أحد عشر عامًا على ثورة 17 فبراير الليبية المسارات، العثرات،…

وجنوبها، وقد كان هذا أحد أهم أســباب السخط الذي تطور إلى مهاجمة أحد بمدينة بنغازي، ومحاصرة رئيســه، " الحدائق " المقــرات التابعــة للمجلس بحي حيث تم تدمير الســيارة التي كانت تقله من قبل الجموع الهائجة، وخرج عبد الجليل من الباب الخلفي بمساعدة حراسه ومجموعة من الثوار تدخلت لاحتواء الموقف، وكان المؤلف شاهدا على الواقعة بكل تفاصيلها. وعندما انتقل المجلس إلى العاصمة بعد إعلان التحرير في أكتوبر/تشرين م، تعاظم النزوع الجهوي، واشتدّ شعور فئات عدة من أبرزها أنصار 2011 الأول الطرح الفيدرالي بالإحباط، حتى أصبح لسان حالهم يقول إن الشرق كان مفجر الثــورة ومصــدر قوتها في أصعب أوقاتها، ثــم إذا بالغرب يجني الثمار بتمركز السلطات فيه. وفوق ذلك كله كانت الحالة أشــبه بالعقم فيما يتعلق بالتعاطي مع الوضع الجديد وذلك برغم وجود كافة التخصصات الإنسانية في المجلس، فأن تمتلك بعض المعرفة بأساســيات التحول والانتقال الديمقراطي شــيء، وأن تجد لها أرضية خصبة أو استعدادا للقبول باشتراطاتها والأخذ بها شيء مغاير تماما. لقد كان الواقع معقدا جدا، واستعدادات الليبيين في المجمل كانت أقرب للانحراف بهم إلى أي وجه غير الاستقرار والتحول، وذلك برغم الحالة الإيجابية التي طغت في الأشهر الأولى من الثورة. ولأن الخلافــات كانــت راجحة لأســباب تتعلق بتعــدد الآراء واختلاف الاتجاهــات الفكرية والسياســية والتناقضات الاجتماعيــة ذات البعد الجهوي والمناطقــي وازدياد نفوذ المجموعات المســلحة، فإن للحالة الليبية خصوصية تجعــل من التعامل الســلس مع الآخر أمرا متعــذرا، ولهذه الخصوصية ارتباط بالظرف السياســي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي الذي ســاد لعقود، وبلور م. 2013 طرق تفكير وردود فعل الناس على الشكل الذي أصبح غالبا منذ عام الأهم من ذلك كله هو الفشــل في إيجاد قوالب وآليات ووســائل للحوار تمنع تحول الخلافات إلى نزاعات وصراعات، الأمر الذي جعل مهمة المجلس الانتقالي، ثم الأجسام التشريعية اللاحقة، صعبة. ومن المهم الإشــارة إلى أن المجلس الانتقالي الوطني مارس مهام كبيرة

58

Made with FlippingBook Online newsletter