هــذه هــي البيئة التي عاش فيها الليبيون، حيث زعم القذافي بســرديته أنهم أص ً.... طلّــق الليبيون قبل أن يتزوّجوا، " يبدؤوا " قبل أن " النهايــة " وصلــوا إلى وأعتقوا قبل أن يملكوا... وباســتخدام هذه الفلســفة القائلة بأن ليبيا وصلت إلى النهاية، تمكّن القذافي من رفض الأفكار الإصلاحية والسلطة المنافسة، إذ لم تكن هناك حاجة لفصل المجتمع المدني عن الدولة، فإن هذه الفلسفة المضللة افترضت مــن التنظيمات وفكرة الاجتماع أص ً، ولم تترك " أحرارا " أنهــا جعلت المواطنين مجالا للاعتراف بالأخطاء. ولم يكن هذا في السياق الليبي مجرّدَ إطار نظري، بل كان أيضا حقيقة يومية ترسخت بعمق في قلوب وعقول المواطنين، ولذلك تفسر أيديولوجيةُ القذافي طبيعة الأحداث الجارية في البلاد، وتُظهِر كم هو ســطحي ذلك التفســير الذي يجعل ما يحدث من فوضى تعيشها ليبيا نتيجةً للثورة أو تدخل الناتو أو قلة خبرة السياسيين الليبيين. ومن المؤكد أن المجتمع الليبي سيســتغرق وقتا طويلا ليتخلص من هذه الحقيقة الزائفة التي قدمت له على مدى أربعة عقود. الفردانية والتنوع ومن الدروس المستسقاة من تاريخ الديكتاتورية أن الحاكم المطلق يستحسن أن يقيم حزبا مهيمنا، يدير من خلاله جميع مؤسســات الدولة الأخرى، وبدلا من ذلــك النهج أوجد القذافي عدوّا من خارج الحكومة. ففي ديســمبر/كانون الثاني تنحّى القذافي عن منصب الأمين العام لمؤتمر الشــعب العام للتركيز على 1978 وخلال هذه الفترة رأى أن مؤسسات الجمهورية ( (( الأنشــطة الثورية مع الجماهير، ، عقبة أمام فكره وســلطته، وأدرك أن الدولة 1969 الليبية كانت بعد انقلاب عام من السيطرة الكاملة على النظام. كانت عقبة تمنعه (1) Metz, H.C. Libya: a country study (Federal Research Division - Library of Congress, Washington D.C., 1989).
120
Made with FlippingBook Online newsletter