قادة ليبيا الصاعدون: أصوات غير مسموعة لجيل قادم

فوضويا والذاكرة ضبابية. تبدأ ذكرياتي التالية بعد بضع ساعات، عندما صرخ أخي وكانت الدموع تنهمر على وجهه بعد أن علم أن أحد أصدقائه وزملائه " لن أبكي " المتظاهريــن قُتِــل بطلق ناري في الــرأس. لم نكن نعلم أن هذه كانت بداية حرب أهلية مروعة في ليبيا. كنتُ في الرابعة عشــرة من عمري، وكنتُ متحمســة للانتقال من المدرســة المتوســطة إلــى الثانويــة، وكان من الصعب عليّ أن أفهم مــا يجري وأن أواكب الأحــداث. ففــي منزلنا، نادرا ما كانت السياســة تناقَش، خاصة عندما يتعلق الأمر بالقذافي ونظامه. وكانت هناك قاعدة غير مُعلَن عنها في المنزل هي ألا يُذكر اسم الدكتاتور ولا أي شيء عنه. وعندما بدأت الانتفاضة، فهمتُ أخيرا السبب وراء كل هذه السرية. ثم مرت الأيام وعاش الناس في خوف، فقدوا أحباءهم وفقدوا الأشياء الثمينة. الكثيرون تكيفوا مع الوضع، وأجبروا أنفسهم على النسيان والمضي قُدُما، ولذلك فإن مصطلح إزالة التحسس يُناسب التجربة الليبية تماما في هذا الوقت. أما والداي فقد بذلا قصارى جهدهما، كعائلة من الطبقة المتوسطة في وسط مدينة طرابلس، لمنحنا حياة مريحة وآمنة تمكننا من أن ننمو بشكل حضاري وكريم قدر الإمكان. كنتُ الصغرى بين ثلاثة أشــقاء، أختَهم الوحيدة. وفي مجتمعنا عادة مــا تكون خيارات الابنة -والأنثى عامة- محدودة فيما يمكنها فعله مقارنة بالابن، وتتباين التوقعات بشــكل كبير فيما يتعلق بالرجال والنســاء في ليبيا. ففي حين أن والمؤسســات السياســية ( (( هناك تفاؤلا بزيادة مشــاركة المرأة في المجتمع المدني والاقتصاديــة، يظــل التوقع العــام أن مكان المرأة ودورهــا الاجتماعي هو داخل الأسرة. وفي الوقت الذي يُهنأ فيه الرجل على مغادرته البلاد والخروج من منطقة الراحة الثقافية، تُدان المرأة إذا فعلت ذلك. ، ودخلتُ قســم الهندســة في 2015 ومع ذلك بدأتُ الجامعة في أوائل عام جامعة طرابلس. وكســائر النســاء في هذا الفضاء، كان الأمر مثيرا ومقلقا بالنســبة ، المؤسسة الدولية للأنظمة الانتخابية، " 2013 مسح وضع المرأة في ليبيا " عبد اللطيف، رولا، ((( .2013

226

Made with FlippingBook Online newsletter