خاتمة إن استغلال المرأة وتسخيرها أداةً لمحاولة إظهار صورة تقدمية وكسب محبة القــوى العاملــة كما فعل كل من القذافي وحفتر، لا يفيد شــيئًا في تحرير المرأة. وهــذان الرجــ ن هما في الواقع، أهم الجناة الذين يمارســون العنف والقهر ضد النساء. فقد كان القذافي وخطابه النسوي الذي يبدو في الظاهر تقدميّا والمترافق مع دولة بوليسية صارمة الصوتَ الوحيد المسموع في الخارج حتى انهيار نظامه، ومن ثم كانت الإشــادة به باســتمرار وبأيديولوجيته التقدمية تجاه المرأة، في حين كانت النســاء يتعرضن للإيذاء والتهميش والاستغلال على يد نظامه. والخطر الذي تمثله هذه الصورة هو أنها ساعدت على إخفاء الحقائق القاسية التي تواجهها المرأة الليبية. وليبيا معرضة لخطر تكرار أخطاء الماضي هذه مع محاكاة خليفة حفتر لنهج القذافي. فعلى الرغم من أن حفتر ليس الكيان السياسي الوحيد في ليبيا المعاصرة الذي يشارك في إساءة معاملة النساء وتهميشهنّ، فإن النهج المحدد الذي يتبعه يمثل خطورة فريدة. إنها إشاعة أيديولوجية نسوية مقترنة بدولة بوليسية تؤدي إلى إسكات النساء وإساءة معاملتهنّ واستهدافهنّ وإيذائهنّ، ومن ثم فإن الخطاب المحيط بحفتر وغيره من القادة المشــاركين في اســتغلال المرأة يجب أن يلقى انتقادات شديدة. يجب إجراء تحليل نقدي لحالة النساء اللائي عشن في ظل نظام الرجلين وحالات العنف الهيكلي والشخصي، علمًا بأن التركيز على الرموز الموضوعة إستراتيجيّا في الضوء لإخضاعهنّ للأنظمة العنيفة يضر بالنســاء لأنه يصور المعتدين عليهنّ على أنهم نســويون تقدميون. لقد ساعد انتشار هذه الصورة النسوية الخارجية في إخفاء العنف والتهميش الذي لحق بالمرأة الليبية، ولا شك أن هذا ليس تحرّرًا. ومن أجل المضي قُدمًا، يجب إشــراك المرأة في عملية الســ م وإقامة دولة مدنية في ليبيا، ويجب أن يتحول الهدف الأساســي المتمثل في اندماج المرأة في المناصب التي تُقدم عادة للرجال، نحو الإصلاح الاجتماعي والارتقاء بجميع النساء الليبيات من خلال الجهود التي يبذلنها وليس عبر الدعاية والطاعة لحكم عسكري يهيمــن عليه رجل واحد. يجب تعديل التشــريعات التــي كانت في عهد القذافي،
148
Made with FlippingBook Online newsletter