قادة ليبيا الصاعدون: أصوات غير مسموعة لجيل قادم

عند التحدث عن المصالحة، دائما ما يتولد صراع بين العدل والسلام؛ أيهما يأتي أولا؟ هل نحاول تحقيق الســ م أو ً، أي منح العفو للمســؤولين من أجل تهدئة الأمور والقدرة على تعايش بعضنا مع بعض، وهو ما من شأنه تأخير عملية العدالة؟ أم أن محاكمة الجناة وكســر حلقة الإفلات من العقاب أكثر أهمية؟ وإذا بدأنا بهذا فربما تتعرقل عملية المصالحة؟ النظام القضائي في ليبيا حاليا غير مستقل، وبالتالي فهو غير قادر على إجراء محاكمــات عادلــة وفعالة فيما يتعلق بما حدث خلال النزاعات المســلحة والظلم الذي وقع على كثير من أبناء الشــعب الليبي. وأي عدالة قد يوفرها ســتكون إما منحــازة أو غير ملائمة؛ لذلــك فإن أهم خطوة في الوقت الحالي هي العمل على ضمان استقلالية القضاء. وأقصد هنا الاستقلالية الفعلية التامة؛ إذ إن مسودة الدستور الليبي ضمنت استقلالية القضاء، ولكن الواقع غير ذلك. وعلــى الرغم من ذلك، فإن عمليــة المصالحة يجب ألا تضحي بالعدالة من فالعدالة جزء من عملية المصالحة لا يمكن الاستغناء عنه، ولكن ( (( أجل الاستقرار. مــن أجــل المضي قدما يجب النظر إلى العدالــة بطريقة مختلفة؛ فالعدالة لا تعني العقاب فحســب، بل هناك ســبل أخرى لتحقيقها. فهي تنطوي أيضا على عدد من العناصر التي تكمل العقوبة القضائية كالاعتراف بالذنب وتعويض الضحايا وتدابير المجتمع المدني التي تعزز الحوار وتضميد الجراح والتغلب على الكراهية، وكذلك الاعتذار والعفو، ولكن ليس على حساب العقاب العادل. فمثــ إذا نظرنــا إلى تجربة جنوب إفريقيا فســنجد أنها مــن أنجح تجارب المصالحة مع أن الانقســام والخلاف بين المجتمع هناك متجذر وواضح. شــكل نيلسون مانديلا لجنة الحقيقة والمصالحة عقب انتهاء حقبة الفصل العنصري، وبدلا عــن العدالة التقليدية التي تتمحور حــول الجاني وتقديمه إلى المحاكم، اعتمدت (1) Roht-Arriaza, N. "The new landscape of transitional justice" in Naomi Roht-Arriaza and Javier Mariezcurrena (eds.) Transitional justice in the twenty-first century: Beyond truth versus justice , (Cambridge University Press, 2006), p. 1-16.

61

Made with FlippingBook Online newsletter