لقد فهم القذافي جيدا كيفية التلاعب بالطبيعة القبلية للمجتمع الليبي واســتخدامها مــن أجل منــع أي احتمال لجبهة موحدة ضد حكمه، وقد كان منع تطوير الجيش ذا أهمية إستراتيجية قصوى بالنسبة للقذافي. لم يكن القذافي يبني نظامًا دكتاتوريًا بل كان يبني نظامًا فوضويّا وكانت إدارته له إدارة للفوضى ليس إلا. الاشتراكية مقابل العجز المجتمعي بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، حاول القذافي تفسير ما حدث للشيوعية بقوله الثورة تحدث عندما يصل الشــعور بالعجز إلى كل جزء من حياة الضعفاء في " إن نجــد وصفًا دقيقًا للعجز الذي وصل " تحيا دولة الحقراء " . وفــي كتابه " المجتمــع عندما يصل توغّل شــعور العجز إلى كل جزء من حياة " إليه المجتمع، حين يقول العاجزيــن ويفقــد العاجزون الشــعور بالعجز وبكل ما يترتــب عليه من انحطاط، وعندما يصبح التبخيس والهوان والنذالة أمورًا غير مستفزّة تكون حياة العاجزين قد وصلت درجة الصفر التي هي مستوى الاستقرار في التفاهة والهامشية، عندها يبدأ العد التصاعدي في تراكم الدونية، ويبدأ الشعور بتراكمها، ولم يعد أمام العاجزين للثورة على أنفسهم إلا إتاحة فرص المقارنة مع الغير النقيض، إما بتحريض محرض أو بالمشــاهدة. وتكون جيدة للغاية إذا طرأ على مصدر العجز خلل يشــجع على التجاسر، وإذا تتابعت ثغرات الخلل وتم استثمارها وتضخيمها بالدعاية والتحريض ( (( . " فإن الروح المعنوية الميتة لدى العاجزين تدبّ فيها الحياة ويســتمر النص فــي بيان خطورة أن يقوم العاجزون بالثــورة، وهذا يؤكد أنه تحيا " يدرك حجم التغيير الذي طرأ على المجتمع الليبي خلال حكمه. كان كتاب أكثر نضجا من الكتاب الأخضر، حيث جاء بعد تجربة القذافي في " دولــة الحقراء أنت " التعامل مع المجتمع في عهده الفوضوي، فاختلف استنتاجه من حيث الجوهر ، وهنا يؤكد مآلات الفوضوية على بنية المجتمع " الآن تُحكَم بحزب وليس بنفسك العاجز فيقول حين يبين أن الشــعب في بنيته الأفقية -التي شــملت حسب القذافي .8 المرجع السابق،ص (((
123
Made with FlippingBook Online newsletter