أحد عشر عامًا على ثورة 17 فبراير الليبية المسارات، العثرات،…

الخاتمة اســتقلت ليبيا بعد حقبة استعمارية إيطالية مقيتة ومرحلة انتقالية تحكمت فيها الإدارة البريطانية، خاصة في الغرب والشــرق، ووضع المؤسسون الأجداد لبنات بناء الدولة، وبرغم ما شــاب عملية الانتقال وبناء المؤسســات السياسية والاقتصاديــة والاجتماعية من خلل، فإنها مثلت بداية واعدة كانت مختلفة عن غيرهــا من تجارب الانتقال في الجغرافيا التي تنتمي إليها ليبيا، المنطقة العربية والقارة الإفريقية. ثــم وقع منعطف الفاتح من ســبتمبر الذي انحرف بمســار الانتقال وبناء الدولة إلى نموذج أقل ما يقال فيه إنه يعاكس مســارات البناء ويصادم المألوف والمعروف من وسائل تثبيت دعائم الدولة التي تعزز الاستقرار السياسي وتحقق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وجــاءت ثــورة فبراير بهدف تصحيح الانحراف الذي طال أمده وكانت له تشوهات كبيرة وخطيرة على الدولة والمجتمع، ونجحت في أن تفرض المسار الديمقراطي كنهج للتغيير والبناء المؤسســي، إلا أن التشــوهات كانت أكبر من قــدرات وإمكانيــات وخبرات قيادات الثورة، بــل إن مقاربات الانتقال التي تم م، وممارسات السلطات التي حكمت، وما قامت 2011 تبنيها بعد فبراير/شباط به الأطراف المحلية المعطلة التي تلقت دعما خارجيا سخيا، أسهمت في تكريس تلك التشوهات وإحالة الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي إلى واقع مرير يهدد وجود الدولة ويقوض تماســك المجتمع ويضع عموم الليبيين في معاناة اقتصادية واجتماعية وأمنية مريرة. عامان بعد الثورة شــهدا بشائر سياســية واقتصادية وحتى اجتماعية، حيث عاد إنتاج النفط إلى مســتواه في زمن قياسي وشهدت البلاد تحسنًا في مستوى المعيشة ووقعت انتخابات المؤتمر الوطني في أجواء غير مسبوقة منذ عقود، إلا أن الأوضاع انقلبت إلى نزاع سياســي وتأزيم اقتصادي وقطيعة اجتماعية وذلك م، وبالتحديد بعد تفجر الصراع بين عمليتين عسكريتين هما عملية 2014 منذ عام

217

Made with FlippingBook Online newsletter