إستراتيجية الأمن القومي الإسرائيلي

الفصل الرابع تحديات إستراتيجية األمن القومي اإلسرائيلي

عند موازنة تأثير التحوالت الجيوإســتراتيجية في األمن القومي اإلسرائيلي يتضح أنها قد حسَّنت بالمجمل من مكانة إسرائيل اإلستراتيجية ومنحتها هوامش إقليمية أوســع لتحقيق مصالحها الوطنية. فغياب التهديدات التقليدية التي كانت تمثلها الجيوش العربية وانطالق مســارات التقارب بين إســرائيل وبعض الدول العربية، ســواء التي تجســدت عبر التوقيع على اتفاقات ســ م، أو من خالل التوصل التفاقات تطبيع، أو تحت غطاء من العالقات الســرية مع دول أخرى، وما رافقها من مظاهر تعاون؛ ولَّدت تأثيرات إيجابية في بيئة إسرائيل اإلستراتيجية أكبر من التأثيرات السلبية الناجمة عن بروز شبح التهديد غير التقليدي الذي قد يمثله البرنامج النووي اإليراني في المستقبل، والمخاطر التي ينطوي عليها اندالع احتكاكات مسلحة مع منظمات معادية مسلحة. وعلى الرغم مما تقدم، فإن إسرائيل تواجه جملة من التحديات تقلص من قدرتها على االستفادة من ناتج التوازن بين مجمل التحوالت الجيوإستراتيجية، على رأســها مظاهر الخلل البنيوي المتعلق بقصور عملية بناء القوة العســكرية، وتحديات جيوبوليتيكية، وتداعيات بقاء الصراع مع الشــعب الفلسطيني، وحالة انعدام اليقين في الساحة اإلقليمية الناجمة عن اهتزاز استقرار بعض أنظمة الحكم وتواصــل النزاعات في مناطق عدة من اإلقليم، وعوامل داخلية، وتحوالت في منظومة القيم المجتمعية. فهذه التحديات تسهم في تقليص الهامش الذي تتفاعل فيه مناشط األمن القومي اإلسرائيلي، وتقلل من قدرة هذه المناشط على مواجهة التبعات السلبية للتحوالت الجيوإستراتيجية وتأمين المصالح الوطنية. وقــد أســفر هذا الواقع عن وجــود تناقض كبير بين حيازة إســرائيل قوة عســكرية تمنحها تفوقا نوعيا على القــوى المتصارعة معها وحدوث تحوالت في المنطقة حسَّنت من مكانتها اإلستراتيجيىة اإلقليمية وبين تواضع اإلنجازات العســكرية التي حققتها في مواجهتها العســكرية خالل عقد ونصف، فضال عن

109

Made with FlippingBook Online newsletter