كتاب تكنو علم

مــحــمــد صــلاح الــنــشــائــي، من الهندسة إلى أبرز علماء الطبيعة

رحلة طويلة مليئة بالنجاحات والإنجازات، والعقبات أيضاً، فمن مصر حيث نشأ إلى قمة مؤسسة سولفاي للطبيعة ببلجيكا، اجتاز آلاف الأميال، ارتأى والده ضرورة سفر ابنه ذي الخمسة عشر عاماً لألمانيا كي يستكمل تعليمه هناك، وكان قرار والده المفاجئ على غير رغبة منه، ولم يكن هذا هو الشيء الوحيد الذي فعله عالمنا الشهير الدكتور محمد صلاح النشائي، على غير رغبته، فقد أصر والده أيضاً على أن يلتحق ابنه بكلية الهندسة، في وقت كان هو نفسه يرى مستقبله مستقبل فنان. كان والده يصر عليه بأن يصبح مهندساً، فقد كان أبوه على قناعة كاملة بأن الفن والأدب ليسا إلا هواية، ولا ينبغي لهما أن يكونا أكثر من ذلك، ومرة أخرى يجبره والده على التخلي عن دراسة الهندسة المعمارية التي رأى فيها عوضاً عما فاته في دراسة الفن والأدب، طالباً منه أن يدرس الهندسة المدنية. درس النشائى الهندسة المدنية دون حماس، وبعد تخرجه م، عمل قرابة 1968 من جامعة هانوفر الألمانية في عام ثلاث سنوات في بعض الشركات العاملة في مجال تصميم الشوارع والكباري إلى أن جاء يوم تحدث إليه أستاذه ناصحا باستكماله لدراسته الأكاديمية، وهنا حول مساره من دراسة الهندسة الإنشائية لدراسة الميكانيكا التطبيقية، لينال درجة الماجستير والدكتوراه في هذا التخصص من جامعة لندن. عمل النشائي محاضراً في جامعة لندن بعد حصوله منها على درجة الدكتوراه لمدة سنتين، سافر بعدها للمملكة العربية السعودية ليعمل مدرساً في جامعة الرياض لمدة أربع سنوات، تمكن خلالها من الحصول على درجة الأستاذية، ومن هناك سافر إلى أمريكا ليلتحق بالعمل في معامل لاس آلاموس، وكانت هذه بداية الخروج من محيط الهندسة، حيث بدأ في الاهتمام بالعلوم النووية، وفى هذه الأثناء، ظهر علم جديد يطلق عليه "الشواش" أو الفوضى، وهو علم يدرس في القواعد الرياضية والتطبيقات الفيزيائية للنماذج العشوائية. وجد النشائي نفسه مشدوداً إلى العلم الجديد، تخصص النشائى في دراسة علم " الفوضى المحددة". وفى هذه الفترة

تقابل مع العالم البريطانى السير هيرمان الذي قدم له الفرصة ليلتحق بجامعة كمبريدج البريطانية العريقة. وهناك نجح النشائى في أن يحفر اسمه بأحرف من ذهب، ودمج نظريته الشهيرة مع نظرية الكم في نظرية واحدة، أطلق عليها نظرية " القوى الأساسية الموحدة" للنشائي عدد ضخم من الأبحاث المنشورة في مجلات علمية دولية لها تطبيقات هامة في مجالات الفيزياء النووية وفيزياء الجسيمات، وقد أوردت الجمعية الأميركية للرياضيات أكثر من مائة بحث من أبحاثه في حين أن متوسط عدد الأبحاث التي أوردتها نفس المجلة لأي من العلماء المتخصصين لا يزيد على العشرين بحثاً، وهو ما دفع علماء نالوا جائزة نوبل في الفيزياء لترشيحه أكثر من مرة لنيل نفس الجائزة، كما تم تكريمه في جامعة حيدر أباد بالهند، ورشحه أستاذه الراحل الدكتور آليان بوكوجيه لجائزة نوبل مرتين، كما كرمته مصر بمنحه جائزة الدولة التقديرية.

81

Made with FlippingBook Learn more on our blog