إستراتيجية الأمن القومي الإسرائيلي

الخاتمة أسهمت بعض التحوالت اإلقليمية في تحسين مكانة إسرائيل اإلستراتيجية نســبيا وعززت من قدرتها على تحقيق مصالحها الوطنية، إال أن الهوامش التي تتفاعل فيها مناشــطها العسكرية والسياســية والدبلوماسية، بهدف الحفاظ على هــذه المكانــة وتلك القدرة تبقى ضيقة على الرغم من تعاظم ميل ميزان القوى العسكري والتكنلوجي لجانبها؛ وذلك بسبب قصور مبادئ ومكونات إستراتيجية أمنها القومي عن احتواء تداعيات التحوالت اإلقليمية والدولية األخرى. في الوقت ذاته، فإن حالة انعدام اليقين التي يتسم بها اإلقليم ترسم الكثير من عالمات االســتفهام حول مدى قدرة إســرائيل على الحفاظ على الكثير من اإلنجازات التي حققتها بفعل التحول الذي طرأ على بيئتها اإلستراتيجية. لقد دلت التحوالت التي شهدتها المنطقة خالل العقد األخير على أن البيئة اإلقليمية غير مستقرة، ويمكن أن تكون في المستقبل عرضة لتحوالت تفاقم من التحديات التي تواجهها إسرائيل. واتضح مما تقدم أن قدرا كبيرا من التحسن الذي طرأ على مكانة إسرائيل اإلستراتيجية خالل العقود األربعة الماضية لم يكن بسبب قدرتها على استثمار مواردها الذاتية فقط، بل كان أيضا نتيجة تحوالت شــهدتها البيئة السياســية في العالــم العربي، وتحديدا التغيير الذي طرأ على موقف نظم الحكم في المنطقة منها. وهذا يعني أنه إذا حدثت تحوالت في سياســات الدول العربية ومواقفها من إســرائيل، فإن ذلك قد يفضي إلى تآكل قدرة إستراتيجية أمنها القومي على تحقيق مصالحها الوطنية. فمن الممكن حدوث تحول في الواقع السياســي في العالــم العربي وصعود أنظمة حكم تتبنى سياســات تقلص من هامش المناورة أمام إســرائيل، أو على األقل يمكن لهذه األنظمة أن تخضع عالقتها بإســرائيل لنمط تعاطيها مع القضية الفلسطيني، كما حدث في أعقاب الموجة األولى من الربيع العربي؛ مما سيقلص من قدرة إسرائيل على تحقيق مصالحها اإلستراتيجية واألمنية.

139

Made with FlippingBook Online newsletter