إستراتيجية الأمن القومي الإسرائيلي

حقيقة أنها ترتبط بوجود االحتالل المباشــر لألراضي الفلسطينية، فضال عن أن الحصار المفروض على قطاع غزة وتبعاته االقتصادية واإلنسانية وفرت بيئة محفزة للتصعيد بين الجانبين. فقد أسهمت هذه التبعات في تقليص قدرة إسرائيل على ردع الفصائل الفلسطينية، على اعتبار أنه ال يوجد لدى هذه الفصائل ما تخسره. وقــد أظهرت مواجهة التنظيمات المســلحة عدم كفــاءة العديد من مبادئ ومكونات إســتراتيجية األمن القومي الرئيسة، المتمثلة في: العمق اإلستراتيجي، نقل المعركة إلى أرض العدو، الردع، الحســم، والحرب الخاطفة. فقد خفض استخدام تلك التنظيمات الصواريخ، التي بإمكانها المس بأي بقعة في إسرائيل، من قيمة االحتفاظ باألرض لتكون عمقا إســتراتيجيا، الذي يعد من أهم مبادئ إستراتيجية األمن القومي. في الوقت ذاته، فإن الحروب والمواجهات العسكرية مع تلك التنظيمات أثبتت أنه لم يعد بإمكان إســرائيل احتكار نقل المعركة إلى أرض العدو. وحسب النائب اإلسرائيلي عوفر شيلح، الذي رأس لجنة برلمانية لدراسة فعالية إستراتيجية األمن القومي فإن التنظيمات المسلحة أثبتت أنها قادرة على اســتهداف العمق المدني اإلســرائيلي خالل المواجهة بمستوى لم تتمكن . ((( الدول العربية في حروبها مع إسرائيل من االقتراب منه المذكور " الردع " كمــا دلت المواجهة مع التنظيمات المســلحة عن قصور في مكونات إستراتيجية األمن القومي. فإذا كان أحد معايير تحقق الردع يتمثل فــي إطالة الفتــرة الزمنية بين الحروب والمواجهات العســكرية مع العدو؛ فإن اضطرار إســرائيل إلى شن أربع حروب وعشرات الحمالت وجوالت التصعيد ضد الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة يدل على أنه رغم تفوقها العسكري الهائل على هذه الفصائل فإنها لم تتمكن من تحقيق الردع. إلــى جانــب ذلك، فإن اندالع مواجهات في أوقــات متقاربة مع المقاومة ، الذي " الحســم " الفلســطينية يدل أيضا على قصور قدرة إســرائيل على تحقيق يعتبر مكونا مهما من مكونات إســتراتيجية األمن القومي، وهو ما يمثل مسًّــا . ((( بمكانة إســرائيل اإلقليمية وســمعتها بوصفها قوة عسكرية كبيرة في المنطقة ، مرجع سابق. " من يفر من المناورة البرية لن ينتصر " شيلح، ((( ، عد ألوف 2012 ونظرا إلى عجز إســرائيل عن حســم الحرب التي شــنتها على غزة في مايو/أيار (((

70

Made with FlippingBook Online newsletter