القرن الإفريقي عمقًا استراتيجيًّا خليجيًّا

دول المنطقة، ويتضح ذلك جليّا في حالات النزاع بين السودان وتشاد، والسودان وإريتريــا، وجيبوتي وإريتريا، وإيوبيــا وإريتريا. أما في مجال إعادة الإعمار فيمكن الإشــارة إلى مشروعات الكويت في شرق الســودان والصومال، ومشروعات قطر في دارفور والصومال، والمشــروعات الكثيرة التي تنفذها السعودية والإمارات في معظــم أقطار القرن الإفريقــي. ومع ملاحظة أن أطروحة الكاتب تتجه في عمومها نحــو ترجيــح الجانب الإيجابي في العلاقة إلا أنه لــم يتخل عن الموضوعية ولم ينكــر مــا تثبته الأرقام من أن هنــاك ضعفًا ملحوظًا في النمــط الأكثر أهمية وهو نمط التبادل التجاري والتنمية المســتدامة. باســتثناء جيبوتي والسودان، يظل حجم التبــادل التجاري بين دول الخليج ومنطقة القــرن الإفريقي متواضعا، رغم الجوار " المهددات " الجغرافــي والصــ ت التاريخية والثقافية. وهذا يعني أنــه إلى جانب داخلية، ســواء كانت في المجال السياســي أو " محددات " الخارجيــة توجد أيضًا الاقتصــادي أو الاجتماعي. وتبعًا لهــذا فإن الخلاصة التي انتهى إليها هي ضرورة الاعتماد على المشــاريع التنموية التي تقوم على مفهوم المنافع المشتركة، وتسعى لمواجهــة واقع التهميش والفقر الذي تعانيه الشــعوب فــي بلدان القرن الإفريقي، ووضع أســس للتنمية المســتدامة تعكس حقيقة المصالح الحيوية بين دول الخليج ودول القرن الإفريقي. ، ولكن الســرعة 2018 إلى 2001 لقد حصر الباحث دراســته في الفترة من التي تتحرك بها رياح السياسة تفوق سرعة الباحثين. فما أن يفرغ باحث من الكتابة ويضع القلم حتى تدخل في المشهد السياسي متغيرات لم تكن في الحسبان، وتبرز فــي الأفق تيارات لــم تكن بادية للعيان. ولكن ما يحســب لصاحب هذا الكتاب أنه تجنب التعميمات المفرطة في التفاؤل، واســتطاع بحس الباحث الحصيف أن للعمق الاســتراتيجي الخليجي في " نموذجًا تصوريّا " يقدم للقراء (ولصناع القرار) منطقة القرن الإفريقي يمكن أن يصمد أمام التغيرات. يركز هذا النموذج، بتقديره، على شراكة حقيقية، قوامها المصالح الاستراتيجيّة المشتركة، والقضايا ذات المصير المشــترك بين منطقة الخليج العربيّ وبلدان القرن الإفريقي. وتهدف تلك الشــراكة إلى تحقيق الوظائف الأساســية في النظام الإقليميّ، الذي يجمع المنطقتين، وهي

11

Made with FlippingBook Online newsletter