إستراتيجية الأمن القومي الإسرائيلي

مقدمة تعرضت إســرائيل خالل العقود األربعة الماضية إلى جملة من التحوالت الجيوإســتراتيجية التي أثرت في فاعلية وصالحية مبادئ ومكونات إســتراتيجية أمنها القومي، وحملت في طياتها جملة من الفرص والتحديات التي اســتدعت مواءمة هذه اإلستراتيجية لتكون قادرة على االستفادة من هذه الفرص ومواجهة تلك التحديات. عاما، خضعت إســرائيل لتأثير تحوالت داخلية 40 وعلــى مدى أكثر من وخارجية غيرت إلى حد كبير بيئة أمنها القومي. فمنذ التوقيع على اتفاقية كامب ، أصبحت مناشــط األمن القومي اإلســرائيلي تتفاعل 1978 ديفيد مع مصر عام فــي ظــل ظروف تختلف عن تلك التي صاغ فيها رئيس الوزراء األول دفيد بن . 1956 و 1948 غوريون إســتراتيجية األمن القومي في الفترة الفاصلة بين حربي فقد تراجع مستوى حالة العداء بين إسرائيل والعالم العربي؛ وهو التحول الذي تمثل في توقيع دول عربية معاهدات ســ م واتفاقات تطبيع مع إسرائيل؛ فضال عــن أن دوال عربيــة أخرى ترتبط معها بعالقات ســرية. إلى جانب ذلك، فقد تراجع مستوى التهديدات التقليدية إلسرائيل بتراجع قوة جيوش دول عربية كان لها دور في الصراع، وتحديدا سوريا والعراق. وفي المقابل، فقد انضم إلى دائرة العداء إلسرائيل فاعلون أقل من مستوى الدولة تواجههم إســتراتيجية األمن القومي بقــدر محدود من الكفاءة، بخالف مــا تكون عليــه األمور عند التعاطي مع التحديات التي تمثلها دول. في الوقت ذاته، حدث تحول في طابع بناء القوة العســكرية لدى أعداء إسرائيل؛ إذ سعت قوى إقليمية لمراكمة قدرات عسكرية تقليدية وغير تقليدية تهدد تواصل احتفاظ إسرائيل بتفوقها النوعي في اإلقليم. إلى جانب ذلك، فإن استمرار الصراع مع الشعب الفلسطيني وتهاوي فرص تسويته يلعبان دورا مهما في بروز المزيد من التحديات والتهديدات التي تقلص من قدرة إســرائيل على توظيف مكونات إســتراتيجية األمن القومي في تحقيق

5

Made with FlippingBook Online newsletter