أما العنف، وبالأخص المرتبط بالتشــدد الديني، فبعد أن سلط الكتاب الضوء عليــه مــن خلال نموذج العنــف الديني في بنغازي خلص إلى أن المســؤول عن تصاعد التطرف واشــتداد موجة العنف والإرهاب في المقام الأول هو حكم الفرد والطغيــان الــذي صاحبه، وأن الســبيل إلى إنهائه يأتي عبر الديمقراطية، وســماع أصوات المهمشين، وإفساح المجال أمام الحلول السياسية لتحل محل الصراع. وكان للنظام القضائي الليبي مكان في هذا الكتاب كما رأينا من خلال استعراض المراحل التي مر بها، وقد خلص إلى أن الحاجة ماســة إلى إنشــاء قضاء مستقل يخدم المواطنيــن وفقًــا للمعايير القانونية الدولية، وأن الطريق إلى ذلك يمر عبر الاســتقلال الكامل لمجلس القضاء الأعلى لأنه يعزز الفصل بين السلطات ويحمي مؤسسات الدولة ويقوي اســتقلال الســلطة القضائية، كما يأتي أيضا من خلال الدستور والقانون الليبي الذي يجب أن يتبنى مجموعة من المعايير والإجراءات لتعيين أعضاء السلطة القضائية وترقيتهــم وعزلهم وتنظيم الإجراءات التأديبية المتخذة بحقهم وفقًا للســلوك القضائي المستقر، وأن لا يكون للسلطة التنفيذية أي دور في تعيين أعضاء مجلس القضاء الأعلى لضمان الفصل الكامل بين السلطات واستبعاد أي تأثير سياسي محتمل على القضاء. عالج الكتاب أيضا مشــكلة تســييس القبلية في المجتمع الليبي سواء في عهد القذافي الذي عزز الهوية القبلية ووضعها أعلى هرم السلطة في محاولة منه لإلغاء النفــوذ الليبرالي الغربي في البلاد ومنع إجــراء انتخابات ديمقراطية، أو من خلال محاولات اللواء المتقاعد خليفة حفتر الذي أحيا النعرات القبلية في ليبيا ليستغلها .2014 في الوصول إلى الحكم وبالأخص بعد إعلانه عن عملية الكرامة عام وناقش الكتاب كذلك تشــكل الدولــة الليبية وخلص إلى أن التفكك الحالي للســلطة وانتشار الميليشــيات والتنظيمات الإجرامية كان لغياب المؤسسات نتيجة لحكم القذافي الشــمولي، فضلا عن انتشــار ثقافة سياســية مشوشــة تم اختراقها .2011 فبراير 17 وتوجيهها من قبل مختلف الفاعلين السياسيين بعد ثورة أما فيما يتعلق بوضع المرأة الليبية فقد استعرض الكتاب ما كانت عليه إبان حكم القذافي وما يريد اللواء المتقاعد خليفة حفتر أن تكون عليه إذا آلت الأمور إليه، وخلص الكتاب إلى أن القذافي وحفتر كليهما بذلا محاولات دؤوبة لجعل المرأة تذعن للنظام وتدين له بالولاء، وأنهما استعملا في ذلك شتى أنواع الدعاية ومنها استعمال الخطاب النسوي التقدمي لكن الحقيقة أنهما يستغلان المرأة ويجوران على حقوقها.
234
Made with FlippingBook Online newsletter