لــــوفــــنــــهــــوك: إنها الهواية!
ظل لوفنهوك يراسل الجمعية الملكية البريطانية منذ م وهي الجمعية العلمية الرائدة في العالم كله، 1673 سنة وبالرغم من أنه لا يتحدث سوى اللغة الهولندية، فقد انتخبوه م، إدراكاً منهم لأهمية لوفنهوك. كما 1680 عضواً بالجمعية عام أنه أصبح عضواً مراسلاً لأكاديمية العلوم بباريس، والجدير بالذكر أنه أول من اكتشف تركيب الحيوانات المنوية، وأول من وصف كريات الدم الحمراء، وقد عارض نظرية التولد التلقائي وقدم أدلة كثيرة تؤيد وجهة نظره، وقد أثبت أن البراغيث تتكاثر تماماً كالحشرات ذات الأجنحة. م ليسجل لوفنهوك أعظم اكتشافاته عندما 1674 ثم يأتي عام سجل أول ملاحظاته عن الميكروبات، ففي قطرة واحدة للماء اكتشف عالماً قائما بذاته، عالماً جديداً لا شك فيه، وعلى الرغم من أنه لم يعرف ما الذي اكتشفه بالضبط، فإنه أول من أشار إليه، ومع ذلك فإن الذي اكتشفه كانت له أهمية عظمى في تاريخ البشرية، وقد تمكن من العثور على الميكروبات في أماكن كثيرة : في المستنقعات وفي ماء المطر وفي أفواه وأمعاء الإنسان، واستطاع أن يضيف أنواعاً مختلفة من البكتريا، ولم تظهر أهمية وخطورة اكتشاف لوفنهوك هذا إلا عندما ظهر العالم الفرنسي الكبير باستور، أي بعد ذلك بمائتي عام، وقد ظل علم الميكروبات نائماً خامداً حتى جاء القرن التاسع عشر، عندما تطورت أحجام العدسات وتطورت صناعة الميكروسكوب، وكان ما توصل إليه لوفنهوك قبل قرنين من الزمان القاعدة الأساسية التي انطلق منها جميع العلماء.
أمضى حياته كلها موظفاً صغيراً في الحكومة. تزوج مرتين وأنجب ستة أولاد، ولم يكن له أحفاد، وكانت صحته جيدة، وظل يعمل بهمة ونشاط حتى قبل وفاته بساعات، وقد زاره في بيته عظماء الأدب والعلم والسياسة في عصره، زاره القيصر الروسي بطرس الأكبر وملكة إنجلترا. كان لوفنهوك هاوياً للنظر في الميكروسكوب ولم يكن من السهل في هذا الوقت شراؤه من المحال العامة، لأن ثمنه يفوق راتبه الشهري، ولذلك قام بتركيب ميكروسكوب لاستعماله الخاص، على الرغم من أنه لم يتعلم صناعة العدسات ولا فن جلاء الزجاج تمهيداً لصناعة العدسة المناسبة، ولكنه استطاع عن طريق تركيب العدسات بعضها فوق بعض الحصول على كفاءة للإبصار ليست في استطاعة أي ميكروسكوب مستخدم ذلك الوقت الحصول عليها، كما أنه تمكن من صناعة عدسات مرة، وهو الأمر الذي 270 كانت قادرة على تكبير الأشياء بمقدار يعد نقلة نوعية في تاريخ تصنيع العدسات. وهناك ما يدل على أنه صنع عدسات ذات قدرة على تكبير الأشياء أكثر من ذلك، ولكنها لم تسجل باسمه في ذلك الحين. كان لوفنهوك رجلا صبوراً ومثابراً وقوي الملاحظة، واستطاع بعدساته هذه أن ينظر إلى كثير من المواد ابتداء من شعر الإنسان إلى قطرات الدم وقطرات الماء والحشرات والأنسجة الجلدية والعضلية، وسجل ملاحظاته كلها وبمنتهى العناية، كما أنه قام برسم كل ما شاهده تحت الميكروسكوب.
72
Made with FlippingBook Learn more on our blog