نحو سياسة جديدة للهجرة والعمالة المهاجرة
ريما كالوش
ترسم مسألة الهجرة في ليبيا صورة قاتمة خطوطها الأساسية تتمثل في المعابر البحرية المميتة، وطرق التهريب الخطرة، ومراكز الاحتجاز المكتظة، وما يمكن أن الذي تمخض عن إسقاط نظام نطلق عليه العبودية الحديثة. لقد سمح الفراغ الأمني 2011 فبراير/شــباط 17 ) في أعقاب ثورة 2011-1969 الرئيس معمر القذافي ( عن حالة نشــطت فيها شــبكات التهريب والاتجار في البشر، وفي بعض الحالات أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الميليشــيات المتصارعة. ومنذ ذلك الحين، أدى تدفق اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين باتجاه أوروبا إلى تخصيص الاتحاد الأوروبي موارد مالية كبيرة للتعامل مع مشكلة المهاجرين خاصة غير النظاميين منهم القادمين من ليبيا. وأصبحت سياسات الهجرة التي تتبعها الحكومات الليبية مرتبطة إلى حد كبير بالمصالح الأوروبية وبخاصة الإيطالية في مقابل هذا الدعم المادي والسياسي. لا شــك أن أزمة الهجرة في ليبيا تظل مشــكلة مؤرّقة لا يمكن معالجتها إلا بالتعاون بين الدول، ومع ذلك، فإن النموذج الحالي لإدارة ملف الهجرة يتطلب إصلاحًا شام ً، ذلك لأن الجهود الحالية تركز على مكافحة الهجرة غير النظامية بــأي وســيلة متاحة قــد أثبتت أنها قليلة الفاعلية؛ إذ إنهــا مبنية على فهم خاطئ للهجــرة وتزيد من حدة انتهاكات حقوق الإنســان. فالهجرة إلى أوروبا عبر ليبيا ليست أزمة قصيرة الأمد يمكن حلها من خلال الحواجز العسكرية على الحدود، بل هي أزمة محتوم استمرارها ما بقيت الصراعات والكوارث المناخية في البلدان المُرسِلة للمهاجرين.
17
Made with FlippingBook Online newsletter