وتأثرت بذلك مؤسســات الدولة ولم يعــد القانون يطبق إلا على المواطنين العاديين، فانتشــر الفســاد في كل مفاصل الدولة، وأصبح المســؤولون يتبادلون المنافع في مختلف المجالات، متجاهلين مصالح الأقليات الليبية، فتم طمس هوية الأمازيــغ لعقود وحُرِموا حقهم في تعلم لغتهم تحت ذريعة تعريبهم واســتيعابهم كباقي المواطنين. لــم يكن معمر القذافي يكافئ ســوى مــن يؤيدونه، ولذلك حُرم الشــعب الليبــي من حقه في حكومة ذات مغزى فعانى لســنوات عديدة، لا ســيما خلال فترة العقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب على ليبيا، والتي كانت نتيجة مباشرة الأحداث المؤســفة وغير المتوقعة التي وقعت بعد الثورة لا تجعلها فاشــلة ولا العيوب التي انبثقت عن خلع معمر القذافي تخبرنا بذلك. لا يمكننا أن نتوقع أن تزدهــر أمة بعدما حُكِمت ما يقارب نصف قرن وتُرِكت بدون دســتور، وبدون الأســس الأساســية للدولة، بما في ذلك جيش دائم. في الواقع، ليبيا لم يكن لها جيش في ظل النظام الســابق، بل كانت فيها ميليشــيات وكتائب موالية لأبناء معمر تحت شعار 1975 القذافي ولشخصيات من القبائل القوية، لأن الجيش تم حله عام وقد أدى غياب هذه المؤسسة إلى فراغ في السلطة بعد الثورة ( (( ، " الشعب المسلح " في بلد مترامي الأطراف كليبيا. فــي تلــك اللحظة، كان المجلس الانتقالي ضعيفا جــدا ولم يكن يلبي رغبة الشعب ولا الحاجة إلى إقامة دولة القانون بشكل مؤكد. وتكونت في ظل الحرب الأهلية الليبية طبقة ثرية فأدى ذلك إلى فجوة عميقة في المجتمع وتضخم اقتصادي القبيلة والدولة في تاريخ ليبيا الحديث: قراءة خلدونية لتطور ليبيا في العصر " لدجال، طارق، ((( ، ديسمبر/ كانون 3.1 ، الفنون المقنعة والعلوم الإنسانية، (العدد " 2011-1711 الحديث .)2016 الأول لأفعال معمر القذافي. ليبيا ما بعد الثورة
106
Made with FlippingBook Online newsletter