حين تم ترشيح أهم آلة استخدمت في الألفية الثانية، وقع الاختيار على مفك البراغي، فهذه الألة كان لها في نظرهم أهمية بالغة في تطور التكنولوجيا الحديثة، ودور أساسي في صنع الأجهزة المعاصرة. ولا عجب إذا قلنا إن اختراع مفك البراغي قد سبق اختراع البرغي ذي الطية المستديرة في الخارج (البرغي الذي نعرفه حالياً). البرغي ومفك البراغي ابتكاران حديثا نسبياً وإن كانت جذورهما تعود إلى القرن السادس عشر الميلادي. في ذلك العصر، كان صانعوا الأسلحة (البنادق والمسدسات) يستعملون أداة ذات مقبض خشبي أكبر بقليل من راحة اليد، في طرفها شفرة معدنية قصيرة وغليظة لضبط آلة السلاح، كانت آلة السلاح تثبت على الخشب بواسطة المسامير العادية. وبمرور الوقت، تبين أن المسمار يلتصق على نحو أفضل بالخشب إذ حفر بشكل حلزوني، فظهر البرغي، كان البرغي الأول يدق بالخشب بواسطة مطرقة، وكان انتزاعه صعباً للغاية، الحل الوحيد كان في حفر خط فوق الجزء الظاهر منه، ليصبح انتزاعه ممكناً ببرمه في الاتجاه المعاكس بواسطة أداة خاصة، هذه الأداة كانت في الواقع أول مفك م. 1676 براغي وقد صممها الفرنسي فيليبيان سنة ظلت البراغي تصنع باليد طوال قرنين من الزمن، ولذا كانت غالية الثمن، ولا تستعمل إلا في الاسلحة وبعض الأدوات المميزة في قيمتها. وفي أواخر القرن الثامن عشر، تمكن الإنجليزي كولن ويبل من برمنجهام من صنع البراغي بالجملة بواسطة الآلات، فانخفض ثمنها وصارت تستعمل في صنع الابواب والمفروشات وما شابه ذلك، ولكنها كانت حتى آنذاك دون (طبة/رأس) تبقى خارج الخشب، وبسبب غرزها في الخشب بواسطة مطرقة، صارت هذه البراغي تحتاج إلى أداة ذات شفرة أطول من السابق لسحبها إذا استدعى الأمر. م، ظهر في لندن أول (مفك براغي) 1780 في العام م 1840 يتميز بشفرة طويلة ذات رأس دقيق، وفي العام طور الإنجليزي نيثلفولد برغي الخشب بإضافة (طبة/ رأس) مستديرة تبقى خارج الخشب، وشق هذه (الطبة/ الرأس) بعرض أوسع بقليل من عرض رأس المفك، والعجب في الموضوع أن المفك هو ما استدعى تطوير البرغي وليس البرغي هو ما استدعى اختراع المفك، ومنذ ذلك الحين صار المفك لا غنى عنه في أية صناعة.
مــــفــــك الــــبــــراغــــي، ماذا لو لم يكن؟
52
Made with FlippingBook Learn more on our blog