خارج نفوذ الســلطة التنفيذية الجديدة، وفي تحدّ ســافر لها، ثم تفرد البرلمان بتصميم وتوجيه العملية الانتخابية. جدل الميزانية العامة الذي امتد لأشــهر كان يمكن أن يكون حدثا اعتياديا وموقفا مفهوما لمجلس النواب لو أنه اقتصر على الدواعي الاقتصادية، ذلك أن مقترح الميزانية الأول الذي قدمته الحكومة قد تضمن تجاوزات وبنودا غامضة تحتاج إلى تفسير وتبرير. لكــن عددا من النواب، من بينهــم الرئيس، تخطّوا بتحفظاتهم التجاوزات الاقتصادية ورهنوا عملية اعتماد الميزانية للنزاع السياسي لأشهر وذلك في ظرف معيشــي صعب بالنســبة لليبيين، خاصة فيما يتعلق بالمناصب السيادية، ونفقات الجيــش التابــع للبرلمان، والزج بالنزوع الجهــوي في قلب الخلاف من خلال المطالبة بتقسيم الميزانية على الأقاليم الثلاثة، وهو المطلب المثير للاستغراب، ذلك أن إجراء كهذا يتطلب أسســا دستورية وقانونية وتنظيمية لا يمكن التوافق عليها في أمد قصير، حتى لو حسنت النوايا. اشــترط عقيلة صالح وأنصاره الحسم في المناصب السيادية ومخصصات الجيش التابع للبرلمان لقاء الإفراج عن الميزانية، ومن ذلك ضمان تعيين محافظ للمصرف المركزي مؤيد لجبهة الشرق وموالٍ لعقيلة صالح وخليفة وحفتر، وهو أمر في حال وقوعه ســيعزز من نفوذ وســطوة الجبهة الشرقية التي كانت فاعلة دون سيطرة مالية فكيف إذا أصبح المصرف المركزي تحت يدها. وكذلك يجنح عدد من النواب إلى فكرة تقســيم الإيرادات العامة للدولة علــى الأقاليم التاريخيــة الثلاثة، طرابلس وبرقة وفزان، وقد توعد بعضهم بمنع تمرير الميزانية إذا لم يتم لهم ما يريدون، وفي هذا المسار انحراف خطير، ذلك أنه لا يوجد أســاس دســتوري قانوني أو تنظيمي إداري يمكن الاستناد إليه في توزيع الواردات وفق النزعة الجهوية المطروحة اليوم. ومــن المهم التنبيه إلى أن موضوع تقاســم الإيــرادات، كان مطلبا لبعض أنصــار التيــار الفدرالي قبيــل توقيع اتفاق الصخيــرات، إلا أنه حضر بقوة في المشــهد السياســي بعد هجوم حفتر على العاصمة، والتفســير أن خليفة حفتر مركزي التوجه وهدفه السيطرة على العاصمة ومن ثم التحكم في إدارة الموارد
200
Made with FlippingBook Online newsletter