، بوصفهـا نقيضـا للخـوف، وهـي، بذلـك، تعنـي: التحـرر من الخـوف أو الخطـر أو الغـزو، وهـي كلماتغي متادفـة، فلكل منهـا معنى قائـم بذاته، مع . وخلال الحـرب العالمية ((( مـا تثيره من مشـكلاتحول دلالتهـا اللغويـة والاصطلاحيـة م)، ظهـر اصط ح الأمـن القومي، ليصبحهذا الأمـن، وفقا لتصور 1945 - 1939 الثانيـة ( م(، أكثـر ارتباطـا بالقـوة العسـكرية، مع نشـوء 1943 ) ( Lippmann Walter ) والتر ليبمان . ((( اعتقـاد راسـخ بـأن الدولة تصبح آمنـة، إذا لم تكن التضحية بقيمها ثمنـا لتجنيبها الحرب هذا التصـور، أصبح أمن الدولة مسـاويا للقـدرة العسـكرية، التي تؤهلها بنـاءً ع أيتهديد، وذلـكما يندرجفي إطـار النظرية للقيـام بعمـل مسـلح، منشـأنه التغلبع الواقعيـة للأمـن، التـي تعد الدولـة، فيمحتواهـا، الفاعل الرئيـس، وأمنها هو المسـتهدف، . وظـل الاعتقـاد سـائدا ((( وذلـك مـا يتطلـب تملّـك القـوة لاسـتخدامها عنـد الحاجـة بعـضالأنظمـة السياسـية حتـىسـبعينيات القـرن المـاضي، بـأن القوات ومسـيطرا ع المسـلحة أداة الدولـة الوحيـدة لفرضالأمـن، دون إشراك أي أدوات أو متغيات أخرى، وبذلـكظلـتهـذه الأنظمـة حبيسـة المفهـوم الضيـق للأمـن، ولا تـزال الـدول العربية، اتمنصفقات الأسـلحة خصوصـا الـدول النفطيـة، تراكـم قدراتهـا العسـكرية بالع . وأن الأمـنلا يـزالفي نظرهـا، وغيهـا من ((( الضخمـة، مـا يؤكـد بقـاء هـذا الاعتقـاد العربية، النهضـة (دار ، الـدولي الجماعي والأمـن القومي الأمـن مصطفى، شـوقي ممـدوح كامـل، ((( . 28 ص م)، 1985 القاهـرة، المفاهيم في نظرية دراسـة وتهديداته: وصيغه، مسـتوياته الأمن: مفهوم " عبـدالله، سـليمن الحـربي، ((( 30 - 9 ص ص م)، 2008 صيـف ، 19 العدد (، السياسـية للعلوم العربية المجلـة ، " والأطـر من الجزائري القومي الأمـن فهم في: ، " والأركان والحـراك المفهوم القومي: الأمـن " بهلول، نسـيم، انظـر: ((( م). 2015 عمان، والتوزيع، للنشر الحامـد (دار ، الوطني والدفـاع الوطنـي الأمـن مدخلي بيوت، ال وق، (دار ، الأجراس تـدق لمن العربي: القومـي الأمن أزمة أم ، هويـدي، انظـر: ((( م). 1991

18

، وليـس ترجمـة ((( الـدول مسـألة عارضـة وطارئـة، ترتبـط بالتهديـد القائـم أو المحتمـل لعمليـة تطـور بعيـدة المدى؛ ذلـك أن الحديثعـن الأمن القومـي ظل مقرونـا بتهديدات . ((( القـوى الخارجية المواطنينمن الأخطار لم يقـفالمفهـوم الضيـق للأمنعند هـذا الحد، بلحصرتأم المحتملـة، فيمجموعـة مـن الإجـراءات التشريعيـة، والتنفيذيـة، والقضائيـة، التـي تقوم بها الأجهـزة المعنيـة؛ لتبـدوصورة الأمن وفقـا لهذا المفهـوم، دفاعية الطابـع، وفي الوقتذاته، فـإن هـذه الإجراءات تشـمل، إلىجانب تأمين المواطـن، تأمين ثروات الدول ومقدسـاتها، . ((( وحدودهـا، وحفظ اسـتقلالها، وسـيادتها الإقليمية مـن أيتهديد خارجي وكان للتطـورات الحاصلـة فيعمليـات التكامل والتعاون الـدولي، وبروز الشركات جـدد، أن أوجـد كل ذلـك واقعـا جديـدا لم يعـد فيـه الأمـن الدوليـة الكبرى كفاعل الـدول، ولم يعـد الشـأن العسـكري، وحـده، مـا يشـغلها لتحقيـق أمنهـا، ا ع مقت فـكان أن أثـار ذلـك اهتممـا أكاديميـا واسـعا حول المسـألة الأمنيـة، لاسـتيعابتحولاتها الجديـدة، فيسـياق معالجـاتمفاهيميـة أجـد، تضـم الأبعـاد الجديـدة للأمـن، وتربطهـا . ((( بأبعـاده القديمة بـروز ال كات المتعـددة الجنسـيات، كعوامـل جديـدة ذات صلـة وعطفـا ع الرغم مـن الإيجابيـات، التـيتحققها للـدول المضيفة، بالأمـن القومـي للـدول، فإنـه ع أمنهـا القومـي، سـيم في جانبـي إلا أن أنشـطتها تخلـف تداعيـات تهديديـة خطيرة ع للدراسـات الجامعية (المؤسسـة ، العربي القومي والأمـن للبحار القانـوني التنظيـم سـليم، حـداد، ((( . 10 ص م)، 1994 بيروت، والن ، للدراسـات (عين ، للمجتمع القومي والأمن والاتصـالات المعلومات تكنولوجيـا ص ح، سـالم، ((( . 12 ، 11 ص م)، 2003 القاهـرة، والبحوث، . 30 ، 29 ص الدولي، الجمعي والأمن القومي الأمن كامل، ((( دفاتر ، " البـاردة الحرب بعد ما عـالم في الأمنية والتهديدات الأمـن " لديمة، فريجـة، أحمـد؛ فريجـة، ((( 170 - 157 ص ص م)، 2016 الثـاني يناير/كانون ، 14 (العدد ، والقانـون السياسـة

19

المصالـح والسـيادة، عـنطريـق تدخلهـا في الشـئون الداخليـة للـدول، وبما يحفـظلهـذه ال كاتمصالحهـا وأهدافهـا، التـي تتطابـق، غالبـا، مـع مصالـحوأهدافقـوىدولية كبرىمرتبطـة بهـا. ويتمثـل تدخلهـا في فـرضسياسـات انتهازيـة، اقتصادية وسياسـية، وعرقلـة اسـتغلال المـواد والثـروات الطبيعيـة، مـا لم تكن مشـاركة فيها، ومخالفـة القوانين الوطنيـة المتعلقـة بتنظيـمحالات التأميم، والاسـتثمر، والسياسـات الضيبيـة والتجارية، عـن التداعيـات الاجتمعيـة، المتمثلـة في ورفـض الانصيـاع للقضـاء المحلي، فض التفسـخ الخلقـي، والفسـاد، والميـل إلى الاسـتهلاك، وتبعـاتذلـكمن أشـكال الفوضى . ((( الاجتمعية والسياسية م، دور فيظهـور المفهوم 1945 - 1939 ولقـد كان لتداعيـات الحـرب العالميـة الثانيـة الواسـع للأمـن؛ حيـثمثلـتهذه الحربدرسـا بليغا للـدول، ثبتمنخلالـه أن الأمن يتجـاوز مفهـوم القـوة العسـكرية، الـذيظل مهيمنـا لفتة طويلـة، وأن هـذه القوة، لكي تقـوم بدورهـا، ينبغـي أن تسـتند إلى ركائـز اقتصاديـة قويـة، وأنحماية الدولـة، داخليا، لا . ((( يقـل أهمية عـنحمايتهـا خارجيا مـنجانـب آخـر، وإزاء تعدد مصـادر التهديدات بوجـود مصادر غير تقليدية، فقد اتسـع مفهـوم الأمـن القومـي، ليتصفبالكلية، والشـمول، وتشـابكمجالاتـه، والتعقيد، ، واهتمماتهـا القديمـة الإجرائيـة، الأمنيـة والوقائيـة تجـاه ((( متجـاوزا ارتباطـه بالدولـة حـدود الدولـة، ومجاليهـا الجـويوالبحـري، وحفـظ أسرارها، وبنـاء قواتها المسـلحة، أو الأحلاف العسـكرية؛ وذلـك للقيام بإجـراءاتوتدابي أخرى تتناسـبمع الاعتماد ع . ((( التهديـدات الجديـدة، داخليـا وخارجيا، مـع مراعاة أمـن الآخرين الجنسـيات المتعددة الشركات " الجليل، عبـد فراس الطحان، جاسـم؛ زكريا، أحمـد؛ العزيـز، عبـد ((( ص م)، 2010 أيلول سـبتمب/ ، 85 (العدد ، والاقتصـاد الإدارة مجلة ، " النامية الـدول ع وأثرهـا . 135 - 13 ص . 45 ص الدولي، الجمعي والأمن القومي الأمن كامل، ((( . 30 - 9 ص ص الأمن، مفهوم الحربي، ((( . 36 - 33 ص الدولي، الجمعي والأمن القومي الأمن كامل، (((

20

الأمنفي مستوياته القومية والإقليمية والعالمية تعـددتمفاهيـم الأمـن بتعـدد مسـتوياته، وتفاعلهـا مـع بعضهـا في إطـار المصالح المشتركة للـدول، وضمان تعايشـها السـلمي، وحفـظحقوقهـا المشتركة؛ وبذلـكتوزع القوميـة، والإقليميـة، والدوليـة؛ بمعنى أن الأمن لم يعد يشـغل اهتمام الدول الأمـن ب وحدهـا، وفي إطـار مصالحهـا، بـل تعدى ذلـك إلى مسـتويات إقليميـة وعالمية. - الأمنفي المستوى القومي ١ قـدرة الأمة على " عرفـتدائـرة معـارف العلـوم الاجتمعيـة، الأمـن القومـي، بأنـه التعريـف، إطلاقه . ويلاحـظ ع ((( " حمايـة قيمهـا الداخليـة مـن التهديـدات الخارجيـة التهديـدات الداخلية، وهو، بذلـك، يخالف العنـان لكافـة التهديـدات الخارجيـة، مغف النظـرة الضيقـة للأمـن، التـي تبنتهـا المدرسـة الواقعيـة؛ حيـث يعـد الأمـن، مـن وجهـة نظرهـا، وظيفـة عسـكرية متجسـدة فيحشـد الدولـة لقواتها المسـلحة، لمواجهـة أيتهديد خارجـي، مواجهـة تكتيكية واستراتيجية، وعلى المسـتويين، الداخليوالخارجي، وأي أنه لم يعـد مضمـون الأمـن سياسـيا شـخصيا، مقتنـا بالحاكم وسـلطته ونظامه، بـل أضحى ذا طبيعـة سياسـية ومؤسسـية، شـاملا أركان الدولة المعروفـة، وهي: الشـعب، والإقليم، . ((( والسـلطة الحاكمة، والسـيادة وفقا للتوسع في مفهوم الأمن، تعززت النظرة إلى الأمن القومي من خلال ما يل: - ارتباط الأمن القومي بالتنمية واحتياجات السكان ، في نهايـة سـتينيات القـرن المـاضي، مفهـوم ( 1970 ) ( McNamara ) انتقـد ماكنمارا الأمـن، الـذي تسـيطر عليـه الأطـر التقليديـة المتجسـدة في القـوة العسـكرية؛ حيـثربط مفهـوم الأمـن بالتنميـة، التي تعني التقدم الاقتصادي، والاجتمعي، والسـياسي؛ مسـتدلا . 3 ص للمجتمع، القومي والأمن والاتصالات المعلومات تكنولوجيا سالم، ((( ، تطبيقية نظريـة مقاربـة القومـي: والأمـن الأمـن عبـاس، علي مـراد، محمـد؛ الله عبـد مسـعود، ((( . 22 ص م)، 2006 بنغـازي، الأخضر، الكتـاب لدراسـات العالمـي المركـز

21

القـوة العسـكرية ذلـك بأمـن الولايـات المتحـدة الأميكيـة، الـذي لا يعتمـد ع ع وحدهـا، وليـسعليهـا أساسـا، حسـبوصفـه. ودعـا، حينهـا، إلى تطوير نماذج للتنمية الاقتصاديـة والسياسـية داخـل الولايـات المتحـدة والـدول الناميـة، ثـم قدم تعريفـا ذائع الصيـتللأمـن، اشترط فيه،ضمنيـا، لوجود الأمن، وجـودا مماثلا للتنميـة، ومؤكدا على أنـه لا أمـن دون تنميـة، ولا نظـام ولا اسـتقرار دون تنميـة داخليـة، بـل قـد يصبـح ذلك مسـتحيلا، وقـد عبرّ ماكنمارا عـن مفهومه للأمـن بقوله: الأمـن معنـاه التنميـة. والأمن ليسهـو المعدات العسـكرية، وإن كان قد يتضمن " المعـدات العسـكرية، والأمـن ليـسهو القـوة العسـكرية، وإن كان قـد يتضمنها، والأمـن ليـسالنشـاط العسـكري التقليـدي، وإن كان قـد يشـمله. إن الأمـن هو . ((( " التنميـة، ودون التنميـة لا يمكـن أن يوجد أمن م)، بأنها 2002 م) نتفهمهـا كم عب عنها البيـاتي ( 1970 والتنميـة في تعريـفماكنمارا ( عمليـة مجتمعيـة واعيـة وموجهـة؛ لإيجـاد تحـولاتهيكليـة، تـؤدي إلى تكويـن القاعـدة " اللازمـة لانط ق القـدرات الإنتاجيـة الذاتيـة، التـي يحصـل بموجبهـا تزايـد منظـم في متوسـط إنتاجيـة الفـرد، وقدرات المجتمـع، ضمن إطـار العلاقات الاجتمعية، مسـتهدفا . وننظـر إلى طبيعة ((( " توفير الاحتياجـات الأساسـية، وتوفي الأمن الفـردي والاجتمعي م)، 2016 العمليـة المجتمعيـة الـواردة في التعريـف، بالنظرة ذاتهـا التي ذهب إليها يونـس( . وبما أن التنمية ((( بأنهـا شـاملة، وطويلـة المـدى، وتسـتهدفتغيير الواقع تغييرا جذريـا للتأليـف، العامـة المصريـة (الهيئـة شـاهين، يونـس ترجمـة ، الأمـن جوهـر روبـرت، ماكنمارا، ((( . 125 ص م)، 1970 القاهـرة، ، 2006 - 1970 بين للف ة العـراق حالـة دراسـة والتنميـة الأمـن علي، عبـاس محمـد، في: ورد ((( . 25 ، 24 ص م)، 2013 بغـداد، للدراسـات، العـراق (مركـز ، العربي المسـتقبل ، " العربيـة البلدان في للتنميـة المسـتقبلية الآفـاق " فيصـل، الزهـرة عبـد يونـس، ((( . 76 - 63 ص ص م)، 2016 نيسـان إبريـل/ ، 446 العـدد ، 38 (المجلـد

22

نشـاطمجتمعـي، فـإن ذلـكيضفيعلى الأمـنطابعا وبعـدا مجتمعيا، ولعل ذلـكما وضع . ((( ماكنمارا فيصدارة مؤسسيهـذا الاتجاه م)، أشـار برنامـج الأمـم المتحدة 2015 في تقريـره حـول التنميـة الإنسـانية العربيـة ( ، إلى أن الأمـن يعنـي: United Nations Development Programme ( UNDP ) الإنمئـي التحـرر مـن الخـوف، والتحرر مـن الحاجة، وأن هذيـن الأمرين يعـدان محورين مفصليين لأمـن الإنسـان؛ حيـث يضطلع الأمن بتمكين الشـعوبمـن احتواء وتجنـب التهديدات، التـي تطـالحياتهـا، ومعيشـتها، وكرامتهـا، فيما التنمية البشريـة تضطلع بتوسـيع قدرات الأفـراد والفـرصالمتاحة. ولأن الأمـن الاقتصـادي يمثـل المكـون الرئيسيللتحـرر مـن الحاجـة، فـإن ذلـك يقتضيالتحـرك نحـو تنويـع وبنـاء اقتصـاداتتوفـر فرصـا أكثـر للعمل، وتضمنسـبل العيـش. ولا ينبغـي أن يقـفهـذا التحـرر عند حـدود الاقتصاد، بل يشـملحمايـة البيئة، وتسـوية النزاعـات المسـلحة، وتعزيـز إنفـاذ القانون الذي يصـون الحقـوق والحريات؛ إذ أنـه متـىتحـررتالجمهي من الخـوفوالحاجة، فإنها تصبـح أكثر قابلية للإقـرار بالشرعية . ((( السياسـية، والاقتصاديـة، والاجتمعيـة، للنظـم الحاكمة - تراجع دور القوة العسكرية في تحقيق الأمن لا يعنـيهـذا الأمـر تراجـعخيـار القـوة العسـكرية في مواجهـة التهديـدات الأمنية هـذا الخيـار، لكـون القـوة العسـكرية لم تعد إجمـالا، ولكـن تراجـع التعويـل المطلـقع الوسـيلة الوحيـدة لتحقيـق الأمـن القومـي، مـا لم يكـن هنـاك روافـع أخـرى داعمة؛ فلا وجـود لمؤسسـة عسـكريةصالحـة، إلا بوجـود نظـام سـياسيمتـوازن، ونظـام اقتصـادي عـادل، وعلاقـات اجتمعيـة سـليمة؛ فالأمـن القومـي يقـاس بقـدرة الدولـة لا بقوتهـا؛ تطبيقية، نظريـة مقاربـة القومـي: والأمـن الأمـن عبـاس، علي مـراد، محمـد؛ الله عبـد مسـعود، ((( . 38 ص في التنمية : 2014 لعـام البشريـة التنمية تقريـر " ، UNDP الإنمئـي المتحـدة الأمـم برنامـج انظـر: ((( .) 2015 (واشـنطن، ، " عمـل كل

23

وهـذه القـدرة لا تتحقـق إلا بوجـود قـوة متنوعـة، سياسـية، واجتمعيـة، واقتصاديـة، ذلـك مـن الصدمـة الاقتصاديـة، التـي تعـرضلهـا وتقنيـة، ونحوهـا، وليـس أدل ع ، فيظل مـا كان يتمتع 1991 الاتحـاد السـوفييتي (روسـيا حاليـا)، وتسـببها في تفككه عـام . ((( وجـه الأرض بـه مـن قـدراتعسـكرية جبـارة، بوصفـه ثاني قـوة عسـكرية ع والتـوازن والشـمول المطلـوب لتحقيـق الأمـن، مسـألة أكثـر وضوحـا في مجـال التهديـداتغير التقليديـة، ومـن ذلـكمـا يطرأ مـنتحديـات أمنيـة في المجـال البحري، السـفن؛ إذ لا يكمـن للقـوة البحريـة لدولـة مـا، أو لمجموعة مـن الدول، كالقرصنـة ع أن تواجـه ذلـكدون مراعـاة مجـالات الأمـن الأخرى، وفيظـل وجود تعاون شـامل بين . ((( مسـتوى الدولـة والمسـتويين الإقليمي والـدولي مختلـفوسـائل تحقيـق الأمـن، ع في الحقيقـة أن هـذا انهيـار الاتحـاد السـوفييتي، قطع الجدل المثار بشـأنضمان تحقيق الأمـن بواسـطة القـوة العسـكرية وحدها، ودفـع إلى الاعتقاد بـأن الضمنـة الحقيقية لأمن الدولـة وتماسـكها، تكمـن في الأداء الاقتصـادي، وأن إعطـاءه الأولويـة قـد يقودهـا إلى الأمـن، والازدهـار، والمنافسـة العالميـة، ولعـل النمـوذج اليابـاني، ونمـوذج دول شرق . فقد يـؤدي تدخـل القـوة العسـكرية، وحدهـا، لمواجهة ((( ذلـك آسـيا أبـرز شـاهد ع ، لذلك، فإن التوازن والاسـتقرار ((( التهديـدات الأمنيـة، إلى زيـادة تعقيـد الوضع الأمنـي لتمسـكالقـوة العسـكرية للدولـة، وضمنـا أساس الداخلي للـدول، يمث نشرط . 29 ص العربي، القومي الأمن أزمة هويدي، ((( م)، 2014 عمان، والتوزيـع، للن (الأكاديميـون التقليـدي، غير الأمـن جمـال، محمـد مظلـوم، ((( . 392 ، 36 ص والبحوث للدراسـات الإمـارات (مركـز ، الأحمـر للبحر عـربي أمـن نحـو عماد، قـدورة، انظـر: ((( م). 1998 أبوظبـي، الاستراتيجية، 36 ص الدولي، الجمعي والأمن القومي الأمن كامل، (((

24

مواجهـة التهديـدات الخارجيـة، ب ط توافـر تقـدم اقتصـادي، وعدالـة لقدرتهـا ع . ((( اجتمعيـة، وبنـى سياسـية متطـورة وفي الوطـن العـربي، لجـأتبعضالـدول إلى انتهاج استراتيجياتداخلية قائمة على أدواتالأمـن الناعـم، بما يتفـق مـعحجم وتداعيـات التهديد، لاسـيم تهديـد الإرهاب، ومـن هـذه الـدول السـعودية، التـي انتهجتمـا يعـرف بالاستراتيجية الناعمـة لمكافحة ، عقـب التفجيرات، التـي نفذهـا ( SCS ) Soft Counterterrorism Strategy الإرهـاب م، واتبعـتالسـعوديةفيذلـكثلاثـة برامج 2003 بالريـاضعـام AQAP تنظيـم القاعـدة متابطـة، هـي: الوقايـة، وإعـادة تأهيـل العنـاصر الإرهابيـة، والنقاهـة، أو رعايـة هـذه العنـاصربعـد مغادرتها السـجون، ذلك ما يعـد اعتافا بإخفـاق التدابي الأمنيـة التقليدية . ((( في مواجهـة تهديـد الإرهاب - ارتباط الأمن بتعدد وتنوع مصادر التهديد انطلاقـا مـن الاتسـاع الحاصلفيخريطـة المخاطر المهـددة للأمن، مثـل: الإرهاب، وجرائـم الفضـاء السـيباني، يتضمـن التعريف التالي للأمـن القومي، مصـادر التهديدات الداخليـة والخارجيـة؛ حيـثيشـار إلى الأمن بأنه: قيـادة مـوارد القـوة الشـاملة للدولة، وتنظيمهـا ضمن إطار ما يعرف بسياسـات " الأمـن القومـي، التـي يقـع تأثيها ضمـن البيئـة الاس اتيجية للدولـة، وبصورة متناسـقة، ومترابطـة، ومتكاملـة؛ لمواجهـة التهديـدات والمخاطـر الداخليـة 12 ص العربي، القومي والأمن للبحار القانوني التنظيم حداد، ((( (2) Boucek, Christopher, Saudi Arabia’s "Soft" Counterterrorism Strategy: Prevention, Rehabilitation, and Aftercare, Carnegie Endowment for international peace , September 22, 2008, (May 9, 2019), at: https://bit.ly/2NczqWR.

25

والخارجيـة؛ مـن أجـل حمايـة الكيـان المـادي للدولـة، ورفاهيتهـا الاقتصاديـة، . ((( " وقيمهـا، والأهـداف، التـي تخـدم هـذه المصالـح ، وهـو أحـد رواد مدرسـة كوبنهاجـن، فقـد عـرف ( 1991 ) ( Buzan ) أمـا بـوزان كيانها التحـرر مـن التهديـد، وقدرة المجتمعـات، والـدول، على الحفاظع " الأمـن بأنـه . وهـو، بذلك، ((( " المسـتقل، وتماسـكها الوظيفـي،ضـد قوى التغيير، التي تعدّهـا معادية تـرك البـابمواربـا أمـام معنـى التهديـد، سـواء كان التهديـد تقليديـا، تقفخلفـه القوة العسـكرية، أم غير تقليدي، مرتبـط بالاقتصاد، والبيئـة، والتقنية، أيـاً كان مصدر التهديد الأمـن حالـة تـرى " ونوعـه. وفي سـياق متصـل بتنـوع التهديـد، فـإن ثمـة مـن يـرى أن فيهـا الدولـة، أنـه ليـسثمـة أيخطـر فيهجـوم عسـكري، أوضغـطسـياسي، أو إجبار . ((( " تنميتهـا الذاتيـة وتقدمها اقتصـادي؛ بحيـثتتمكـن مـن المضي، بحرية، للعملع وبصـورة عامـة وشـاملة، يتجسـد الأمـنفي المسـتوى القومـي، بالنسـبة إلى الدولة، نحـو منظـم، في إطـار مـا يعـرف بسياسـات الأمن في قيـادة قـوة مواردهـا الشـاملة، ع القومـي للدولـة، وبيئتهـا الاستراتيجية، وعلى نحو يتصف بالتناسـق والتابـط والكمل، لمواجهـة مـا تتعـرض لـه الدولـة مـن تهديـدات ومخاطـر وتحديـات داخليـة وخارجيـة، وحمايـة الكيـان المـادي للدولة، وصـون قيمهـا، وتحقيق رفاهيتهـا الاقتصاديـة والأهداف . ((( التـي تخدم هـذه المصالـح الحادي القـرن مشـارف على العربية الخليـج لـدول التعـاون مجلـس " سـند، جمـال السـويدي، ((( ظبـي، (أبـو ، " الإقليميـة والمتغيرات ظبـي أبـو قمـة " مؤتمـر في مقدمـة ورقـة ، " والعشريـن . 16 ص م)، 1999 (2) Stone, Marianne, Security According to Buzan: A Comprehensive Security Analysis , (Columbia University, New York, 2009), p1. ، 48 (العـدد ، يمنية دراسـات ، " نظـري مدخـل العـربي: القومـي الأمـن " محمـد، حسـن الظاهـر، ((( . 158 ص م)، 1992 القومـي، الأمـن مخاطـر تقييـم منهجيـة الزبيـدي، انظـر: القومـي، الأمـن منظومـة لمعرفـة ((( . 17 ، 16 ص

26

- الأمنفي المستوى الإقليمي ٢ في الحـالات التـي تتشـكل فيهـا تكت ت إقليمية بينعـدة دول، بموجـب اتفاقيات مبمـة بينهـا؛ فإنـه قـد يندرجضمـنمحـاور اهتممها التعـاون الأمنـي، والدفاع المشترك، دون ممارسـة أيشـكل مـن أشـكال الولايـة القضائيـة، أو الوظائـف الاحتكاريـة، التـي . ((( تخـصسـلطات أي مـن هـذه الـدول، أو التدخـلفي الشـئون الداخليـة لدول أخـرى الداخل لمجموعـة من الدول وبنـاء عليـه؛ يبرز مفهوم الأمـن الإقليمـي، بوصفه التأم الواقعـة في إطـار إقليـم محـدد، وحمايتهـا مـن أي تهديـد خارجـي، وهـذا مـا يتوافـق مـع تعريـف الأمـن الإقليمـي بأنه: مفهـوم أمنـي ذو مضمـون جغـرافي وسـياسيفي آن واحـد. جغـرافي؛ لأنـه يهتـم " بقضايـا الأمـن المتعلقـة بإقليـمجغـرافيمحـدد الخصائـصوالعنـاصر. وسـياسي؛ لأنـه يهتـم بقضايـا الأمـن المتعلقـة بهـذا الإقليم، مـن زاوية الـدول الموجـودة فيه. ويجـري ذلـك، عـادة، ضمـن دائرتين: دائـرة داخليـة تتعلـق بالـدول الموجـودة . ((( " داخـل الإقليـم، ودائـرة خارجيـة تتعلـق بالـدول الموجـودة خـارج الإقليـم يتمثـلجوهـر الأمـن الإقليمـيفي التعبئـة الإقليميـة إزاء قـوى التدخـل الأجنبيـة، . ((( وحمايـة الوضـع القائـم، وبما يؤمـن دول الإقليـم، داخليـا، مـن التهديـداتالخارجية دوافع وهـذه التعبئـة، ينبغـي أن تجـريفي إطـار حزمـة مـن التدابير التنفيذيـة، بنـاء ع ذرائعيـة مشتركة، تتجـاوز حـدود الرغبـة، إلىواقـع الإرادة الحقيقيـة المتوافـقعليهـا بين ، ويكـون ذلك بخطـوات متدرجة، تهدف إلى تنسـيق السياسـات الدفاعية ((( هـذه الـدول

. 287 - 239 ص الدولي، الجمعي والأمن القومي الأمن كامل، ((( 50 ص تطبيقية، نظرية مقاربة القومي: والأمن الأمن ومراد، مسعود، ((( . 18 ص للمجتمع، القومي والأمن والاتصالات المعلومات تكنولوجيا سالم، ((( . 30 - 9 ص ص الأمن، مفهوم الحربي، (((

27

أكثـر مـنطـرف، وصـولا إلى تبنـيسياسـة دفاعيـة موحدة، تقـوم على تقديـر موحد ب . ((( لمصـادر التهديـدات، وسـبل مواجهتها بذلـك، يصبـح الأمن الإقليمي بالنسـبة إلى الأمن الوطنـي أو القوميلأيدولة، غي في مواجهـة التهديـد المشترك فحسـب، بل يتجـاوزه إلى تبنـي هيـاكل وترتيبات منح جديـدة، تحقـق التكامـل والاندمـاج والتعـاونفي كافة المجـالات، خاصة مجـالي الاقتصاد ؛ ذلـك أنـه لم يعُـد، عمليا، مجـال للفصل بين الأمـن الإقليمي والأمـن القومي ((( والتنميـة (الوطنـي)، أو الأمـن الـدولي الجمعـي؛ لأن كلامنهـا ينبغـي أن يراعي الآخر. إن موقـع الأمـن الإقليمـي، الـذي يتوسـط الأمـن القومـيوالأمـن الدولي، أكسـبه التعامـل مـعمختلـفالتهديـدات، ومصادرها، وتقاسـم أهميـة كبيرة؛ بفعـل قدرتـه ع أعبـاء مواجهتهـا، مـع مـا يمثله وجـوده من اسـتجابة جماعيـة لطبيعة التهديـدات الجديدة . وإن ((( العابـرة للحـدود، وتوفيره قـدرا كبيرا مـن الفهم المشترك إزاء مختلـفجوانبهـا كياناتها، مـا ينبغـي التأكيـد عليـه، أن النظـم الأمنيـة الإقليمية، توفـر مزيدا مـن الثقة ب بما يمكنهـا مـن تركيـز طاقاتهـا، وقدراتهـا، وإمكانياتهـا، في اتجـاه تحقيـق رفاهيـة الإقليم، تدابي أمنيـة عديمة الجـدوى، مع ما توفـره هذه النظـم من مناخ عوضـا عـن التكيـز ع تتـوزع فيـه أعبـاء مواجهة المعض ت الأمنية، على نحـو تعاوني مؤسسي، يراعي المصالح . ولا يمكـن، بـأيحـال، النظر إلى الأمـن الإقليمي ((( المتبادلـة والمشتركة لـدول الإقليـم الملتقى في مقدمـة ورقة ، " الجديـدة الأمنية التهديـدات ظل في الإقليمـي الأمـن " مـراد، شـحمط، ((( ومخاطر الاحتواء فـرص بي إفريقيا ش ل منطقة في الأمنية والرهانـات التحديـات الأول: الأمـن . 11 ص ، - 1955 أغسـطس جامعة ، 2013 ، الانتشـار الجزائري. القومي الأمن فهم في: والأركان، والحراك المفهوم القومي: الأمن نسيم، ((( 11 ص الجديدة، الأمنية التهديدات ظل في الإقليمي الأمن شحمط، ((( . 30 - 9 ص ص الأمن، مفهوم الحربي، (((

28

بأنـه مجمـوع الأمـن الوطنـي لـدول الإقليـم، وإنما محصلـة قناعـة وإرادة مشتركة، تحقق . ((( غايـات جميع هـذه الـدول - الأمنفي المستوى الدولي (العالمي) ٣ نظـام يهـدفإلىتحقيـق الأمـن بوسـائلجماعيـة، مـن " يعـرّف الأمـن الجمعـي بأنـه . ويقـوم هـذا الأمـن، بوصفـه نظامـا ((( " تحقيـق هـذا الهـدف خ ل أجهـزة تعمـل ع رئيسـتين، همـا: حظـر اسـتخدام القـوة أو التهديد دعامت وهدفـا للأمـم المتحـدة، ع باسـتعملها في العلاقـات الدوليـة، والاسـتجابة الجمعيـة مـن قبـل الجمعـة الدوليـة، ممثلة . وعليه فإن ((( بمجلـسالأمـن، عنـد تهديـد السـلم، أو الإخ ل بـه، أو وقـوع العـدوان أيعضوفي المجتمع الدولي، الأمـن الجمعـي الـدولي كل لا يتجزأ، وأيعمل عدوانيع الجميـع، ويسـتلزم مواجهتـه والتصـدي لـه، في إطـار الجمعـة الدولية، يعـد عدوانـا ع إلا أن ذلـك يفتقـر، واقعيـا، إلى المصداقيـة؛ لعـدم وجـود وسـيلة إلـزام لأعضـاء المجتمع الـدولي، تقـود إلى الدفـاع عـن الآخريـن، فلا يـزال هـذا الإلـزام مرهونا بمواقـف الدول . ((( إزاء مصالحهـا الوطنيـة والحيويـة المتعلقـة بالتهديـدات التـي قد تتعـرضلها

12 ص الجديدة، الأمنية التهديدات ظل في الإقليمي الأمن شحمط، ((( القاهرة، الحديـث، الكتاب (دار ، الدوليـة والعلاقـات السياسـية العلوم معجـم عامـر، مصبـاح، ((( . 51 ص م)، 2009 . 412 - 407 ص الدولي، الجمعي والأمن القومي الأمن كامل، ينظر: ((( الاستراتيجية، والبحوث للدراسـات الإمارات (مركز ، الـدولي الأمن قاموس بـول، روبنسـون، ((( . 59 ، 58 ص م)، 2011 أبوظبـي،

29

الأبعاد التقليدية والمعاصرة للأمن تهيئتهـا لتأمين يتحـدد الأمـن القومـي، لأيدولـة، بعـدة أبعـاد يتطلـبالعمـلع كيانهـا ومجتمعهـا مـن أيخطر، وتحقيـق أهدافوغايـات المجتمع، مع مواكبـة التحولات الحديثـة، التـي رافقهـا ظهـور تحـولات جديـدة في مجـال الأمـن، وبـات هنالـك الأمـن الاقتصـادي، والأمـن الغذائـي، والأمـن المائي، والأمـن الثقـافي، والأمن البيئـي، والأمن عن الأمن العسـكري الـذي يعتب البعـد المعب عن القـوة، والذي ارتبط الصحـي، وفض ؛ حيث ( 1991 ) بمفهـوم الأمـنطوي ، ولا يزال كذلك، رغم الأفكار، التي قدمهـا بوزان أمنهـا السـياسي، واسـتقرارها التنظيمي، الأمن العسـكري للدولـة، وب ربـط فيهـا ب . ((( واسـتقرار نظـم الحكومـاتوالأيديولوجيـات التي تقـوم عليهـاشرعيتها وفي السـياقات التاليـة تتضـح أبـرز الأبعـاد الأمنيـة، وفقـا لمـا أثـاره كل مـن: هلال ، وروبنسـون ( 1992 ) ، وعبـد الحليـم ( 1992 ) ، والظاهـر ( 1985 ) ، وكامـل ( 1984 ) . ((( ( 2011 ) ( Robinsons ) - البعد السياسي ١ يرمـي هـذا البعـد إلىحمايـة الإرادة الوطنيـة للـدول، واسـتقلال قرارهـا السـياسي، وسياسـاتها المسـتقبلية. ويتمثـل في كيفيـة تنظيـم وإدارة قـوى الدولـة ومواردهـا، تنظيما كيانهـا السـياسيشـكلا ومضمونـا حـرا ومسـتقلا، حـاضرا ومسـتقبلا، والحفـاظ ع مشـكلاته، جانب ، الأول: داخلي تمثـل في إدارة المجتمـع والتغلـبع ، وذلـك ع والثـاني: خارجـي ويتمثـلفي إدارة مصادر قـوة الدولة؛ للتأثيفي المجتمـع الدولي والدول (1) Stone, Marianne, Security According to Buzan. ، 25 (العدد ، العصر شـئون ، " الأصول في دراسـة العـربي: القومـي الأمـن " الديـن، علي ه ل، ((( والظاهـر، ؛ 85 - 75 ص ص الـدولي، الجمعـي والأمـن القومـي الأمـن كامـل، ؛ 12 ص ،) 1984 إلى الخليج أمـن أحمد، الحليم، وعبد ؛ 170 - 165 ص ص نظـري، مدخـل العـربي: القومـي الأمـن . 119 ، 97 ص الـدولي، الأمـن قامـوس روبنسـون، ؛) 1992 القاهـرة، (د.ن)، ، أيـن

30

الكبرى، بما يحقـقمختلف المصالـح، إلا أن نجاح ذلـك يعتمد على تمتـع الجمهي بالحقوق والحريـات، والتفافهـا حـول النظـام السـياسي، والمشـاركة الفاعلـة فيه. - البعد الاقتصادي ٢ يقصـد بالأمـن الاقتصـادي، غيـاب التهديـد بالحرمـان مـن الرفاهيـة الاقتصاديـة، ويمثـل بالنسـبة إلى الفـرد، انعـدام الفقـر، والمـوارد الاقتصاديـة الكافيـة للمشـاركة في المجتمـع، ومواجهـة أعبـاء المسـتقبل وتقلباتـه، فيما يمثـل بالنسـبة إلى الدولـة، مضاعفـة قوتهـا الاقتصاديـة النسـبية، بوصـفذلـكمطلبا أساسـيا، وقـوة قوميـة، إلىجانب قوتها العسـكرية؛ وبذلـك يمثـل الأمن الاقتصـادي درعا واقيـة للدولة، في مواجهـة الصدمات أو العقوبـات الاقتصاديـة، التـي قـد تتعـرضلها. عـادة مـا يوصـفالأمـن الاقتصـادي بأمـن الإمـدادات؛ وذلكلاضطلاعـه بتوفي نحو مضمونٍ وآمـن، ولذلك فقـد كان من نتائج الأسـلحة، والطاقـة، والمـواد الخام، ع م، وأزمـة النفـط التـي نتجـتعنـه عام 1973 الحظـر النفطـي الـذي فرضـه العـربعـام عاتقه م؛ أن أصبـح الأمـن الاقتصـادي أحـد أبعـاد الأمـن القومـي الـذي يقع ع 1974 حفـظ التوازنـات الاقتصاديـة للـدول، وتحقيق الاكتفـاء والرفاهيـة فيها. - البعد الاجتماعي ٣ يحقـق هـذا البعـد تجانس المجتمـع وتعافيه مـن كافة أشـكال الصراع، التـي يعد فيها الإنسـان العامـل المؤثـر في الأمن القومي؛ لأن الإنسـان يمثل القوة الفاعلـة في أبعاد الأمن المختلفـة، بـل إنـه المعنـي الأول بتحقيـق الأمـن والاسـتقرار، ومـا يكفـلحمايـةصحتـه، وتقاليـده، وثقافتـه، ومياثـه الحضـاري، وبما يعل مـنشـعوره بالانتمء والـولاء لوطنه، واسـتعداده للدفـاع عنـه، والوقـوفسـندا خلـفمشـاريعه النهضويـة، وهذا كلـه يمثل جوهـر وظيفـة البعـد الاجتمعي للأمـن القومي. - البعد البيئي ٤ الـدول تجـاه أخطـار التلـوث البيئـي، التـي تهـدد يبرز دور هـذا البعـد في تأم س متها، فيظـل انتشـار ملوثـات نواتـج التقنيـة الحديثـة، والملوثـات العابـرة للحدود،

31

التـي قـد تطـال الأجـواء، والبحار، والأنهار، واليابسـة، ومصـادر الغذاء لـدى الدول، في ظـلسـعي بعـضالـدول الصناعيـة إلى التخلصمـن النفايات الخطـرة خـارج أراضيها، هـذا البعـد، كذلـك، في مواجهتـه تداعيـات الكـوارث بطـرق غير مشروعـة. ويتج الطبيعيـة في البر والبحـر، ومـا تحدثه الحـروبوالنزاعات المسـلحة، الداخليـة والدولية، مـن آثـار تدمييـة تنتقـل إلى الـدول المجـاورة لبيئـة الحدث. وقـد أصبـح القطـاع البيئـي أحد أهم وأخطـر أبعاد الأمـن؛ لأن التدهـور، الذي قد تتعـرضلـه البيئـة، يمكـن أن يؤدي، وقـد أدى فعلا، إلى تدني معيشـة الفـرد، والاقتصاد، المـوارد، بـل والنزاعـات الإقليمية. وإلى ذلـك، تبز قضايـا التغي اع ع ونشـوب ال المناخـي، والمخلفـات البيولوجيـة، والتلـوث الناتـجعـن زيـادة عـدد السـكانفي العـالم، والنشـاط الصناعـي، بوصفهـا، جميعـا، خطـرا بيئيا تطـال آثارهـا النظام الحيـوي العالمي، وتهديـدا بيئيـا ملازما لحياة الإنسـان. - البعد العسكري ٥ معـالم هـذا البعـد في دوره وخصوصيـة تكوينـه؛ إذ يهـدف إلى تحقيـق حمايـة تتج الدولـة مـن التهديـدات الخارجيـة، وضمان اسـتقرارها الداخلي، في إطـار الشرعيـة الدسـتورية القائمـة، بعيـدا عن الـولاءات الضيقـة التي تتعـارضمع الأهـداف القومية. وتعـد الشرعيـة الدسـتورية الـواردة في السـياق، هدفـا لأيتهديد، مثلم أنهـا مفتاح للأمن الداخلي للدولـة؛ حيث تُسـتهدف بالتشـكيك الـذي يقود إلى الفـوضى، وإثـارة التيارات المناوئـة للنظـام السـياسي. ويمثـل هـذا البعـد محصلـة أبعـاد الأمـن القومـي الأخـرى، وتأثـره بهـا، وتفاعلـه معهـا، بواسـطة القوات المسـلحة، سـلبيا وإيجابيـا، فيحالتـي القوة والضعـف؛ لكونـه أكثـر الأبعـاد فاعلية وأشـدها حساسـية، ولذلكلا يُسـمح بتاجع أو الدولة وأمنهـا القومي، سـواء بالتمزيق، ضعـفمسـتواه؛ لمـا يعرّضـه ذلكمنخطر ع أم بالاحت ل.

32

- البعد الجيوسياسي ٦ يشير البعـد الجيوسـياسيإلى اسـتغلال الحقائـق والقيـم الجغرافيـة، فيسـبيلتحقيق الأهـداف السياسـية للـدول، مـع مراعـاة حقـوق الآخريـنفي ذلـك، ويتكون هـذا البعد مـنحجـم الدولـة، وشـكلها، والعلاقـة بينهما، وأهمية ذلـكفي التعامل مـع دول الجوار، عـن العلاقات السياسـية، والاقتصادية، والاجتمعية، وما تشـكله مـن أثر في البعد فض العسـكري، وإلى هـذه المكونـات تنـوع المناخ، وتجمـع وتوزع السـكان، والمـوارد الطبيعية وقربهـا مـن دول الجـوار، وتشـابكهـذه الحقائـق والعلاقـاتوتأثيها في كفـاءة وفاعلية القـوات المسـلحة للدولة، ومهمتهـا المختلفة. - أبعاد أخرى للأمن ٧ ومـع مـا سـبقهنـاك الأمن الأيديولوجـي، الذي يتضمـن تأمين المجتمـع من الغزو . وهنـاك الأمـن السـيباني، الـذي أفـرزه ارتبـاط ((( الفكـري والأيديولوجيـات الوافـدة الأمـن بالتطـورات التقنيـة؛ بحيـث أضحتمعهـا المصالح الاستراتيجية للـدول عرضة لمـا يسـمى التهديـدات السـيبانية، التـي فرضـت إعـادة تعريفالأمـن، والأمـن القومي للدولـة؛ حيـث فرضـتهذه التطـورات، وجود مجال سـيبانيلا تعوقه الحـدود الوطنية، بمسـتوى الأمـن الجمعي ويتشـابكمـع النظـام الـدولي، إلى مسـتوى أمنـيواسـع، ممث . ((( العالمـي؛ ممـا يجعـل مـن أيتهديدسـيبانيتهديـدا لمجتمـع المعلومـاتالعالمي

. 16 ص للمجتمع، القومي والأمن والاتصالات المعلومات تكنولوجيا سالم، ((( مجلة ملحق ، " العالمـي الأمـن ع وتداعياتهـا السـيبانية الحـرب أنماط " عـادل، الصـادق، عبـد ((( . 36 - 31 ص ص م)، 2017 نيسـان إبريـل/ ، 53 (العـدد نظريـة)، (اتجاهـات الدوليـة السياسـة

33

التهديدات الأمنيةفي أبعادها التقليدية والمعاصرة مـع تغير النظـرة إلىطبيعـة التهديـدات، أصبـحواضحـا أن الدراسـاتالأمنية تميز مـا يعـد أمنـا تقليديـا مرتبطـا بالتهديـد الموجـه إلى الدولـة، أو الصـادر عنهـا، وب ب مـا يعـد تهديـدا غير تقليـدي، معنيـاً، بالمقـام الأول، بأمـن الفـرد والجمعـات، ومواجهة تهديـدات ذاتصلـة بهـا، مثـل: مشـكلات نقـص الغـذاء، والتغير المناخـي، وانتشـار الجريمة الموارد. فمث الأوبئـة والجريمـة المنظمـة، وتزايـد العنـف العرقي والصراع ع ، ينظـر إليهـا بوصفهـا إحـدى قضايـا القانـون، لكنها، في TOC المنظمـة العابـرة للحـدود : ((( مرحلـة مـا، قضيـة مـن قضايا الأمن القومـيوالدولي، ويتضـحذلكفي الأمثلـة التالية - حصـول بعـض المنظمـات الإجراميـة على ثروات ضخمـة تمكنها من تدمير سـلطات الدول، عن طريق رشـوة مسـئوليها، بما يشـيع الفساد، ويوهن قدرة أجهزتها على القيام بأعباء وظائفها. - إسـهام المنظمـات الإجراميـة فـي دعم الإرهـاب، وقيام جماعـات الإرهاب بتمويل مناشط الجريمة المنظمة، على نحو يصعب معه التمييز بين الناشطين. - احتمال قيام المنظمات الإجرامية بتهريب الأسـلحة، بما فيها أسـلحة الدمار الشامل، إلى الإرهابيين والجماعات المتمردة، لدعمها في تقويض أمن الدول. - احتمـال انخـراط مـا يوصـف بالدول المارقـة في الجريمـة المنظمة، لتمويل أنظمتها، أو الحصول على الأسـلحة، ومثال ذلك: اتهام الولايات المتحدة، كوريا الشمالية، بتزوير عملة الدولار الأميركي. - مفهوم التهديدات الأمنية ١ مسـبق، فقـد أدى الاخت ف في تحديـد مفهـوم الأمـن، في العلاقـات عطفـا ع الدوليـة والدراسـات الاستراتيجية الأمنيـة، إلى اخت ففي تحديـد المقصـود بالتهديـد، وحالـت التوصيفـات المختلفـة للتهديـد دون تكويـن فكرة واضحـة المعالم حـول ما يعنيه

262 ص الدولي، الأمن قاموس روبنسون، (((

34

هـذا الاصط ح، لاسـيم مع بروز التهديداتغي العسـكرية، أو التهديـداتاللامتمثلة، . ووفقا لهذا التميـز، يمكن إثارة ذلك إثارة واسـعة، ابتداء ((( أو التهديـدات فائقـة الحداثـة مـن فهـم التهديـدفي دلالتـه الاستراتيجية، الذي يُعـرّف بأنه: تعـارضالمصالـح والغايـات القوميـة، إلى مرحلة يتعـذر معها إيجاد حل سـلمي " يوفـر للدولـة الحـد الأدنـى مـن أمنهـا السـياسي، والاقتصـادي، والاجتماعـي، الموازنـة بين الضغـوط الخارجيـة والعسـكري، مـع عـدم قـدرة الدولـة ع والداخليـة، ممـا قد يضطر الأطـراف المتصارعة إلى اللجوء إلى اسـتخدام أداة القوة . ((( " المسـلحة، معرضـة الأمـن القومـيلأطـراف أخـرى للخطـر هـذا التعريـف، ميلـه إلى المدرسـة الواقعية للأمـن، التـي تعتمد على مـا يؤخـذ ع ، القائلة بسـيادة النزعة المصلحية ( Hobbes )" هوبز " ، و ( Machiavelli ) " ميكيافيلي " أفـكار السـلوك الب ي، فـردا ومجتمعـا، وتجسّـدها فيعلاقـات أنظمـة الحكم مع الأنانيـة ع الدول، غيهـا مـن الأنظمـة، وهي، بذلك، تفسراختلافمفاهيم الأمن وسياسـاته ب مقتضيات وتفسر، كذلـك، منطقيـة هـذا الاخت ف؛ لأن الأمن، في أساسـه، يرتكز ع . ((( مصالـح خاصة التعريـف نظرتـه إلى القـوة، أو القـدرات العسـكرية، وممـا يمكـن أن يؤخـذ ع بوصفهـا أمـرا محوريـا للتصـدي للأعـداء الخارجي ، ووسـيلة وحيـدة لتحقيـق الأمن؛ الكيانـات السياسـية الدولية، ان ع وذلـكمـا يعنـي أن مصـدر ونـوع التهديـد يقت بوصفهـا المحتكـر الوحيـد لهـذه القـوات، في انسـياق واضـح مـع مـا يثـار بشـأن مصادر التهديـد الرئيسـة، التـي تتعـرضلهـا الـدول، ومنهـا المصـادر الخارجيـة، والمصـادر ذات . ((( الطابـع العسـكري . 170 - 157 ص ص الباردة، الحرب بعد ما عالم في الأمنية والتهديدات الأمن فريجة، فريجة؛ ((( . 28 ص أين، إلى الخليج أمن الحليم، عبد ((( . 48 - 41 ص تطبيقية، نظرية مقاربة القومي: والأمن الأمن ومراد، مسعود، ((( (4) Buzan, Barry ; Hansen, lene, The evolution of international security studies , (Cambridge University Press, New York, 2009), p27.

35

( 1983 ) ( Ullman ) وفيسـياق التهديـد على مسـتوى الأمـن القومي، عـرف أولمـان التهديـد، بأنه: نشـاط أوسلسـلة أحـداث، يهـدد، بشـكلكارثـي، وخ ل مـدىزمنـيمحدود " نسـبيا، بتدهـور مسـتوى معيشـة سـكان دولـة مـا، أو يهـدد، بشـكل جوهـري، بتقليـصمـدى الخيارات السياسـية المتاحـة أمام حكومة تلك الدولـة، أو وحدات خاصـة غيرحكوميـة داخلها، سـواء كانتهـذه الوحـدات أفـراداً، أم جماعاتٍ، . ((( " أم مؤسسـات فالتهديـد، وفقـا لهـذا التعريـف، غيرمحـدد المصـدر والنـوع، وذلـكمـا يعنـي فتح المجـال، واسـعا، أمـام ظواهـر أخـرى للخطـر، مثـل: التغيرات المناخيـة، والكـوارث لا يعـدّون الكـوارث الطبيعيـة تهديدا للـدول، لانتفاء الطبيعيـة، غير أن بعـضالمحلل م) عـددا مـن التهديدات 2016 . وخلافـا لذلـك أورد عـز العـرب( ((( صفـة العمـد عنهـا الأمنيـة، التـي وصفهـا بأنهـا تهديـدات فـوق تقليديـة، ومـنضمنهـا التغيرات المناخية، ومشـكلات البيئـة، وانتشـار الأمـراضوالأوبئـة، فضلاعن الفقـر، والهجرة العشـوائية، وتدفـق اللاجئ ، ومقاومـة الإص ح الاجتمعـي، والهجمات السـيبانية، واصفـا التهديـدات فـوق التقليديـة، بأنهـا محصلـة جمع وتفاعـل هذه التهديـدات مـع التهديدات الأمنيـة التقليديـة، وأنهـا قـد تطال أراضيالـدول، أو سـكانها، أو مواردهـا، أو كل ذلك، . ((( مـع كونهـا تهديدات عابـرة للحـدود العـربي، القومـي الأمـن : في العـربي، القومـي للأمـن النظـري الإطـار المنعـم، عبـد المشـاط، ((( القاهرة، العربيـة، والدراسـات البحوث معهـد (محرر)، المنعـم عبد المشـاط، ، ومقوماتـه أبعـاده . 19 ص م)، 1993 303 ص الدولي، الأمن قاموس روبنسون، ((( كراسـات ، " الخليـج دول في التقليديـة فـوق الأمنيـة التهديـدات " محمـد، العـرب، عـز انظـر: ((( م). 2016 ، 261 العـدد ، 25 (المجلـد ، اس اتيجية

36

في كل الأحـوال، بـاتمفهـوم التهديـد متجـاوزا المخاطـر العسـكرية التقليدية، إلى مخاطـر غير تقليديـة لا تقلمخاطر وتأثيراتعن التقليديـة، بل قد تضيقخيـارات الدول عـن أن الـدول لم تعـد، وحدهـا، هدفا لهـذا النوع مـن التهديـد أو مصدرا أمامهـا، فض لـه، بـل والأفـراد والجمعـات، وقـد ُثّـل، في الوقـت ذاتـه، مصـادر وأهدافـا للتهديـد، وبشـكل أوسـع قـد يطال هـذا التهديد عرقيـة بعينها، وبذلـك يصبحمحور اهتمام الدول، ؛ أي أن التهديداتغي ((( حمايـة مجتمعاتهـا، وليـستوفير الحميـة لكياناتها السياسـية فقـط مجموعـة مصـادر التهديـد، أو قنـوات إحـداث الضرر، التيتختلف " التقليديـة تتمثـلفي عما يتضمنـه تعريـف التهديـد التقليـدي للأمـن، التـي قـد يواجههـا نطـاق أوسـع مـن الكيانـات، يمتـد مـن الإنسـان الفـرد، إلى الوجود الإنسـانيفيمجملـه، بم يشـمل الدولة، . ((( " عليهـا، بأيحـال من الأحـوال ولكـن لا يقت - أنماط التهديدات الأمنية ٢ الولايات المتحـدة الأميكية والاتحاد السـوفييتي إثـر انتهـاء الحرب الباردة ب ع م، نشـأ وضـع أمنـي جديـد، جعـل 1991 - 1947 (روسـيا)، التـي سـادت الفترة ب عـن أنهـا تختلـف، التهديـدات الأمنيـة ذات اتجاهـات متعـددة يصعـب توقعهـا، فض شـكلاومضمونـا، عما كانسـائدا أثناء تلـك الفتة؛ حيـث انحستهديد الحـرب النووية أمـام تهديـداتغيرمحـددة المعـالم، ولم تعد القـوة، وحدها، قـادرة على مواجهتهـا. فمثلا: تهديـدات الجريمـة المنظمـة، ومنهـا: الهجـرة غير الشرعية، وتهريـب المخـدراتوالاتجار فيهـا ، أو تهديـدات الإرهاب، لاشـأن لها بزيادة الإنفاق العسـكري والقـدرات الدفاعية؛ وذلـكلاتصافهـا بالشـمولية والقـوة، واعتمدهـا من قبلجماعـاتمنظمة عابـرة للحدود الوطنيـة، يتعـذر التحكم فيها بالوسـائل العسـكرية؛ نتيجة لتخطيها حـدود أي دولة، مهم . ((( بلغـت قوتهـا، أو حجمهـا، أو موقعها

(1) Buzan; Hansen, The evolution of international security studies .

. 82 ص التقليدي، غي الأمن مظلوم، ((( . 170 - 157 ص ص الباردة، الحرب بعد ما عالم في الأمنية والتهديدات الأمن فريجة، فريجة؛ (((

37

حـددت الاستراتيجية الأمنيـة الأوروبيـة التهديـدات العالميـة الأبـرز، التي تعكس السماتالعامـة للنظـام العالمـي، بعدد مـن الظواهر الخطرة، وهي: انتشـار أسـلحة الدمار الشـامل، والنزاعـات الإقليميـة، والدول الفاشـلة، والجريمة المنظمة، والإرهاب. وتشير هـذه الاستراتيجية إلى أن التهديديـن الأخيين يعدان من أكثـر التهديداتوضوحا لأمن الاتحـاد الأوروبي، ويـزداد وضوحهما في الجريمـة المنظمـة، بوصفها تهديـدا داخليا ماثلا؛ . وقـد تضمّن ((( بفعـل مـا تخلفـه مـن تداعيـاتخارجيـة، ولارتباطهـا الوثيق بالإرهـاب م، بشـأن تطبيـق الاستراتيجية السـابقة، ثلاثـة تهديدات 2008 تقريـر أوروبيصـدر عـام أخـرى، هـي: التغير المناخـي، وأمـن الطاقـة، والأمن السـيباني، فيم يعد الأخيس حا . ((( اقتصاديا، وسياسـيا، وعسـكريا، ويُتوقع أن يشـهد مجاله توسـعا كبيا في المسـتقبل ، الـوارد آنفـا، بوصفها " الدولة الفاشـلة " ممـا يسترعي الإشـارة إليـه، أن اصط ح تهديـدا غير تقليـدي، يشير إلى الدولـة العاجـزة عـنتحقيـق مـا لهـا ومـا عليهـا؛ فـإذا ما كانـت الدولـة قـادرة على احتكار وفرضالسـلطة على كل مـا تملكه، والمحافظـة، بانتظام، أن هنالـك ارتباطا بين توفير الحقـوق والواجبـات، لا تعـد فاشـلة. وهذا يـدل ع ع الدولـة الفاشـلة والصراعـات المسـلحة داخـلحدودها، وضعفالسـلطة المركزيـة فيها، . ويبـدو أن إدراج الدولـة الفاشـلة كتهديـد غير تقليـدي، ((( وتدهـور مسـتوى المعيشـة محيطها. يرجـع إلى تداعيـاتذلـكع في سـياق تهديـدات الأوبئـة التـي تتخطـى الحـدود الوطنيـة، وتلقـي بظلالهـا ع التي انطلقـتمن الصين " 19 كوفيـد- " الـدول وشـعوبها؛ تبرز جائحة فيروسكورونـا 6 ص الجديدة، الأمنية التهديدات ظل في الإقليمي الأمن شحمط، ((( في: معـولم، عـالم في تقليديـة غير تهديـدات مواجهـة الأوروبي: الاتحـاد تيري، نـاردي، انظـر: ((( للنظام متنافسـة رؤى والعشريـن: الحـادي القـرن في الاس اتيجي والاسـتقرار العظمـى القـوى الاستراتيجية، والبحـوث للدراسـات الإمـارات (مركـز (محـرر)، جرايمـي هيرد، ، العالمـي م). 2013 أبوظبـي، نموذج الفاشـلة الدولة حالة إفريقيا: في الاسـتعمر بعد ما الدولـة أزمة الحافـظ، النوينـي، انظـر: ((( 72 - 58 ص ص م)، 2014 نيسـان إبريل/ ، 422 (العـدد ، العربي المسـتقبل مـالي،

38

Page 1 Page 2 Page 3 Page 4 Page 5 Page 6 Page 7 Page 8 Page 9 Page 10 Page 11 Page 12 Page 13 Page 14 Page 15 Page 16 Page 17 Page 18 Page 19 Page 20 Page 21 Page 22 Page 23 Page 24 Page 25 Page 26 Page 27 Page 28 Page 29 Page 30 Page 31 Page 32 Page 33 Page 34 Page 35 Page 36 Page 37 Page 38 Page 39 Page 40 Page 41 Page 42 Page 43 Page 44 Page 45 Page 46 Page 47 Page 48 Page 49 Page 50 Page 51 Page 52 Page 53 Page 54 Page 55 Page 56 Page 57 Page 58 Page 59 Page 60 Page 61 Page 62 Page 63 Page 64 Page 65 Page 66 Page 67 Page 68 Page 69 Page 70 Page 71 Page 72 Page 73 Page 74 Page 75 Page 76 Page 77 Page 78 Page 79 Page 80 Page 81 Page 82 Page 83 Page 84 Page 85 Page 86 Page 87 Page 88 Page 89 Page 90 Page 91 Page 92 Page 93 Page 94 Page 95 Page 96 Page 97 Page 98 Page 99 Page 100 Page 101 Page 102 Page 103 Page 104 Page 105 Page 106 Page 107 Page 108 Page 109 Page 110 Page 111 Page 112 Page 113 Page 114 Page 115 Page 116 Page 117 Page 118 Page 119 Page 120 Page 121 Page 122 Page 123 Page 124 Page 125 Page 126 Page 127 Page 128 Page 129 Page 130 Page 131 Page 132 Page 133 Page 134 Page 135 Page 136 Page 137 Page 138 Page 139 Page 140 Page 141 Page 142 Page 143 Page 144 Page 145 Page 146 Page 147 Page 148 Page 149 Page 150 Page 151 Page 152 Page 153 Page 154 Page 155 Page 156 Page 157 Page 158 Page 159 Page 160 Page 161 Page 162 Page 163 Page 164 Page 165 Page 166 Page 167 Page 168 Page 169 Page 170 Page 171 Page 172 Page 173 Page 174 Page 175 Page 176 Page 177 Page 178 Page 179 Page 180 Page 181 Page 182 Page 183 Page 184 Page 185 Page 186 Page 187 Page 188 Page 189 Page 190 Page 191 Page 192 Page 193 Page 194 Page 195 Page 196 Page 197 Page 198 Page 199 Page 200

Made with FlippingBook Online newsletter