كتاب تكنو علم

لم يكن يبلغ ليفي شتراوس من العمر حين غادر من بافاريا إلى أمريكا إلا سبعة عشر عاماً وكانت لغته الإنجليزية ضعيفة ومع ذلك باشر بالعمل مع أخوه الأكبر يبيع قماشاً يدور به بين القرى والمدن من أجل اكتساب لقمة م 1849 العيش، ولكنه عندما سمع بالاندفاع العظيم سنة للبحث عن الذهب في كاليفورنيا قرر أن يحزم بضاعته ويذهب إلى سان فرانسيسكو، ولما كان شتراوس بحاجة إلى أموال لشراء أرض ومعدات للحفر والتنقيب عن الذهب، باع كل ما لديه من قماش وسلع لركاب السفينة التي استقلها في رحلته، ولم يبق معه سوى لفافات من قماش الخيش، ظناً منه أن هذا القماش يسهل بيعه في سان فرانسيسكو لتصنيع الخيام وأغطية العربات. وعند وصوله سان فرانسيسكو تنبهت غريزة رجل الأعمال لدى شتراوس، وأيقن بعد أن شاهد جموع العمال أن هؤلاء العمال ونتيجة لطبيعة عملهم بالحفر فإنهم سيحتاجون وبكثرة إلى بناطيل قوية ومتينة تحتمل طبيعة عملهم، وربما يجد شتراوس هذه القوة والمتانة في قماش الخيش الذي كان بحوزته. بناطيل الجينز: صناعة تفوق البحث عن الذهب

وفعلاً هذا ما حدث فقد بدأ شتراوس مخيطته البسيطة لخياطة هذا النوع من البناطيل كتجربة أولية، وتفاجأ عندما بيعت الدفعة الأولى من هذه البناطيل على الفور. وقد عبر الزبائن عن إعجابهم بهذه البناطيل، بل تعدى الأمر إلى عمال سكة الحديد الذين رغبوا ببناطيل ليفي كما كانوا يسمونها، الأمر الذي استدعى شتراوس إلى إدخال تحسينات على بناطيله، فقد انتقل بعدها الى استخدام قماش الدنيم المصبوغ باللون الأزرق ليستخدمه في تصميم السراويل، بدلاً من الخيش الذي نفدت حصيلته لديه، كما أدخل تحسين الزوايا المسمارية م، استخرجت 1873 للجيوب، وفي العشرين من مايو لعام براءة الاختراع، وولد رسمياً قماش الجينز الأزرق. كانت بناطيل الجينز تباع فقط للرجال، وكان من الصعوبة أن تجد بين مرتديه نساء العائلات المتوسطة أو الغنية، ولكن المصممين راحوا تباعاً يضعون تصميمات خاصة يستخدم فيها الجينز للنساء، وعرضجينز ليفايز نسبة إلى ليفي شتراوس للنساء على صفحات م، واكتسب شعبية كاسحة، 1935 مجلة "فوغ" لأول مرة عام لدرجة أن تصميمات كالفين كلاين للجنز في السبعينيات مليون دولار أسبوعياً. 12.5 كانت تدر وحدها أرباحاً بقيمة وبعدما ظل قماش الجينز حتى ستينيات القرن الماضي لباس العمال وأبناء الطبقة المتوسطة وما دون ذلك، راح يتفشى في معظم الطبقات وصولاً إلى المشاهير وبعض رؤساء الدول، ورغم انتشار صناعته ووجود آلاف الماركات المنتجة له، فلا يزال اسم مبتكره طاغياً على كل الأسماء الأخرى، حتى أصبح مرادفاً للنوع أكثر منه اسم علم.

60

Made with FlippingBook Learn more on our blog