النخبة الإسرائيلية الجديدة

ســتُعنى هذه الدراســة بشكل خاص بتسليط الضوء على التحول في مكانة التيار الديني القومي ومســتوى تمثيل أتباعه في النخب المختلفة، وستركز على تمثيل التيار الديني الحريدي والشرقيين في النخبة السياسية فقط، وذلك للأسباب التالية: أو ً: التحول في تمثيل أتباع التيار الديني القومي في النخبة الإسرائيلية كان نتاج مبادرة لدواع أيديولوجية، أقدمت عليها قياداته ومرجعياته الدينية واعتمدت فيها آليات عمل مختلفة لضمان اختراق مواطن النفوذ والتأثير بشكل يفوق الثقل الديمغرافي لهذا التيار، وبهدف التأثير على دائرة صنع القرار السياسي وعلى المجتمع. وفي المقابل، فإن التحول على مكانة الشرقيين وزيادة تأثيرهم في النخبة السياسية لــم يكن نتــاج تحرك لدواع أيديولوجية، بل كان أحد تداعيات انتقال اليمين للحكم، حيث عمد اليمين الصاعد للحكم حديثا إلى تطعيم قوائمه الانتخابية وكتله البرلمانية وممثليه في الحكومات المتعاقبة بقيادات شــرقية؛ إلى جانب أن نسبة تمثيل الشرقيين في النخبة السياسية لا يتجاوز تمثيلهم الديمغرافي. ثانيًا: بعد أكثر من سبعة عقود على وصولهم إلى فلسطين ونتاج الزواج المختلط مــع الغربيين من الصعب حاليّا تتبع تمثيل الشــرقيين فــي مركبات النخب المختلفة، باستثناء النخبة السياسية، على اعتبار أن الساسة من أصول شرقية يجاهرون بانتمائهم العرقي، في حين سيكون من الصعوبة بمكان تحديد تمثيل الشرقيين في مواطن النفوذ المختلفة، مع أن الدراســة تعرضت لبعض المعطيات التي تعكس تمثيل الشرقيين في النخب المختلفة حتى أواخر ستينات القرن الماضي، عندما كان من الممكن تتبع تمثيل الشرقيين في هذه النخب. ثالثا: بســبب طابع أطروحاته الأيديولوجية ومواقفه السياســية ورؤاه الفقهية من الصراع مع العالم العربي، فإن التعرف على مظاهر وتداعيات تعاظم تمثيل التيار الديني القومي في النخبة السياسية الإسرائيلية يكتسب أهمية كبيرة لأنه يسمح ببناء تصورات إزاء مستقبل سياسات إسرائيل الإقليمية والخارجية، وتحديدًا في كل ما يتعلق بعلاقتها مع العالم العربي. رابعًا: على الرغم من التطابق في المواقف الأيديولوجية بين التيار الديني القومي والتيار الديني الحريدي، فإن التوجهات الانعزالية للتيار الأخير جعلته يركز فقط على التسلل إلى النخبة السياسية من خلال تمثيله في الحكومة والبرلمان لضمان مصالحه، بالإضافة إلى احتكار التيارين معًا بشــكل مطلق النخبة الدينية؛ وهذا ما جعل الباحث

6

Made with FlippingBook Online newsletter