أحد عشر عامًا على ثورة 17 فبراير الليبية المسارات، العثرات،…

ونفوذها الذي يكون على حساب خطط تقوية الجيش والشرطة، والاقتراب من الصدام المســلح للمحافظة على النفوذ. أما في الشــرق فالموجود هو نموذج المؤسسة العسكرية التقليدية المتحكّم فيها من قبل شخص يوجهها لخدمة رؤيته وطموحه بعيدا عن أي رقابة أو محاسبة، وسلوك بعض مكوناته مليشياوي أسوأ من مليشيات الغرب، في العاصمة وغيرها. اجتماعيّا، الليبيون اليوم يعيشــون مرحلــة قديمة من التاريخ، حيث تقترن النعرات بالفروق السياسية والاجتماعية ضمن الأقاليم الثلاثة وما وقع بينها من خلافات، خاصة إقليمي الغرب والشــرق، فمقاربة معالجة المركزية المقيتة تم شــحنها بنزوع جهوي مقيت وصارت هي الفيدرالية الملغومة أو التقسيم، ولأن مقاربة النظام الســابق كانت عبر مجابهــة جذور التناقضات الاجتماعية بالقمع، فإنه بمجرد ذهابه أطلت تلك التناقضات برأســها وكان لها تأثيرها الســلبي جدا في ظل قلة الوعي، ليس فقط على مستوى القاعدة، بل بين قطاع من النخبة. ويثير الواقع الليبي على صعده المختلفة جدلا حول أســباب هذا التردي، وما إذا كانت فترة الكبت والقمع والفشــل على مســتوى التعليم هي سبب التيه الذي وقع فيه المجتمع والعجز الذي صاحب إدارة الدولة، أم أن مستوى الوعي والاســتجابة كان لا بأس به إلا أن عوامل تقترن بالضغوط الخارجية والانحياز والمصالــح التي وقعت فيها النخبــة القيادية هي التي جرّت المجتمع بمختلف مكوناته إلى مستنقع التأزيم. وبالعموم فإن الصوت الواعي والخيار العقلاني لم يجد له مكانا وازنا في المعادلة السياسية بعد، وهناك مؤشرات على اتجاه واعد بهذا الخصوص إلا أنه لن يكون هو الأعلى والأقوى في المدى القصير، لكن مجريات الأحداث تقود إليه وســيكون حاضرا بعد أن يستنفد المعطلون والمخربون والفاسدون طاقتهم ويصبحوا غير مؤثرين في الرأي العام. حتى دعوات المصالحة الوطنية التي واكبتها اتصالات لوسطاء بين الشرق والغرب على مستوى التجمعات الاجتماعية لم يؤسس لها بشكل صحيح وبدا أنها تأتي لخدمة الساسة المبرزين لتحقيق سبق في الانتخابات العامة.

213

Made with FlippingBook Online newsletter