وهكذا جاء التغيير في ديناميكيات المؤسسات بسبب قرارات القذافي القائمة على الأيديولوجيا ليحل مكانها الاستبداد، دون أن يتم بناء نظام حقيقي لصنع القرار كما نرى في الديكتاتوريات الأخرى، وهذا قد يفسر كيفية انهيار نظام القذافي بعد .2011 وفاته في أكتوبر/تشرين الأول والتأثير الأخير الجدير بالذكر في هذا السياق هو أن المجتمع الليبي بدا انعزاليا نهاية " بعد النظام الفوضوي، وذلك لكثرة ما كرر القذافي فكرته بأن ليبيا نفسها هي ، حيث استخدم هذا الاعتقاد آليةً لتمكين سلطته، وتجنب أي تفكير يدعو " التاريخ إلى الإصلاح أو التنمية أو التقدم، وبالتالي حول ليبيا إلى مجتمع مغلق. ففي ذهن القذافي أن العالم بأسره سوف يفهم في نهاية المطاف أيديولوجيته ويتبناها. أتذكر أنني عندما كنت طفلا، كنت أسمع أحكاما قضائية على المتهمين تشير إلى أنه سيتم منعهم من الاســتمتاع طوال حياتهم بجماهيرية القذافي. وقد روّج القذافي بشــكل في وسائل الإعلام المحلية، وكذلك " نهاية التاريخ " مستمر وبحماس لمفهومه عن في النظام التعليمي من الصف الأول حتى الجامعة، وبذلك أوجد وعيًا وطنيّا أدى إلى استمرار هذه الرواية. مضللة ليس " نبوءة " إن استخدام التاريخ للسيطرة على المجتمعات من خلال بالأمر الجديد، وقد اســتخدمه القذافي بمكر، وقد تطرق إلى ذلك كارل بوبر عند مقارنة السرد العلمي بروايات النظم الشمولية. إن قصتهم القائلة بأن الديمقراطية لن تســتمر إلى الأبد حقيقية ومتماســكة " بقدر ما هو مؤكد أن العقلانية لن تدوم، ذلك أن الديمقراطية توفر إطارا مؤسسيا يســمح بالإصلاح دون عنف وهذا حســبها، وتســتخدم العقلانية في هذا السياق كذلك، غير أن قصتهم تميل إلى تثبيط من يحاربون الشمولية وتدفع دائمًا للثورة ( (( . " ضد الحضارة نفسها
(1) Popper, K.R. The Open Societies and its Enemies , (Routledge, 1945).
119
Made with FlippingBook Online newsletter