قادة ليبيا الصاعدون: أصوات غير مسموعة لجيل قادم

لــي. كانــت البيئة لا تزال غير مســتقرة، خاصة أن دروســنا كانت في فترة ما بعد الظهر، وهو الوقت الذي يُغادر فيه أمنُ الجامعة الحرمَ الجامعي، وكان بعض المارة في الشــارع يدخلون لمضايقة الفتيات. كنتُ أرتدي الحجاب (غطاء الرأس) أثناء وجودي هناك، لأن إظهار شــعري من شــأنه أن يجذب المزيد من الانتباه، ومن ثم المزيــد من المضايقات. أمضيتُ ثلاثة أشــهر وأنا أرتــدي الحجاب ثلاثة أيام في الأســبوع، وكان من غير المريح أن أرتدي شــيئًا ضد إرادتي، لا لشيء إلا لحماية نفسي، خاصة أنه كان بمثابة رمز لاستمرار افتقار المرأة الليبية إلى المساواة الكاملة، في بيئة من المفترض أن تعمل من أجل السلامة والتعليم. خلال الشــهر الأول من الجامعة، أرســلتْ لي صديقتي رابطا للحصول على منحة دراســية لدرجة البكالوريوس. وقالــت إن بعض زملائها في الفصل حصلوا على المنحة وســافروا إلى الخارج للدراسة في الجامعة. لم تخطر ببالي أبدا فكرة القيام بذلك، ومع ذلك قررتُ أن أجربها، ولكن الطلب كان معقدا، فتركته جانبا مع الشعور بأن هذه الفرصة كانت بعيدة المنال. بعد يومين رنّ هاتف والدي، وكانت امــرأة تستفســر عن طلبي غير المكتمل، الذي لم أخبــر به والدي. ناولني الهاتف فوبّختنــي المــرأة التي كانت على الخط لأني لم أكمل الطلب في فرصة جيدة مثل هذه. وانتهت المكالمة، وفاجأتني نظرةٌ على وجه والدي توحي بالعزم. بالتغلب على تعقيد المســتندات المطلوبــة، ونقص الكهرباء والضغط، انتهينا -أخيرا- من تقديم الطلب في الوقت المحدد، وبعد بضعة أسابيع تلقيتُ رسالة بريد إلكترونيــة تفيد بقبول طلبي. كان علــي الانتقال إلى الجولة التالية من الاختبارات والمقابلات، التي كنتُ أخوضها لأول مرة. وبعد ذلك تلقيتُ رسالة إلكترونية تفيد بأنني وصلتُ بالفعل إلى المستوى النهائي من عملية التقديم، ولكن لم تعرض علي أي جامعة بعدُ القبول. كانت فترة عصيبة، اســتمرت شــهرا، بلغ التوتر فيها أقصاه، حتــى عرضت علي الجامعــة الأميركية في القاهرة القبول. لقد كانت لحظة غيرت حياتــي، ولــم أكن متأكدة مما إذا كنتُ قادرة على التعامل مع مثل هذا التحول في

227

Made with FlippingBook Online newsletter