من الرائع أن تستمد الفكرة من نقيضها وأن يستمد العلاج من أصل الداء، هذا تماماً ما كان في اختراع الحقنة الطبية، فعلى الرغم من أن تأثير عضات الأفاعي ولدغاتها كان معروفاً منذ قديم الأزل، إلا أن فكرة حقن شيء في الدم التي استُمدت من فكرة اللدغات السامة، تطلب عدة قرون ومراحل زمنية عديدة. يُرجح المؤرخون أن أول ظهور لهذه الحقن كان في الهند حيث كانوا يستخدمونها كأداة للبخ في أعيادهم الهندوسية، وفي القرن التاسع الميلادي، صنع الجراح العراقي عمار الموصلي حقنة مكونة من إبرة وأنبوب زجاجي كان يستخدمها للحقن تحت الجلد وإزالة إعتام عدسة العين، وظلت هذه الحقنة مستخدمة حتى م جاء العالم بليز باسكال واخترع 1650 القرن الثالث عشر، وفي عام محقناً ليكون تطبيقاً عملياً على قانونه الشهير. م 1853 أما عن استخدام الحقنة في الحقن البشري، فإنه في عام طور تشارلز بافاز وألكسندر وودز حقنة طبية للحقن تحت الجلد بإبرة رفيعة بشكل يمكنها من اختراق الجلد، إلا أنه وبعد ذلك بفترة قصيرة سجلت زوجة أكسندر وودز كأول حالة وفاة ناتجة عن حقن جرعة زائدة، حيث حقنت نفسها بجرعة قاتلة من المورفين المخدر تحت الجلد. ويعود الفضل في اختراع أول حقنة زجاجية شبيهة بالموجودة م، وهو الاختراع الذي جعل 1946 حالياً إلى الأخوين تشانس عام التعقيم الكامل للحقنة ممكناً دون الحاجة للبحث عن مكونات جديدة متوافقة. أما الحقنة التي نراها اليوم والتي تستخدم لمرة واحدة فقط فيعود اختراعها للنيوزلندي كولين مردوخ والذي لم يكن راضياً عما يستنزفه تنظيف وتعقيم الحقنة السابقة من وقت وجهد ومواد، فطور نوعاً جديداً من الحقن يتم استخدامها لمرة واحدة فقط وتكون معقمة وجاهزة فوراً، والتي كان لها الفضل في إنقاذ حياة الملايين من البشر في السنوات الخمسين الماضية من الأمراض المعدية، ومازالت هذه الحقنة تمر بمراحل التطور، فحديثاً تم إضافة تقنية جديدة على الحقنة تمكنها من التخلص من نفسها وإتلاف نفسها بنفسها. الــــحــــقــــنــــة الــــطــــبــــيــــة، تنقذ حياة الملايين
49
Made with FlippingBook Learn more on our blog