كتاب تكنو علم

يثبت تاريخ العلماء والمشاهير أن الشهرة ليست حكراً على الأغنياء والميسورين، بل إنه يثبت كذلك أن الفقراء والمتعثرين كان لهم نصيب وافر من الشهرة العلمية، ربما لأن أولئك الناس كانوا يرون في تلك الصعوبات والعثرات تحديات تقف أمامهم وتكسبهم حافزاً للتغلب عليها واجتيازها، وقد كان لهم ذلك، فلا عجب أن يكون رونتغن ابن الأسرة الفقيرة الذي حُرم من تعليمه المدرسي بعد التحاقه بمدرسة "أمبخت" في هولندا التي طرد منها لرفضه الكشف عن هوية زميل له كان متهما برسم كاريكاتير يسيء لأحد معلمي المدرسة، كما أنه حُرم من الالتحاق بأي صالة للألعاب الرياضية م. 1901 الألمانية أو الهولندية، لا عجب أن يكون أول حائز على جائزة نوبل للفيزياء للعام حاول رونتغن الألماني الجنسية الالتحاق بالجامعة من بابها الخلفي، حيث عرض عليهم أن يكون طالباً دون أن يحصل على شهادات كغيره من الطلاب الذين تلقوا تعليماً مدرسياً، والتحق فيما بعد بالمعهد الفدرالي السويسري في زيوريخ، وهناك تم اختباره في العديد من الاختبارات التي اجتازها، وبعد اجتياز الاختبار التحق بالجامعة كطالب عادي في الهندسة الميكانيكية، وأصبح م 1869 الطالب المفضل لدى الأستاذ أغسطس آونت الذي يعمل في جامعة ستراسبورغ، وفي عام تخرج رونتغن وحصل على شهادة الدكتوراة من جامعة زيوريخ. ولــــيــــام رونــــتــــغــــن، والد الأشعة التشخيصية

م تم تعيينه رئيساً لقسم 1879 م أستاذاً للفيزياء بجامعة سترسبورغ، وفي عام 1874 ولإعجاب آونت بروتنغن، أصبح رونتغن في عام م وذلك بطلب من 1900 م، ثم رئيساً لجامعة ميونيخ في عام 1888 الفيزياء بجامعة غيسن، ثم رئيساً لجامعة فورتسبورغ في عام حكومة ولاية بافاريا. م، كان رونتغن يتحقق من التأثير الخارجي لأنواع عديدة من أجهزة الأنابيب المفرغة، وكان يعيد تجربة مع 1895 خلال العام واحدة من أنابيب لينارد التي تم إضافة صمام ألمنيوم رفيع لها لكي يسمح لأشعة الكاثود أن تخرج من الأنبوبة، ولكن غطاء كرتوني، فقد تم إضافته لكي يحمي الألمنيوم من الدمار من الأشعة الإلكتروستاتيكية القوية اللازمة لإنتاج أشعة الكاثود. علم رونتغن أن الغطاء الكرتوني يمنع الضوء من الهروب، ومع ذلك لاحظ روتنغن أن أشعة الكاثود غير المرئية سببت تأثيرا مشعاً على شاشة كرتون صغيرة مطلية بباريوم بلاتين وسيانيد، عندما وضعت بجانب صمام زجاجي، وهُيئ لرونتغن أن الأنابيب التي لها جدار زجاجي أسمك من أنبوبة لينارد من الممكن أيضاً أن تسبب نفس التأثير المشع. في وقت متأخر من ظهر الثامن من نوفمبر من نفس العام، قرر رونتغن أن يختبر فكرتة فقام بعناية بتصميم غطاء كرتوني أسود مشابه للذي استخدمه في أسطوانة لينارد، وقام رونتغن بتظليم الغرفة ليختبر عدم نفاذ الغطاء الكرتوني عندما يمرر ملف رمكورف المولد للأشعة الإلكتروستاتيكية خلال الأنبوبة واتجه لتحضير الخطوة التالية من التجربة. في هذه اللحظة لاحظ روتنغن وميضاً خافتاً من مقعد يبعد متراً عن الأنبوب ولكي يتأكد، قام باختبار العديد من الشحنات ورأى الوميض نفسه في كل محاولة، وتكهن رونتغن أن نوعاً جديداً من الأشعة قد يكون مسؤولاً عن هذا الوميض، وأعاد رونتغن تجربته مراراً حيث كان يأكل وينام في معمله حتى تحقق من الكثير من خصائص الأشعة الجديدة التي سماها مؤقتاً أشعة أكس كمسمى رياضي لشيء مجهول. على الرغم من أن الأشعة الجديدة عُرفت بأسماء كثيرة في لغات عديدة، حتى أصبحت تعرف باسم أشعة رونتغن، لكنه كان يفضل اسم أشعة اكس. بعد أسبوعين تقريباً من اكتشافه، أخذ روتنغن أول صورة له باستخدام أشعة اكس على يد زوجته آنا بيرثا، عندما رأت عظمها وقالت: "لقد رأيت موتي". واصل رونتغن تجاربه في سرية خوفاً على سمعته المهنية، فلربما تكون ملاحظاته خاطئة. وقد حصل رونتغن على درجة دكتوراة شرفية في الطب من جامعة فورتسبورغ بعد اكتشافه. ويعتبر رونتغن والد الأشعة التشخيصية، ولم يقتصر دور م مُنح 1901 هذه الأشعة على النواحي الطبية فقط فقد دخلت ميادين الصناعة والبحث العلمي وغيرها من الميادين. وفي عام رونتغن جائزة نوبل للفيزياء ليكون أول حائز عليها، وقد تبرع بالمكافئة المادية لجامعته كما فعلت كوري بعده.

38

Made with FlippingBook Learn more on our blog