النخبة الإسرائيلية الجديدة

منذ أربعة عقود شــهدت إسرائيل تحولات أسهمت في تعزيز قدرة التيار الديني القومــي على التســلل إلى مواطن تأثير ومراكز نفــوذ محددة، ليكون جزءًا أصيً من النخب التي تهيمن على هذه المواطن وتلك المراكز. وقبل الخوض في طابع العوامل التي ساعدت التيار الديني القومي على اختراق النخبة الإسرائيلية، لابد من الإشارة إلى حقيقة أن الإرث الفقهي لهذا التيار، وبخلاف . فمنذ الإعلان )1( التيار الديني الحريدي، لم يُحظر عليه الاندماج في الدولة والمجتمع ، خدم عناصر التيار الديني القومي في الجيش والمؤسســات 1948 عن إســرائيل عام الأمنية وأســهموا في جميع مجالات الحيــاة. وعندما قررت مرجعيات وقيادات هذا التيار تعزيز تمثيل عناصره في النخب المختلفة أواخر سبعينات ومطلع ثمانينات القرن الماضي بشكل يفوق بكثير تمثيلهم السكاني بغرض تعزيز تأثيره على دائرة صنع القرار وتوجهات المجتمع، فإنه كان مطالبًا فقط باســتغلال التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والديمغرافية لتحقيق أهدافه. وفي المقابل، فإن الإرث الفقهي للتيار الديني الحريدي أملى عليه توجهات انعزالية؛ حيث إن هذا التيار حرص بشكل أساس على الحفاظ على تمثيله داخل النخبة السياسية والدينية فقط، على اعتبار أن بإمكانه تأمين . )2( مصالحه من خلال هذا التمثيل وقد أسهم العديد من العوامل في إحداث تحول على مكانة المتدينين القوميين وتمكنهم من أن يتحولوا إلى مكون مهم من مكونات النخبة الإسرائيلية بشكل يفوق تمثيلهم الســكاني، بعد أن ظلوا على مدى أكثر من ثلاثة عقود يعيشــون على هامش المجتمع. ســنتعرض أوً للعوامل التي حسّــنت من مكانة أتباع التيار الديني القومي في الفضاء العام، ثم نرصد العوامل التي مكّنته من اختراق نخب بعينها، إلى جانب عرض معطيات تعكس تمثيل هذا التيار في النخب المختلفة.

انظر: عنبري، «مواقف الصهيونية الدينية كما أملاها الحاخام يهودا إسحاق كوك»، مرجع سابق. ((( ، مرجع سابق. 2014 جال، الحريديم في المجتمع الإسرائيلي- تصور للعام (((

43

Made with FlippingBook Online newsletter